طباعة هذه الصفحة

تسيير المعلومة

سعيد بن عياد
07 أوث 2017

هل يعدّ ظهر الاقتصاد الوطني عار إلى درجة أن كل مؤشراته تتداول في الساحة الإعلامية، وما مدى تأمين سلامة المؤسسة الجزائرية في مواجهة منافسة شرسة تتطلب سرية المعطيات الحيوية حتى لا تقع في يد منافسيها؟
هو سؤال محوري، قديم جديد، يطرح في كل مرة في وقت تشتد فيه الضائقة على المنظومة الاقتصادية وتزداد متاعب المؤسسة الجزائرية.
لقد أدى الانفتاح الإعلامي إلى إطلاق العنان لنشر كل صغيرة وكبيرة حول كافة جوانب الاقتصاد الوطني من مؤسسات وبنوك، ما أدى إلى توفير معطيات يستفيد منها متعاملون أجانب بالمجان ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن معطيات يوظفونها في إبرام الصفقات والفوز بمشاريع.
تمثل المعلومة الاقتصادية ورقة حاسمة في أي مشروع استثماري بحيث كلما وقعت في يد متعامل مهتم كلما زادت قوته التفاوضية وارتفع سهم تنافسيته، فتراه يدخل الساحة بأريحية على اعتبار انه يعلم قوة وضعف منافسه.
لذلك الأحرى بالقطاعات الحيوية والمؤسسات ذات الحجم الكبير( في الانجاز والاستثمار والمالية) التي يراهن عليها في بعث النمو ويمكن وصفها بالذراع المتين للاقتصاد الجزائري أن تعيد صياغة سياستها الإعلامية ضمن معادلة شفافية المعلومة وتأمينها في نفس الوقت.
المؤكد أن للشفافية المفرطة ثمن يدفعه الاقتصاد، لكن لا ي عني ذا السقوط في سياسة التعتيم والإخفاء والتهرب من تمكين المواطن والمتعامل من حقه في الإعلام. إنها معادلة صعبة وحساسة لكن من الضروري بناء أسسها.
للأسف هناك أسلوب المآدب التي يدعو إليها متعاملون أجانب يجمعون حولهم ما أمكن من موظفي دوائر اقتصادية وإدارية «لتنتزع» منهم (بالتي هي أحسن وبكل ما لذّ وطاب وما يرافق ذلك من أخذ وعطاء) معطيات ومعلومات حيوية حول مشروع أو صفقة أو أي عملية يتحقق وراءها كسب مالي كبير.
يتعلق الأمر في النهاية بمسالة اليقظة التي ينبغي أن ترافق مفهوم المواطنة الاقتصادية ويعني الأمر أيضا وسائل الإعلام التي يعنيها موضوع المساهمة في تنمية ثقافة الأمن الاقتصادي من خلال التحكم في توظيف ومعالجة المعلومة الحساسة، فينشر ما هو عادي ويحفظ غيره لاعتبارات وطنية.
المعارك الاقتصادية التي تدور كل يوم قد تحسمها معلومة بسيطة لا ينتبه لها احد، لكن يقتنصها من له دراية بالشأن الاقتصادي ويفككها ليحصل على «الشفرة» التي تفتح له السوق.
ما عدا بعض الشركات الكبرى التي ربما تتابع بجدية معطيات شركائها ومنافسيها عبر العالم، يبدو أن هذه الثقافة غائبة تماما لدى مسير المؤسسة الجزائرية، والمستثمر الطموح الذي يقاوم الهيمنة ويتمسك بحظوظه في البقاء هو من يستثمر في الإعلام الاقتصادي ويسيطر على قواعده واضعا العنصر البشري في قمرة قيادة المشروع.