دعا المشاركون في اليوم الدراسي المنظم من قبل غرفة التجارة والصناعة الحضنة نهاية الأسبوع بالمسيلة، حول المصارف والبنوك تحت عنوان «فعاليات التمويل البنكي في الاستجابة للاحتياجات المالية للمؤسسات الاقتصادية»، إلى ضرورة فتح قنوات الاتصال بين المؤسسات الاقتصادية والبنوك لتبادل الأفكار وتطويرها والعمل على المرافقة المالية والاهتمام بالمحيط بهدف دعم المؤسسات الاقتصادية عن طريق التعريف بالإجراءات الجديدة.
نشّط اليوم الدراسي الذي حضره مدراء ومسيرو المؤسسات الاقتصادية وكبار المستثمرين والمهتمون بالاستثمار وإطارات جامعية وخبراء وغيرهم، كل من مدير غرفة التجارة والصناعة الحضنة بنية مقداد ومدير الصندوق الوطني لضمان القروض خلاف عبر الرؤوف وإسماعيل ديلمي ومدير بنك السلام ناصر حيدر، حيث تطرق هذا الأخير بالشرح المفصل لعمل البنوك الإسلامية من خلال التطور الذي عرفته انطلاقا من المعاملات التي تختلف عن عمل البنوك العمومية، مؤكدا في مداخلته أن العمل المصرفي الملزم بقواعد الشريعة الإسلامية للمؤسسات الاقتصادية تعتبر تجربة ناجحة، خاصة وأن أول ظهور كان لها حسبه بمصر ودبي.
وأشار ناصر حيدر إلى أن ظهور البنوك الإسلامية في الجزائر كان بسبب رفض رجال المال الجزائريين التعامل مع مصارف المعمرين لنسبة الربا التي تفرضها، مضيفا أن البنوك الإسلامية تحولت اليوم إلى تجربة عالمية وتعرف نموا جد متزايد وسوف تصل خلال السنة القادمة إلى 2000 مليار دولار كمعاملات تسير حسب قواعد الشريعة الإسلامية، التي أصبحت صناعة مالية مهيكلة منظمة ومؤطرة استهلكت جهدا كبيرا لوضع معايير إسلامية تعتمد على تجاوز الخلاف الحاصل بين المذاهب الفقهية كفقه المعاملات اعتمادا على نظريات مجمع الفقه الإسلامي، حيث تم استحداث 26 معيارا محاسبيا يعمل وفق مقتضياتها الشرعية تندرج في إطار ضبط عمل المؤسسات الاقتصادية الملزمة بقواعد الشريعة الإسلامية.
وبالعودة للحديث عن المصارف الجزائرية، أكد مدير بنك السلام أن أول تجربة جزائرية في البنوك الإسلامية كانت عبر بنك البركة سنة 1991،حيث اعتمد لأول مرة بالجزائر وفتح المجال المصرفي كاستثمار خاص عبر بوابة البنوك الإسلامية، وظهرت بعده العديد من البنوك الإسلامية والتي تشهد اليوم إقبالا متزايدا على خدماتها، وهو ما دفع بعدة بنوك أخرى إلى فتح نوافذ بنكية بالجزائر.
خصوصيات النّموذج المصرفي الإسلامي وأشكال التّمويل
عدّد ناصر حيدر مدير بنك السلام العديد من الخصائص المميز للنظام المصرفي الإسلامي وعلى رأسها الوساطة المالية غير الربوية، وانتقد بشدة الوساطة المالية التقليدية معطيا البديل الذي تقوم به المؤسسات المالية من خلال إحلال عملية الإقراض لأن القرض حسبه وحسب المصارف الإسلامية لا يمكن أن يكون بعائد مالي نظير المشاركة في رأس المال للمضارب في الربح تحت قاعدة «إذا أردت عائدا عن مالك لابد من مشاركة المخاطر وإسقاط الضمان».
وعن الخاصية الثانية التي يتميز بها النظام المصرفي الإسلامي حسبه، أنه خاضع لنظام متكامل للرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي الداخلي، يتحرى كل المعاملات المحررة للعقود، بالإضافة إلى وجود جهات تدقيق خارجية مكونة من 5 دكاترة متخصصون في فقه المعاملات المصرفية. وأضاف ناصر حيدر خلال عملية الشرح أن البنوك الإسلامية تسعى إلى تقديم بديل مع مراعاة التمويل المصرفي الحديث، فمن حيث المبدأ يدخل البنك الإسلامي كشريك اقتصادي توزع خلاله المخاطر والمسؤوليات في المشروع أو أي نشاط بصفة مادية بين المصرف والمعامل والعلاقة لا تعتبر دائن ومدين فحسب بل هي شراكة قائمة على معادلة (رابح – رابح). وأما بالحدث عن شك التمويل من حيث الممارسة، نوّه مدير البنك إلى أن تحقيق العمليات المصرفية يهدف إلى رفع التحديات وإعادة تصميم المنتجات البنكية وفقا لمبدأ الشريعة الإسلامية لكل مستحقات التمويل الغير ربوية.
