قام وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، أول أمس الخميس، بزيارة معرض «من إكوسيم إلى الجزائر: 22 قرنا من التاريخ»، الذي يحتضنه المتحف الوطني للآثار القديمة والفنون الإسلامية وينظمه المركز الوطني للبحث في علم الآثار. وأشاد الوزير بعمل فرق البحث الجزائرية والأجنبية بحفرية ساحة الشهداء، مؤكدا أن متحف محطة ميترو ساحة الشهداء سيكون معلما سياحيا فريدا من نوعه مطابقا للمعايير العلمية والعالمية.
قال وزير الثقافة عزّ الدين ميهوبي إن تنظيم هذا المعرض، بالتنسيق مع المركز الوطني للأبحاث الأثرية ومتحف الآثار القديمة والحضارة الإسلامية، هو أولا للتدليل على أن «المسألة لا تتعلّق فقط بإيجاد أشياء في حفرية ولكن إبرازها والتعريف بها والترويج لها وجعلها مادة سياحية وثقافية ومادة تاريخية للمهتمين والمختصين».
كما أن «هذا المعرض يأتي لإبراز أهمية الاكتشافات التي تمّت في ساحة الشهداء، والتي تعتبر اكتشافات عميقة ومفيدة جدا على صعيد قيمتها التاريخية والأثرية والسياحية أيضا، لأن المكان في قلب الجزائر، بمعنى أننا يمكن أن نقرأ تاريخ العاصمة من خلال هذه المنطقة التي فيها تراكم لهذا التاريخ، لهذا فإن هذه الحفرية المتميزة تعتبر من أهم الحفريات التي تمت في فترة الاستقلال»، يقول الوزير، الذي أشاد بالعمل الكبير الذي قامت به فرق البحث الجزائرية بالشراكة مع بعض الفرق الأجنبية، «ما أثمر هذا المنجز الهام الذي يسلط الضوء على فترات تاريخية واسعة».
«المسألة لا تتعلّق فقط بما اكتشف ولكن قيمته في أن يعرض للجمهور الواسع لكي يتعرف عليه ويدرك حجم الجهد الذي بُذل، وقيمة الشيء الذي وُجد.. لذلك كان المعرض الأول المفتوح في قصر الثقافة والآن ارتأينا أن يكون في متحف الآثار القديمة لأنه يرمز إلى تلك الفترات التاريخية»، يضيف ميهوبي، معتبرا أن من أسباب اختيار هذه الفترة بالذات للمعرض هو أن يُفتح أمام الزوار وأبناء الجزائر «خاصة المغتربين الذين يمكن الاطلاع على محتوياته، وأيضا لنكون على تماسّ مباشر مع العمل الذي يتم الآن في ساحة الشهداء بوضع معالم لمتحف مفتوح في محطة ساحة الشهداء للميترو، وهذا ما قمنا به إلى جانب وزير النقل والأشغال العمومية ووالي الجزائر في وضع الترتيبات العملية لإنجاز هذا المتحف ضمن معايير علمية وعالمية وكذا سياحية كما هو معمول به في أثينا وروما، وربما سيكون هذا ثالث متحف في محطة ميترو في العالم، وهو مكسب كبير وإضافة نوعية في المجال التاريخي والمتحفي والسياحي».
وسبق لتوفيق حموم، مدير المركز الوطني للأبحاث في الآثار، أن صرح شهر أفريل الفارط بأن علم الآثار لم يكن أبدا عائقا في وجه التنمية وحفرية ساحة الشهداء مثال حي على ذلك، من خلال التوافق مع مؤسسة ميتروالجزائر لإنجاز المشروع دون الإضرار بالآثار.
علم الآثار لم يكن عائقا في وجه التنمية وحفرية ساحة الشهداء مثال حي
وتعتبر حفرية ساحة الشهداء حالة فريدة لأنها أجريت في منطقة عمرانية ونقطة محورية في الجزائر القديمة، والمعلومات المتوصل إليها مرجعية بالنسبة لكل مدن البحر المتوسط. كما أنه مشروع رائد في الجزائر لأن علم الآثار الوقائي عملية وقائية قبلية للحفاظ على المكنون الأثري وفي نفس الوقت مواصلة المشاريع الاستراتيجية.
وينتظر أن تتشكل محطة ساحة الشهداء من طبقات، في كل طبقة مساحات مخصصة لوزارة الثقافة تقدم فيها تقديم لمحة عن التاريخ للمسافرين، مع تهيئة متحفية لعرض اللقى الأثرية، ومكتب استعلامات للوزارة من أجل تقديم الشروحات. ويرتقب افتتاح المحطة في الفاتح من نوفمبر المقبل.
وكانت الأسبار التقييمية المنجزة بالقصبة السفلى حلال سنوات 1994 و2008 نوعية البقايا الأثرية المطمورة تحت أرضية الساحة، تلا ذلك أسباب تشخيصية سنة 2009، تمّ على إثرها تعديل المخطط الأولي لمحطة المترو الذي كانت مساحته 8 آلاف متر مربع، بطابق أرضي ومستويين علويين، وكانت مداخل المحطة تشكل خطرا على الآثار، فتمّ تعديلها لتصبح في معظمها تحت سطح الأرض.
وقد أنجزت الحفرية على مساحة 3 آلاف متر مربع، مقسمة إلى عدة مناطق منفصلة، تحت تأطير المجمع الأثري الذي يضمّ باحثين من المركز الوطني للبحث في علم الآثار والمعهد الفرنسي للبحوث في علم الآثار الوقائي، وتمّ التنقيب الجزئي في الجهة الجنوبية على مساحة 1200 متر مربع، بغية إنجاز متحف للمقتنيات الأثرية. وينتظر الاحتفاظ بالمكتشفات الأكثر أهمية لكلّ مرحلة تاريخية في الموقع، بهدف عرضها للجمهور في إطار متحف محطة المترو، كما سيتم عرض المعالم التي اقتلعت بغية ترميمها.