تشهد مصالح التوليد بكبرى مستشفيات الجزائر حالة من الفوضى والتسيب، نظرا للاكتظاظ الكبير الذي انعكس سلبا على مستوى الخدمات المقدمة وأدى إلى تدني ظروف الاستشفاء ووصل الأمر إلى حد رفض استقبال بعض مصالح التوليد النساء الحوامل لوضع مواليدهن.
بما أن نسبة الولادات في الجزائر ترتفع بشكل كبير خلال موسم الصيف، أصبحت المستشفيات عاجزة عن تغطية جميع الاحتياجات والطلبات من جهة، وضمان التكفل الجيد بالمريضات من جهة أخرى، وهو ما يحدث في كل مرة بسبب الاختناق الكبير الذي تعرفه مصالح التوليد.
أرجع البعض هذه الوضعية الصعبة التي تعيشها المستشفيات الجزائرية، إلى غياب تغطية صحية جوارية مما يدفع النساء الحوامل اللواتي على وشك الولادة إلى التوجه إلى مصالح مدعمة طبيا، بحثا عن التكفل الجيد، خاصة في حال الحمل الذي يشكل خطورة على صحة الأمهات والجنين.
في ذات السياق، أكدت بعض النساء الحوامل لـ “الشعب”، أنهن يعشن حالة رعب، بعد حادثة وفاة الأم وجنينها بالجلفة ورفض ثلاثة مستشفيات استقبالها والتكفل بها، إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة في الطريق، حيث اعتبرن ما وقع جريمة خطيرة لا يجب السكوت عنها حتى لا تتكرر مرة أخرى.
من جهتها عبّرت امرأة شابة على وشك الولادة، عن خوفها الشديد من عدم استقبالها على مستوى مصالح الولادة في العاصمة، موضحة أنه على الرغم من التطمينات التي تلقتها من قبل الأطباء، إلا أنها فقدت الثقة في هذه المستشفيات التي تعاني سوء التسيير ويبقى المواطن البسيط - على حد قولها - دائما الضحية.
كما روت لنا امرأة وضعت مولودها الأول مؤخرا بإحدى مصالح التوليد بالعاصمة معاناتها، مؤكدة أنها لم تجد مكانا في أقرب مستشفى من بيتها الواقع ببينام، نظرا للضغط الكبير الذي يشهده، لاسيما في موسم الصيف. زيادة على سوء المعاملة والاستقبال، مشيرة إلى أن النساء اللواتي يملكن وساطة مع الموظفين بالمستشفى أو المصلحة يتم التكفل بهن جيدا عكس الأخريات.
من جهة أخرى، اختارت الكثير من النساء، لاسيما اللواتي يشكل الحمل خطورة على حياتهن، على غرار المصابات بارتفاع الضغط والسكري والقلب وفقر الدم، الاستنجاد بالعيادات الخاصة لوضع مواليدهن، بحثا عن الأمان ونوعية الخدمات الجيدة، غير مباليات بالمبلغ الكبير الذي سيدفعنه والذي يتراوح ما بين 90 ألف دج و100 ألف دج بالنسبة للولادة الطبيعية، في حين الولادة القيصرية تكلف مبلغا أكبر من ذلك، حسب حالة كل امرأة.
وساهمت العيادات الخاصة في تخفيف الضغط الذي تعيشه مصالح التوليد بالجزائر، على الرغم من تكاليفها الباهظة، لأنه مهما دعمت السلطات العمومية بعض مصالح الولادة بالوسائل اللازمة، إلا أنها لن تتمكن من الاستجابة إلى الطلب المتزايد خلال فترة الصيف، التي تشهد ضغطا كبيرا، مقارنة مع فصول السنة الأخرى.
ويبقى التكفل بالنساء الحوامل من بين الخدمات الطبية المميزة التي تستدعي بذل الكثير من المجهودات والتحلي باليقظة حفاظا على حياة الأم والطفل، بعيدا عن التهاون والتسيب المفضي لجرائم لا يتسامح معها القانون.