اقترح ناصر في خلاصة كلامه مراجعة التمويل البنكي وتحسين نوعية المعلومات من السندات المالية وتأسيس علاقة مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مبنية على أساس تفاعلي للتحكم في الاحتكار وكذا ابتكار أدوات مالية جديدة كبدائل وتنشيط إجراءات وعقود التمويل والمساهمة الفعالة في إعادة القدرة الشرائية، وتطوير تجربة القرض الحسن وكذا تطوير تجربة الوقف النقدي وإنشاء مشروع تعيين مستحقات جديدة على منوال نموذج التمويل الابتكاري مع مراجعة تقييم هيكلة وظيفة التمويل.
ومن جانبه عبد الرؤرف خلاف المدير العام لصندوق ضمان القروض، أكد في مداخلته أن أسباب ضعف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في خلق الاستثمار هو غياب الضمان، وإن نجاح المؤسسة هو مسايرة الإجراءات الجديدة التي تم استحداثها مؤخرا على غرار إعادة بعث الوكالة الوطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإنشاء صندوق الانطلاق لتشجيع المؤسسات المتخصصة في الابتكار وتسهيل حصولها على العقار الصناعي وتخصيص حصص من الممتلكات العمومية للتنافس مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار خلاف إلى أن صندوق ضمان القروض أنشئ لأجل مساعدة أصحاب المشاريع في ظل طلب البنوك 30 بالمائة كمساهمة مالية في المشروع، وضمانات عينية التي غالبا لا يستطيع طالب الاستثمار تحقيقها، حيث يتم ضمانها من قبل صندوق ضمان القروض وفق أربعة أشكال لضمان القرض تعلق بإنشاء مؤسسه جديدة أو توسعة نشاط أو تجديد العتاد أو تجديد أجهزة الإنتاج. وفيما يخص اخذ مساهمات فهي تخص المؤسسات التي تنتج أو تقدم خدمات والمؤسسات التي تستخدم في تخفيض الموارد أو المؤسسات التي تستخدم في تطوير التكنولوجيات الحديثة، والاهم من هذا فإن هذه الأحقية في التمويل تخص بالدرجة الأولى تدعيم المؤسسات التي توظف اكبر عدد =من اليد العاملة.
وأما مدير غرفة التجارة والصناعة بنية مقداد، فقد حمل المسؤولية للبنوك التي ما زاد لم تواكب التطورات الحاصلة خاصة في عملية التمويل والانغلاق على نفسها، واعتبر الإلمام بالمحيط الاقتصادي هو أفضل ضمان لدعم المؤسسات الاقتصادية عن طريق التعريف بالإجراءات الجديدة للدفع بالاقتصاد وتشجيع المنتوج المحلي من خلال تسهيل الإجراءات المصرفية، منتقدا الإجراءات المنتهجة على مستوى المصارف في ظل الدهنيات التي لم تتغير، والتي سوف تقف حسبه كسد منيع ضد التنمية المحلية، لذا وجب حسب المتحدث تغييرها لتجاوز المرحلة الحالية والقادمة، داعيا في كلامه إلى انخراط المصارف والبنوك يعتبر أمر جد مهم خاصة بتعدد المنتجات من شانه أن يدفع الاقتصاد إلى الانتعاش المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قصد الوصول إلى الفعالية الحقيقة التي يبغي على المصارف أن تتحلى بها لتعزيز عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
من جهته، أكد اسماعيل ديلمي رئيس المنتدى الولائي لرؤساء المؤسسات أن التمويل، يعتبر عصب الاستثمار في ظل المناخ الاقتصادي السائد وانه لا بد أن يحظى باهتمام كبير للحصول على وسط استثماري ناجح بالإضافة إلى تطوير الموارد البشرية التي تعتبر هي الأخرى ذات أهمية بالغلة في أي عملية إنتاجية.
وفي ختام حديثه، دافع اسماعيل ديلمي عن الكفاءات المتواجدة بالمؤسسات المالية، وكذا الاهتمام أكثر بحل الوضعية المتداخلة بين الأسواق والقيم ووسائل الإنتاج التي تقتضي حسبه تنظيم مختلف العلاقات المتعلقة بالعملية الإنتاجية.