بعد إنتصار صمود أهلنا في القدس وتلاحم جماهيرنا ورفض القيادة الفلسطينية أي إجراء ومساس بالمسجد الأقصى والمقدسات والوضع القانوني والانساني، والسياسي لمدينة القدس، على أساس أنها بؤرة الصراع وتخضع لقرارات دولية خاصة، عملت «اسرائيل» ومن خلال حكومة نتنياهو المتطرفة، على تعريض المنطقة بكاملها الى أتون صراع ساخن وتفتعل الأسباب التي تؤدي الى ذلك، من خلال قرار شرطتها العنصرية المرفوض «اغلاق مكاتب داخل باحة الحرم القدسي لا سيما باب الرحمة ومحاكمة دائرة أوقاف القدس أمام محاكم الاحتلال واعتبارها - منظمة ارهابية.».
وهذا ما رفضته جملة وتفصيلا الأوقاف والشؤون والـمقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، على إعتبارها صاحبة الصلاحية الحصرية في الإدارة والإشراف والإعمار لهذه الـمقدسات وعلى رأسها الـمسجد الأقصى الـمبارك، وتأكدت تلك الصلاحية في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994.
إعادة تثبيت المواثيق والاتفاقيات بين «إسرائيل» والأردن
جاء ذلك بإتفاق فلسطيني أردني، ليتم بعد ذلك إعادة تثبيت الـمواثيق والاتفاقيات بين «اسرائيل»، والأردن، بما يخص تحديدا المسجد الأقصى الـمبارك/الحرم القدسي الشريف, حيث أجبرت حكومات «اسرائيل» بالعمل وفق القرار الأممي الذي يرفض المساس بالوضع التاريخي والثقافي والتراثي والانساني والديني لمدينة القدس، لكن تلك الحكومات مارست التهويد والاستيطان والتوسعة والحفريات تحت وفوق وبجانب المسجد الأقصى، وجاءت حكومات نتنياهو المتعاقبة، وواصلت عمليات التهويد والاستيطان وتهديد المقدسات الدينية، والمواجهة المباشرة مع الآمنيين من المصلين، ومنع رفع الآذان ومحاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، وقامت مؤخرا بتجاهل قرارات مجلس الأمن واليونسكو والشرعية الدولية التي تعتبر أي إجراء أو قانون أو حكم محكمه صادر عن سلطة الاحتلال باطل ولاغي ويجب إلغاءه.
ان «اسرائيل» التي تمارس العنصرية والعنجهية وتنتهك كل حقوق اﻻنسان الفلسطيني والمتهمة بجرائم الحرب، لن تنجح في تنفيذ قانونها الذي يعتبر دائما ان الفلسطيني متهم وارهابي، وبل تنفذ بحقه الاعدام والحرق والتدمير سواء على الحواجز او في الشوارع او حتى في أماكن العبادة، وكل هذه اﻻجراءات والتصرفات واﻻساليب العنصرية تؤكد أن الحكومة الاسرائيلية برئاسة «نتنياهو» تعمل على خلط اﻻوراق القانونية والتغول على القرارات والمواثيق واﻻتفاقيات الدولية وتلك الخاصة بوضع القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية.
محاوﻻت إخضاع الأوقاف المسؤولة عن الأقصى للقانون الإسرائيلي
ان ما يتم اليوم من محاوﻻت ﻻخضاع اﻻوقاف المسؤولة عن اﻻقصى للقانون اﻻسرائيلي يعتبر انتهاكات للقانون الدولي ولحرية العبادة وممارسة الطقوس الدينية والتي خلصت لها اﻻتفاقيات الدولية والقانونية، وتحاكم عليه «اسرائيل» في المحاكم الدولية ذات العلاقة.
وتقوم «اسرائيل» بتلك اﻻجراءات والقرارات استباقا للدورة القادمة للجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ستنطلق من نيويورك بعد عدة أيام، ورفضا وإفشالا الجهود الدولية وخاصة الأمريكية «الضعيفة»، والتي وعدت عبر وسطائها أن لديها خطة لإحلال السلام، وحل الصراع.
إن نتنياهو الغارق في أزماته الداخلية، لا يمكنه أن يدخل في مسيرة سلمية حقيقة، لأنه وحكومته لا يعنيهم الأمر، وغير مؤهلين لذلك الدور، ولا يمكن أن يكونوا شركاء، ونلاحظ حجم تصعيد نتنياهو في المنطقة، حيث يدفع بها أن تكون على حافة حرب، مرورا بجنوب لبنان وسوريا، وغزة والضفة الغربية واليوم مدينة القدس والمسجد الأقصى تحديدا، وكأنه لم يستخلص النتائج من المعركة المصيرية والتي نجح فيها الفلسطينيون على إجبار حكومته وشرطته للتراجع وفتح البوابات بالرغم من كل ممارسات القمع والاعتقال والقتل والعنف وانتهاك حقوق الانسان التي مارستها ضد الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة.
منع انزلاق المنطقة إلى أتون حرب
إن جهودا سريعة، على الصعيد الاقليمي والدولي يتوجب أن تتم لمنع انزلاق المنطقة الى أتون حرب، وكما تستوجب هذه التطورات موقفا فلسطينيا موحدا ووحدويا، يبدأ من انهاء الانقسام وتشكيل حكومة وطنية، للحفاظ على القدس، ومواجهة أي عدوان اسرائيلي محتمل على مناطقنا الفلسطينية.
إن إلزام «اسرائيل» تطبيقا وتنفيذا بالقرارات الدولية، يبدأ بأن تكون دولة فلسطين عضوا كامل العضوية والسيادة والصلاحيات في الأمم المتحدة، أسوة بكل دول العالم، وأن ينعم الفلسطيني بالحياة الانسانية وحق العودة فوق ارضه وأن يمارس معتقداته وطقوسه وعباداته الدينية دون أي عدوان عليه أو اتهامه بالارهاب أو محاكمته لأنه يقاوم الاحتلال وفق قرارات الشرعية الدولية التي تمنح الحق للسكان تحت الاحتلال بمقاومة الاحتلال بكل الطرق المشروعة، حتى زواله.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.