جهاز فعال لحماية الاقتصاد الوطني
تعد أول إدارة في الجزائر، الجمارك وضعت أسس الاقتصاد الوطني، وساهمت بفعالية في تمويل الخزينة العمومية منذ الاستقلال، هذه شهادة صدرت عن أول مدير عام لهذا الجهاز المجاهد يادي محمد الواسيني بمناسبة الذكرى 53 لتأسيس المديرية العامة للجمارك.
عاد المجاهد الواسيني، أمس، في منتدى جريدة المجاهد المنظم بالتنسيق مع جمعية «مشعل الشهيد»، إلى الظروف التاريخية التي تأسست خلالها الجمارك الجزائرية، والتي كان من ضمن مؤسسيها سنة 1964، حيث كانت أول إدارة « أدخلت المال إلى الجزائر «، التي خرجت آنذاك من حربها ضد الاستدمار منهكة.
وأكد المتحدث متوجها إلى أعوان الجمارك الذين حضروا المنتدى، أن ما وصل إليه اليوم هذا الجهاز من عصرنة وتطور، بفضل العمل المتفاني لأبناء جيله من المجاهدين، الذين واصلوا النضال في معركة بناء الوطن، بعد إحرازهم النصر في جهادهم ضد العدو الفرنسي لتحرير الوطن، موصيا إياهم بالتفاني في خدمة البلاد وحماية اقتصادها وتراثها من النهب والمتاجرة.
بريكة: دورات تكوينية للحفاظ على التراث الوطني
وبالنظر إلى أهمية هذا الجهاز في حماية التراث فقد كشف ممثل المديرية العامة للجمارك الجزائرية جمال بريكة في مداخلته بهذه المناسبة، عن تنظيم دورات تكوينية لفائدة أعوان الجمارك في مجال الحفاظ على التراث الوطني، تهدف إلى الرفع من مستوى وعي أعوان الجمارك بأهمية الحفاظ على التراث الوطني والذاكرة الجماعية، مشيرا إلى تمكن هؤلاء الأعوان من إحباط محاولات تهريب قطع تاريخية من التراث الوطني متمثلة في نقود وتماثيل ومخطوطات.
د.زغيدي: رجال «المالغ» هم الذين أسسوا الجمارك سنة 1964
أما الباحث والمؤرخ د.محمد لحسن زغيدي، فقد أرجع في مداخلته تأسيس الجمارك إلى فترة العثمانيين، وتوقف في فترة الاحتلال 1830، ليعود بعد الاستقلال، وتعود معه رمزية السيادة الوطنية، وهو البعد الأول لهذا الجهاز، بالإضافة إلى بعد آخر يتمثل في حماية الاقتصاد الوطني، وما يعنيه ذلك من أمن غذائي، أما البعد الثالث فيتمثل في حماية رمزية التراث الوطني.
وفيما يتعلق بهذا الأخير قال زغيدي إن أول شيء يقدم عليه الاحتلال في أي بلد محاولة طمس الهوية من خلال تخريب ونهب تراثه، مفيدا في هذا الإطار أن 80 بالمائة من التراث المتواجد في المتاحف الأوروبية تراث قادم من المشرق العربي ومن شمال إفريقيا ومنها الجزائر.
وأفاد في هذا الصدد أن الجزائر في إطار استكمال سيادتها بعد الاستقلال أسندت مهمة حماية الاقتصاد الوطني والتراث بعد الاستقلال إلى «نوعية خاصة من جيش التحرير الوطني وهم رجال «المالغ» الذين كانوا جنودا وفي نفس الوقت حماة للفكر الوطني الثوري وبالتالي حماية الذاكرة.
وأضاف أنه إذا لم «نحمي هذه الآثار والتراث، فإننا نقضي على جذورنا التاريخية، مشيرا إلى أن تجارة الآثار أكثر رواجا من تجارة المخدرات والسلاح، وهي أكثر أهمية وأكثر قدسية من مناجم الذهب والفضة «، ولذلك لا بد من اختيار نوعية الأشخاص الذين يحرصون على حماية التراث.
باباسي: نظام الجمارك يمتد إلى العهد العثماني
ومن جهته تحدث بلقاسم باباسي رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات إنقاذ التراث المادي وغير المادي، عن أصل تسمية الجمارك، إلى العهد العثماني حيث كان اسمها آنذاك « القومروك» أو قائد الغنائم، مؤكدا أنه كان هناك نظام لحماية التجارة والاقتصاد تسمى «تنزيمات»، وكانت هناك ضرائب تدفع، وتقتطع منها حصة لفائدة القائمين على العملية.
واغتنم الفرصة للمطالبة باسترجاع التراث المادي للجزائر منها المدفع، مفتاح الأغواط الذهبي... وكذا رؤوس شهداء المقاومات منهم رأس بوبغلة.. لحماية تاريخ البلد وذاكرة الشعب للأجيال الصاعدة.