تناقش لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، غدا، مشروع القانون المتمم للأمر رقم 03-11 المؤرخ في 27 جمادى الثانية عام 1424 الموافق لـ26 أوت 2003، المتعلق بالقرض والنقد بغرض إدراج أداة جديدة للتمويل تعرف بـ»التمويل غير التقليدي» أو»التسهيلة الكمية».
وتتعلق هذه الأداة بتعديل ذي طابع انتقالي يكون تنفيذه محدودا في الزمن، حيث تمت صياغته ضمن مادة واحدة لا تؤثر في مضمون بقية أحكام الأمر رقم 03-11 المتعلق بقانون القرض والنقد.
ويرخص مشروع هذا القانون -الذي تحوز «وأج» على نسخة منه - لبنك الجزائر بصفة استثنائية وخلال فترة خمس سنوات للقيام بالشراء المباشر للسندات الصادرة عن الخزينة قصد تغطية حاجيات تمويل الخزينة وتمويل تسديد الدين العمومي الداخلي، والسماح للخزينة عند الحاجة بتزويد الصندوق الوطني للاستثمار بموارد في إطار مساهمات الدولة في الاستثمارات أو التمويلات طويلة المدى لبرامج الاستثمار العمومي.
وتهدف الحكومة من خلال استحداث هذه الأداة لمنع العودة إلى المديونية الخارجية.
وكان الوزير الأول أحمد أويحيى قد أبدى رفضه لخيار العودة إلى الاستدانة الخارجية الأسبوع الماضي، قائلا إن :» البلاد ينبغي أن تعود إلى المشاريع الكبرى وتثمين الصادرات نحن لا نرغب في أن نكون مدينين من جديد».
وركز مصممو مشروع هذا القانون -الذي سيتم عرضه في جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني قريبا- على تمويل تسديد الدين العمومي الداخلي لاسيما سندات القرض الوطني للتنمية لسنة 2016 وسندات الخزينة الصادرة مقابل إعادة شراء الدين البنكي لشركة سونلغاز وسندات الخزينة الصادرة لفائدة شركة سوناطراك تعويضا عن فوارق أسعار الوقود المستوردة والمياه المحلاة.
وتكتسي هذه الأداة غير التقليدية -التي ستسمح للخزينة بتعبئة تمويلات استثنائية- طابعا انتقاليا محدودا في مدة قدرها خمس(5) سنوات سيكون استعمالها مؤطرا بشكل مضبوط وخاضعا لمتابعة متواصلة.
وستتم مراقبة تنفيذ الحكم موضوع هذا المشروع عبر متابعة معايير النجاعة من خلال إجراء سيتم اتخاذه عن طريق التنظيم.
كما ترمي الحكومة من خلال العودة إلى هذه الأداة أيضا إلى مرافقة برنامج إصلاحات اقتصادية وميزانية سيفضي - بفضل عقلنة النفقات العمومية وتحسين تحصيل الموارد الجبائية- إلى تحقيق التوازنات الاقتصادية الكلية والمالية لاسيما تحقيق توازنات خزينة الدولة وتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات.
وتتمم أحكام الأمر رقم 03-11 المؤرخ في 27 جمادى الثانية عام 1424 الموافق لـ 26 أوت 2003 والمتعلق بالنقد والقرض المعدل والمتمم بمادة 45 مكرر محررة كما يلي:
« المادة 45 مكرر: بغض النظر عن كل حكم مخالف، يقوم بنك الجزائر ابتداء من دخول هذا الحكم حيز التنفيذ، بشكل استثنائي، ولمدة خمس سنوات، بشراء مباشرة عن الخزينة السندات المالية التي تصدرها هذه الأخيرة من أجل المساهمة على وجه الخصوص في:
- تغطية احتياجات تمويل الخزينة
- تمويل الدين العمومي الداخلي
- تمويل الصندوق الوطني للاستثمار
تنفذ هذه الآلية لمرافقة تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والميزانية والتي ينبغي أن تفضي في نهاية الفترة المذكورة أعلاه كأقصى تقدير إلى :
- توازنات خزينة الدولة.
- توازن ميزان المدفوعات.
تحدد آلية متابعة تنفيذ هذا الحكم من طرف الخزينة وبنك الجزائر عن طريق التنظيم».
يذكر أن الجزائر تواجه منذ ما يقارب أربع (4) سنوات صدمة مالية خارجية ناجمة عن تراجع أسعار النفط في السوق العالمية ترتب عنها انخفاض ملحوظ يفوق نسبة 50 في المائة من العائدات الناجمة عن صادرات المحروقات.
ولقد كان لهذا الانخفاض تأثير سلبي من جهة على ميزان المدفوعات الذي سجل ابتداء من 2014 عجزا تفاقم في 2015 و2016 ومن جهة أخرى في ميزانية الدولة وذلك في ظرف تميز بمواصلة الجهود التنموية.
ونتيجة لذلك تم استهلاك كل الاحتياطات العمومية مما دفع بالخزينة إلى تعبئة موارد إضافية من خلال اللجوء إلى قرض سندي وطني حيث استفادت الخزينة من فوائد معتبرة تم اقتطاعها من نتائج بنك الجزائر.
وعلى الرغم من كل هذه المساهمات تبقى الخزينة في حاجة إلى التمويل بقيمة تفوق 500 مليار دينار بالنسبة لسنة 2017.
وسيزيد بقاء الأسعار في الأسواق البترولية عند مستوياتها الحالية من حدة الضغوط على خزينة الدولة على الأمدين القصير والمتوسط، وبذلك تشكل هذه التصورات خطرا كبيرا على قدرات الدولة في مواصلة جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية علما أن السوق النقدية والمالية الداخلية تشهد انكماشا في قدراتها مما يحد من إمكانيات تمويل الاستثمار الاقتصادي.
وكانت السلطات العمومية قد قامت بمنع اللجوء إلى المديونية الخارجية للاستعاضة عن الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، وعليه قررت اللجوء إلى هذه الأداة التي تم استعمالها خلال السنوات الأخيرة عبر العديد من الدول.
يذكر أن هذه الأداة التي استعملت لأول مرة في اليابان في سنوات التسعينات، استعملت أيضا في الولايات المتحدة الأمريكية ثم في أوروبا بعد الأزمة المالية العالمية التي برزت في 2007.