طباعة هذه الصفحة

اختيـار تيبـازة ولايـة نموذجية فــي الاقتصـاد الأخضـر

صناعــة “الكومبوست”

استطلاع:سهام بوعموشة

مشروع بيئي واعد كفيل بتحقيق الرّفاهية ومحاربة التّبذير

تتّجه الزراعة اليوم إلى استخدامات الأسمدة العضوية، حفاظا على صحة الإنسان واستدامة الأرض الفلاحية، خاصة بعد أن أثبت العلم مدى خطورة الأسمدة الكيمياوية وتسبّبها في كثير من الأمراض لاسيما السرطان منها، ما دفع بعض الشباب للتفكير في استعمال تقنية جديدة لها انعكاسات إيجابية على الأرض والإنسان، على غرار “الكومبوست”، أو ما يعرف بإعادة رسكلة النفايات المنزلية لتصنيع سماد عضوي يستخدم في الزراعة.
 هذه الخطوة مطلوبة بكثرة في العالم كونها تقلّل من آثار تلويث البيئة على اعتبار أنّ الأسمدة الكيميائية لها آثار سلبية، وتلح المنظمة العالمية للصحة على اعتماد أسمدة صحية، خاصة وأن الطلب العالمي يتجه الى استهلاك المنتوجات العضوية أو مايعرف بـ”البيو”، وفي الجزائر حظي هذا الاكتشاف بالاهتمام،حيث سعى لتجسيد مشروع الاقتصاد الأخضر المختص في الرسكلة بن كراديجة محمد أمين بداية من بومرداس ليحوّله إلى تيبازة، حيث وجد البيئة المناسبة، وعليش خوخة الحاصلة على شهادة ماجستير في العلوم الفلاحية، بعدما تمكنا من افتكاك الموافقة البنكية للتمويل عن طريق وكالة دعم تشغيل الشباب “أنساج”.
«الكومبوست” حسب ما يعرّفه المختصون، هي كلمة جاءت من “كمبوستنغ” تعني تخمر هوائي، وهي تجميع النفايات المنزلية من قشور الفواكه والخضار، الأوراق الجافة والرطبة، لحاء الأغصان، بقايا الأشجار، فضلات الحيوانات والطيور، بقايا المحاصيل، قشور البيض، الورق، عظام ولحوم الحيوانات، إلى أسمدة عضوية تستخدم لتغذية التربة بعد خلطها، نظرا لاحتوائها على البكتيريا النافعة ومفيدة للنباتات، يمسك أكبر كمية من الماء، ممّا يجعله جيد للنباتات والاقتصاد في الماء، وأقصى مدة يأخذها الكومبوست في التحلل هي 18 يوما بشرط أن تتوفر الحرارة والرطوبة والتهوية اللازمة.
تولي مديرية الصناعة والمناجم بتيبازة مشروع صناعة الكومبوست أهمية كبرى من خلال مرافقة متواصلة لمجموعة المهتمين به، والذين أجروا تكوينا متخصصا في هذا المجال منذ أكثر من سنة، بحيث حظيت ملفات حاملي مشروع مماثل بالقبول لدى وكالة دعم تشغيل الشباب “أنساج”،
وبلغت مرحلة التمويل البنكي، فيما تبقى الاتصالات جارية على قدم وساق مع أعضاء المجموعة لغرض مرافقتهم في عملية تجسيد مشاريعهم البيئية على أرض الواقع.
في هذا السياق، أكّد الإطار المكلف بمتابعة المشروع على مستوى مديرية الصناعة والمناجم ماموني أمين، بأنّ الأمر يندرج ضمن مسعى اختيار تيبازة كولاية نموذجية في الاقتصاد الأخضر، بحيث تمّ إطلاق حملة ترويجية وإعلامية واسعة سنة 2014 لانتقاء مجموعة من الشباب المهتمين بهذا المجال، ليتم الاتفاق أخيرا على اعتماد مشروع رسكلة نفايات الخضر والفواكه بسوق الجملة للحطاطبة، وتحويلها إلى أسمدة طبيعية في بادرة هي الأولى من نوعها بالجزائر.
