سيعيش الفلكيون وهواة السهر ليلا على ضوء النجوم، خاصة في هذه الليالي الصافية من 06 إلى 12 أوت الجاري، للتمتع بمشاهدة همرات البرسييد أو البرشاويات (Perséides) وهي شهب تتهاوى علينا من السماء بالعشرات كسهام خاطفة ولماعة..هذا ما أكدته الجمعية الفلكية للمدية في بيان وقعه رئيسها جمال فهيس.
همرات الشهب :
يحدث أن ينهمر عدد كبير من الشهب في الجو، وقد يستمر ذلك فترة تطول أو تقصر، ويقـدر عدد ما يتهاوى منها بأكثر من 9 شهب في الساعة الواحدة. وقبل أن يعرف الناس سر حدوث تلك الهمرات، فإن رعبا شديدا كان يسيطر عليهم إذ كانوا يظنون بأن نجوم السماء تنقض باتجاه الأرض. وبعـد دراسة العلمـاء لهذه الظاهرة، تبين أنهـا ناتجة عـن بلوغ الأرض على مدارها حول الشمس منطقة تخلى فيها المذنب 109P/Swift-Tuttle عن جزء من مركبات ذيله التي تتألف من أجرام صغيرة هشة، وأن دخول تلك الأجرام على التوالي إلى الغلاف الجوي للأرض، هو الذي يسبب حدوث تلك الهمرات.
متى تحدث ؟
هناك همـرات تتكرر أكثر من مرة في العام الواحد، وسببها انتهاء حياة أحد المذنبات وانتشار مكوناته من الأجـرام الصغيرة على عـدة مواقع من مدار الأرض، مما يؤدي إلى حدوث همرة من الشهب كلما بلغت الأرض على مدارها موقعا من تلك المواقع .
وقد استطاع الفلكيون بعد عناء كبير من البحث والمراقبة، أن يحددوا الفترات التي تلتقي فيها الأرض مع مخلفات المذنبات في فصلي الربيع والصيف ثم في فصلي الخريف والشتاء، وأعطوا لكل موعد حدوث همرة من تلك الهمـرات إسـم المذنب الذي تكون مخلفاته سببا في حدوثها أو إسم الكوكبة النجمية التي تبدو قادمة منها.
ما هي الشهـب..؟
معظـم الشهب تتألف من أجرام صلبة صغيرة الحجم بعضها ذات تركيب معدني يغلب عليه الحديد، وبعضها الأخر صخري معدني، وكلها ناتجة عن فتات الكويكبات والنيازك.
ويترواح حجم الشهاب بين 0.5 سم وعدة سنتيمرات، ولا يعتبر ذلك الجرم شهابا إلا بعد أن يدخـل الغلاف الغـازي للأرض ويحترق فيه بالكامل، ساحبا وراءه خطا من النور الوهاج ومخلفا بعده في الجو رمادا دقيقا بعضه يهبط ببطء نحو سطح الأرض، وبعضه يبقى معلقا لفترة في الفضـاء مع بقية الجزيئات الدقيقة السابحة فيه، ثم لا يلبث أن يهبط هو الآخر إلى سطح الأرض كغبـار دقيق أو مع قطرات المطر مؤلفا النوى الدقيقة التي يتكاثف حولها بخار الماء في الجو ليتحول إلى قطرات.
ويدوم شريط النـور الذي يتركه الشهاب خلفه بين ثانية أو عدة ثوان، وذلك حسب حجم الشهاب ومدى صلابة مكوناته وتسارعه .
يستطيع الإنسـان الذي يراقـب السماء ليلا باستمرار أن يشاهد حوالي خمس شهب في الساعة الواحدة في أجواء المدن حيث يمنع انعكاس أنوارها في الهواء من رؤية الشهب سريعة الإحتراق، أما المراقب القائـم في منطقة يسودها الظلام فيمكن أن يرى من الشهب أكثر بكثير مما يراه ساكـن المدينة، علما بـأن عدد الشهـب التي تدخل جو الأرض يوميا لا يقل عـن 200 شهاب، يحول نور الشمس دون رؤية ما يسقط منها نهارا.
تقـدر سرعة الشهاب قبل دخوله جو الأرض، بحـوالي 40 كم/سا وبعد دخوله ذلك الغلاف، تتزايد سرعته لتتراوح بين 180 و 259 كم/سا ، وهذا ما يجعل درجة الحرارة الناتجة عن احتكاكه بجو الأرض تصل 1700 م° وهي كافية لاحتراقه .
ومعظـم الشهب يبدأ إحتراقها وهي على إرتفاع 120 كم عن سطح الأرض وينتهي عند ارتفاع 90 كم عنه . ونادرا ما يصل ويرتطم الحجر بسطح الأرض ويسمى حينها نيزكا تنتج عنه فوهة نيزكية.
في الطبعة الثامنة لهذه السنة، ستقوم الجمعية العلمية الفلكية « البوزجـاني « بمركز التسلية العلمية برصد ومتابعة هذه الهمرات ليلا وتوضيحها للجمهـور والزوار، سعيا منها لنشـر الثقافة العلمية والفلكية وسط الجمهور.