تعد كركوك من أقدم المحافظات العراقية الغنية بالنفط، وتمثل خليطا من الأكراد والتركمان والعرب وقوميات أخرى، وظلت محل توتر مستمر بين الحكومة المركزية في بغداد وأربيل.
وتمتد كركوك على مساحة عشرة آلاف كيلومتر مربع، وتبعد عن بغداد نحو 250 كيلومتر، ويقدر عدد سكانها بنحو مليون ونصف المليون نسمة، بين كرد وعرب وتركمان وقوميات أخرى.
وتمتاز هذه المحافظة بمخزونها النفطي الهائل، وتشير التقديرات إلى أنها تنتج 40% من إجمالي النفط العراقي، و70% من الغاز الطبيعي الذي ينتجه العراق بوجه عام.
منطقة نزاع
بسبب موقعها الجغرافي وثرائها الاقتصادي، ظلت هذه المحافظة منذ فترة مبكرة من تاريخ العراق الحديث منطقة نزاع وتوتر بين بغداد وأربيل، واستمرت كذلك خلال الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وما بعده.
وضعت كركوك بموجب المادة 140 من دستور العراق، الذي أقر في 15 أكتوبر 2005، ضمن ما تسمى المناطق المتنازع عليها بين السلطة المركزية في بغداد وإقليم كردستان العراق، وهي المناطق التي وصفها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مؤتمر صحفي عقده في الثالث من أكتوبر 2017 بأنها مناطق محتلة من قبل الإقليم الذي استولى عليها منذ عام 2003 بشكل تدريجي، مستغلا انشغال القوات العراقية بمحاربة ما أسماه الإرهاب.
ووفقا لهذا البند، تتولى الحكومة الاتحادية ببغداد إدارة هذه المحافظة، لكن الواقع على الأرض يظهر أن الأكراد عملوا ومنذ الاحتلال الأميركي، وحتى قبله، على فرض هيمنتهم عليها، حيث عملت الأحزاب الكردية طوال تلك الفترة على ربطها بالمناطق ذات الأغلبية الكردية، على غرار محافظات كردستان الثلاث: السليمانية، وأربيل، ودهوك.
واتسعت هيمنة الأكراد على كركوك في ظل اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية الارهابي أجزاء كبيرة من شمال وغرب البلاد، حيث تمكنت قوات البشمركة من دخول المحافظة في جوان 2014، بعد طرد التنظيم الدموي الذي بقي مسيطرا على مناطق أخرى مجاورة.
ويُتهم الأكراد بإحداث تغيير ديمغرافي في المحافظة العراقية بهدف ضمها لإقليم كردستان، وهو ما أشار إليه أرشد الصالحي رئيس الجبهة التركمانية النائب عن محافظة كركوك بقوله في بيان له في 27 أفريل 2017؛ إن السلطات الكردية في المحافظة تعمل على تغيير التركيبة السكانية.
الاستفتاء
ورغم الاعتراضات القادمة من حكومة بغداد ومن الكتلتين العربية والتركمانية، أقر مجلس كركوك في أفريل 2017 إجراء استفتاء على انضمام المحافظة لإقليم كردستان، وأعلن في الوقت نفسه تمسكه برفع العلم الكردي فوق المؤسسات الحكومية في المحافظة.
كما صوّت مجلس محافظة كركوك في 29 أوت 2017 بالأغلبية على مشاركة المحافظة باستفتاء استقلال كردستان.
وتوالت الخطوات الكردية للسيطرة على المحافظة الغنية بالنفط، بإدراجها من قبل قادة إقليم كردستان ضمن استفتاء الانفصال عن بغداد، الذي جرى في 25 سبتمبر 2017.
وتسببت تلك الخطوات في المزيد من التوتر بين الأكراد وحكومة بغداد، التي عارضت الاستفتاء بحجة معارضته لدستور العراق الذي أقر عام 2005، كما عارضته المكونات الأخرى التي تقطن كركوك، واعتبرت القوى العربية والتركمانية القرار بمثابة «احتلال كردي» وبداية لانقسامات كبيرة.