 خلصت اللجنة الولائية المتعددة القطاعات المعنية، بتجسيد مشروع الاقتصاد الأخضر إلى اقتراح تكوين المهتمين الذين تمّ انتقاؤهم بالمعهد الوطني للتكوين المهني بحجوط، قبل مرافقتهم لدى أجهزة دعم التشغيل لتشكيل مؤسسات مصغرة تمكّنهم من تجسيد المشروع على أرض الواقع، بحيث أسفرت الدراسة المتأنية للمشروع عن تسجيل جملة من السلبيات التي بوسعها الوقوف حجر عثرة، دون بلوغ المبتغى وهي تتمثل أساسا في توفر عامل المخاطرة لنقص المعلومة وصعوبة التمويل وتفشي البيروقراطية.
 غير أنّ الرغبة الملحة في توفير أسمدة عضوية بديلة للأسمدة الكيميائية، التي يصعب الحصول عليها لأسباب أمنية ووفرة المادة الأولية وبالمجان، إضافة إلى المزايا البيئية شكّلت جميعها جملة من العوامل الايجابية التي ساهمت في تبلور المشروع وتطويره، بحيث استعان القائمون على المبادرة بمنشأة متخصصة في رسكلة النفايات على مستوى حديقة التجارب بالحامة، لضمان تكوين تطبيقي شامل للراغبين في الاستثمار في المشروع، الذي يعتمد على تحويل المادة الأولية إلى أسمدة طبيعية، تستعمل من طرف الفلاحين عوضا عن الأسمدة الكيميائية المستعملة حاليا.
 يتعلق الأمر في مرحلة أولى، بتخفيض وتيرة استهلاك الأسمدة الكيميائية حفاظا على الصحة البشرية، مع الإشارة إلى إمكانية استعمال مجمل نفايات أسواق الخضر والفواكه، التي يستغنى عنها بمراكز الردم التقني وكذا بقايا أوراق الأشجار المتساقطة كمادة أولية، قابلة للتحويل إلى مادة قابلة للاستغلال مباشرة، الأمر الذي بوسعه فتح مجالات واسعة لتحقيق الرفاهية، وتنظيف المحيط والحفاظ على الصحة البشرية إضافة الى توفير مناصب شغل عديدة.
 “أونساج” ترافق حاملي المشروع للحصول على التّمويل البنكي
تمكّن حاملا مشروع صناعة “الكومبوست” من افتكاك الموافقة البنكية للتمويل، عن طريق وكالة دعم تشغيل الشباب “أنساج” مؤخرا، إلا أنّ المعنيان لم يتمكنا من إتمام الإجراءات المتبقية لتجسيد المشروع بعد لأسباب مختلفة، ويتعلق الأمر بالمختص في الرسكلة بن كراديجة محمد أمين الذي ينحدر من منطقة حجوط، والذي سبق له امتهان حرفة رسكلة النفايات العضوية بطرق تقليدية لفترة طويلة، إلا أنّه اقتنع أخيرا بأهمية الانخراط ضمن برنامج الاقتصاد الأخضر، واستغلال العتاد والمناهج المتطورة لمزاولة النشاط بطريقة عصرية توفّر كمية أكبر من الأسمدة الطبيعية، وتوفر عددا أكبر من مناصب الشغل.
 من المرتقب بأن يشرع ذات المستثمر قريبا، في تجسيد مشروعه على أرض الواقع بالرغم من تلقّيه لجملة من العوائق الميدانية التي أثّرت سلبا على وتيرة بناء المشروع، كما تمّكنت عليش خوخة الحاصلة على شهادة ماجستير في العلوم الفلاحية، من افتكاك الموافقة البنكية على مشروعها المودع لدى وكالة “أنساج” منذ سنة 2015، وتخلّت عنه مؤقتا لأسباب عائلية قبل أن تعيد الاتصال من جديد بالوكالة لتفعيله ومتابعة صيرورة الملف، الذي يوشك على إدراك مرحلته الأخيرة حاليا.
تجدر الإشارة، إلى أنّ كلا حاملي المشروعين قدّما تقويما ماليا يقارب المليار سنتيم، وهو السقف الذي تعتمده وكالة “أنساج” مع كونهما لم يدرجا عدّة آلات مكملة تستعمل في المشروع تجنبا لتجاوز السقف المحدد من طرف الوكالة من الناحية المالية، إلا أنّ ذلك لن يؤثّر بشكل مباشر على العملية باعتبار العمليات المنجزة من طرف الآلات المتبقية يمكن تجسيدها بطرق تقليدية، ويشمل العتاد المصرّح به من طرف حاملي المشروعين آلة ضغط وخلاطا وآلة تجفيف بمعية آلية متحركة تستعمل لنقل المادة الأولية.