كالنّار في الهشيم، يمضي حراك الريف بعزم وثبات يخترق حدود الحسيمة والشمال المغربي ليصل إلى مناطق أخرى من المملكة، مؤكّدا بأنّ المقاربة الأمنية وسياسة الجزرة والهراوة لا يمكنهما أن تنقذ العرش من الحبل الماضي في الالتفاف حول عنقه.
ومن المدن التي تعيش أجواء التصعيد، مدينة العروي الواقعة جنوب الناظور، حيث تعرّض شبابها الذين خرجوا في احتجاجات صاخبة السبت إلى عمليات اعتقال واسعة لم يسلم منها حتى القصر، وقد تمّ أمس تقديم 16 منهم أمام المحكمة وسط ادانات محلية و دولية تستنكر الترهيب الذي يمارسه المخزن على شعبه لسبب بسيط هو خروجه في احتجاجات سلمية مشروعة للمطالبة بتحسين اوضاعه الاجتماعية
في السياق، أفاد عضو هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، خالد أمعيز، أنّ “قوات الأمن اعتقلت حوالي 15 ناشطا محليا في مدينة العروي (جنوب مدينة الناظور بمسافة 22 كيلومترا)، على إثر الأحداث التي شهدتها المدينة السبت الماضي، مؤكدا أنّه “تمّ تقديم الموقوفين أمس بمحكمة الناظور”.
المحامي الذي يتابع ملف “معتقلي العروي”، قال إنّ “الشرطة المحلية قامت باعتقال نشطاء من بينهم 4 قاصرين، على إثر المواجهات التي اندلعت بين الشرطة والمحتجين وسط المدينة، مشيرا في السياق ذاته إلى أنّه “تمّ تقديم الموقوفين أمام أنظار الوكيل العام ليكيف الوقائع والتهم”.
وكانت اللجنة الشعبية للحراك في مدينة العروي قد نددت بما اعتبرته “القمع الأهوج الذي تعرض له أبناء المدينة الصامدة الذي تسبب في عدة إصابات متفاوتة الخطورة، وندّدت بالترهيب الممارس على عائلات كل المناضلين”.
وقال نشطاء محليون في العروي إنّ “الأحداث التي عرفتها المدينة السبت الماضي نتيجة لعسكرتها، وهو الأمر الذي أثار حفيظة سكان مدينة العروي وتسبب في حالة احتقان عارمة بفعل استفزازات ومضايقات قوى القمع لشباب المدينة.
ولم يستبعد المحامي أمعيز متابعة أحد النشطاء الموقوفين بتهم جنائية بعدما تقرر تقديمهم أمام أنظار وكيل الملك، وربما تتعلق، بحسب المتحدث ذاته، بإغلاق الطريق وإضرام النار”.
وأكد المحامي ذاته أنّ “الموقوفين كلهم من أبناء العروي والناظور ومن بينهم قاصرين”.
وشهدت مدينة العروي السبت اندلاع مواجهات بين المحتجين والقوات الأمنية، تسببت في وقوع إصابات.
وكان فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور، قد حمل في وقت سابق، كامل المسؤولية للقوات العمومية في “قمع وقفة مشروعة لحراك شعبي كانت كل أشكاله سلمية وراقية منذ عدة شهور بالرغم من الإعلان عن رفع الشكل الاحتجاجي”، وأدان “ضرب حق السكان في الاحتجاج والتظاهر السلمي وإدخال العنف إلى احتجاجات معروفة بسلميتها، والاعتقالات العشوائية التي طالت العديد من النشطاء ومحاولة تلفيق تهم واهية لهم”.
وعلى صعيد متصل، تظاهر عشرات الناشطين والحقوقيين أمام المحكمة الابتدائية بمدينة الناظور، احتجاجا على اعتقال النشطاء، إذ رفعوا شعارات تطالب بالإفراج عن المعتقلين.
أحزاب تدين القمع الأهوج
أدانت الكتابة الوطنية لحزب “النهج الديمقراطي”، ما أسمته بالقمع الأهوج الذي ينهجه النظام في التعامل مع احتجاجات الجماهير الشعبية، في الريف وبالعديد من المدن الأخرى بالمملكة.
ودعت الكتابة الوطنية للحزب كافة القوى الحية إلى تكثيف النضال من أجل إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراك في الريف، ومن ضمنهم سعيد القدوري، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي جرى اعتقاله يوم 12 أوت الجاري بمدينة العروي.
وذكر الحزب أنّ “النظام المخزني” أمعن في قمع الحركات الاحتجاجية الشعبية، وعلى رأسها حراك الريف، بدءا بمنع المسيرات والوقفات، ومرورا بالتعنيف والتنكيل بالجماهير المحتجة وصولا إلى اعتقال المناضلين والنشطاء وتقديمهم لمحاكمات صورية تستند إلى تهم ملفقة والحكم عليهم بأحكام جائرة.