طباعة هذه الصفحة

المخرج أحمد راشدي:

«متأثّر بالثّورة الجزائرية لكنّي أشعر بالتّقصير من ناحيتها»

أسامة إفراح / الوكالات

أقوم بتوصيل الثّورة إلى الجيل الجديد

«ربما أكون متأثّرا بالفعل بالثورة الجزائرية، لكنّني في نفس الوقت أشعر بالتقصير ناحتيها..ومن واجبي كمواطن أبي شهيد وجدي شهيد أن أقوم بتوصيل هذه الثورة للجيل الجديد..». بهذه الكلمات عبٍّر المخرج القدير أحمد راشدي عن تعلقه بثورة نوفمبر، التي يرى بأن السينما لم توفّها حقها من الأعمال. كما تحدّث في حوار للإعلام العربي عن فيلمه الأخير «أسوار القلعة السبعة»، الذي أوكلت بطولته للفنان حسان كشاش.

تحدّث أحمد راشدي في حوار لـ «المصري اليوم» عن فيلمه الجديد «أسوار القلعة السبعة»، وهو من إنتاج وزارة الثقافة، يتطرق إلى أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اندلاع الثورة وهو الأرض، لما للجزائري من ارتباط قوي بالأرض. الفيلم مأخوذ عن رواية باللغة الفرنسية للكاتب الجزائري محمد معارفية، وهو أيضا كاتب سيناريو الفيلم، وتدور أحداثه في قرية نموذجية، حيث يسترجع «الثابتي» (الشخصية المحورية ويقوم بدوره حسان كشاش) ذكريات طفولته، عندما استولى المستوطن «لوسيان» على أرض والده، الذي أغرقته الإدارة بالديون والضرائب. يقرر «الثابتي» حمل السلاح بعد أن أصبح شابا للانتقام لوالده وعائلته، وتتزامن انتفاضته اندلاع ثورة نوفمبر، ليحوّل انتقامه الشخصي إلى تحرير الوطن وليس فقط قطعة أرض واحدة. يضم الفيلم نحو 80 ممثلا من 14 ولاية، منهم حسان كشاش، مصطفى لعريبي، فوزي بن براهيم، عنتر هلال، فضيلة حشماوى، بهية راشدي، أحمد رزاق، و16 ممثلا وممثلة من فرنسا.
 عن تأثّره بالثورة الجزائرية، قال راشدي إنه في نفس الوقت يشعر بالتقصير ناحتيها، لأنّه تعلم فن السينما إبّان الثورة ولم يكن ذلك بإرادة منه، فقد كانت الحاجة إلى تكوين شباب ينقلون للعالم ثورة الجزائر ضد الاستعمار، «ومن واجبي كمواطن أبي شهيد وجدي شهيد أن أقوم بتوصيل هذه الثورة للجيل الجديد». كما اعتبر أنه رغم كل ما يقال فلم يتم تقديم الكثير من الأفلام التي تعبر عن الثورة الجزائرية العظيمة: «لم نقدم العدد الكافي عن هذه الثورة عكس ما يقال».
 انتقد صاحب «الأفيون والعصا» التناهي الرهيب في عدد قاعات السينما في الجزائري، الذي انتقل من 450 قاعة، 86 منها في العاصمة وحدها، إلى 40 قاعة فقط على مستوى الوطن: «قاعات السينما أصبحت قليلة جدا، وبالتالي فالمستثمر الجزائري لا يستثمر أمواله في الإنتاج السينمائي لأنه لا يغطي تكاليف فيلمه».
من جهة أخرى، اعتبر راشدي أنه لا يوجد شيء اسمه السينما العربية، بل هناك أفلام عربية، حيث لم نستطع أن نصنع من قوتنا الإبداعية والسينمائية كيانا اسمه السينما العربية: «السينما العربية تعنى موضوعات عربية وهموما عربية، فمثلا كم فيلما عربيا أنتجناه عن القضية الفلسطينية؟ العدد قليل جدا..».
 أشار راشدي إلى قانون الاستثناء الثقافي في أوروبا، الذي يفرض على كل قناة فضائية أوروبية تخصيص مساحة للفيلم الأوروبي، «نحن طلبنا من الجامعة العربية في اجتماعات كثيرة ولقاءات بمهرجانات عديدة إنشاء أو سن قانون الاستثناء الثقافي ليحمى السينما العربية، ويفرض على قنوات التلفزيون العربية الكبيرة بأن تخصص مساحات لعرض الأفلام العربية، فالقانون في أوروبا يحدد شراء 40 % من الإنتاج الأوروبي، بينما نحن لا نطلب أكثر من شراء 3 % فقط وفقا لإجراء قانوني، وهو ما يكفى لتمويل السينما العربية، وفي هذه الحالة تستطيع السينما العربية أن تكبر وتتوسع في الاستعانة بمبدعين عرب، فمثلا قد يكون المخرج من الجزائر ومدير التصوير من مصر والممثل من المغرب».
 استرجع راشدي ذكريات مشروع فيلم «لا»، وقال عنه: «أنا وعبد الحليم حافظ كنّا أصدقاء قبل مشروع الفيلم..وأخبرني أن له صديقا في السجن اسمه مصطفى أمين، فقلت له إنني أعرف شقيقه علي أمين، وكان مصطفى يكتب رواية «لا» وهو في السجن، ووصل إلى 44 حلقة، وكان يكتب كل حلقة في ورقة واحدة من الجهتين، ويرسلها لعبد الحليم، ثم يرسلها عبد الحليم لي، وكتبت سيناريو الفيلم، وكنت أنا وعبد الحليم معجبين بالرواية لأنها تكشف عن كيفية محو مواطن عربي بفعل الأنظمة وضعف الإنسان في المجتمع العربي، وكانت شركة فرنسية ستنتج الفيلم بالاشتراك مع عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب، لكن للأسف توقف المشروع بسبب مرض عبد الحليم وموته بعد ذلك».
كما تحدّث عن تجربة جزائرية مصرية له، من خلال الاستعانة بالفنانين عزت العلايلي وحسن مصطفى في بطولة فيلم «طاحونة السيد فابر»، ولم يستكمل المشوار حيث لم يعرض هذا الفيلم في مصر إلا في المهرجانات..»كلّما كنت أحاول عرضه في مصر كانوا يتحجّجون باللهجة وأنّها غير مفهومة، وأنا دائما أقول إنّ السينما خلقت بدون صوت، وظلّت 40 سنة صامتة، وحاليا من الممكن اللجوء إلى الدبلجة لأي لهجة أخرى». ويشير راشدي إلى أنّه في أفلامه الأخيرة عن الثورة الجزائرية، اشترطت الجهة المنتجة (وزارة الثقافة أو وزارة المجاهدين) أن يكون العمل ناطقا بلغة وسيط بين اللهجة الجزائرية والعربية الفصحى، «بمعنى أنها لغة وفاق ليفهمها العرب جميعا، ونظمنا عروض فى الخليج بدون ترجمة والجمهور كان يفهم اللهجة»..يضيف: «عموما السينما لغة في حد ذاتها تعتمد على الصورة، وأنا شاهدت فيلما يابانيا لم يكن به أي جملة حوار في الأربعين دقيقة الأولى، وجمال فيلم مثل «المومياء» لشادي عبدالسلام في الصورة وليس في الحوار».