تعزيز دور المنتجين يتحقق بمراجعة النظام الضريبي وتحفيز الاستثمار
دعا خبراء اقتصاديون وممثلو جمعيات اقتصادية، أمس، إلى تخفيف الإجراءات الضريبية على المنتجين، مؤكدين أهمية جهود الحكومة الرامية لمحاربة المال الفاسد وفصله عن السياسة، للنهوض بالمنظومة الاقتصادية، مشيدين في نفس الوقت بالإجراءات التي اتخذت بتنظيم الاستيراد وحظر العديد من المنتجات.
قال رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الطاهر بولنوار، إن النهوض بالمنظومة الاقتصادية يتطلب تعزيز دور المنتجين، من خلال التخفيف الضريبي وتحرير الاستثمار والتخلي عن الذهنيات القديمة التي تحتكر القطاع الاقتصادي بأسلوب مصلحي بالدرجة الأولى.
أكد بولنوار خلال منتدى جريدة المحور اليومي بالعاصمة، أمس، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بمنع استيراد منتجات معينة تصبّ في مصلحة تعزيز اقتصادنا الوطني، مستطردا في نفس الوقت أن ذلك يتطلب رفع الإنتاج الوطني في المواد التي يتم حظر استيرادها.
وبمجرد تنفيذ أوامر الحكومة بخصوص منع الاستيراد، ارتفعت أسعار العديد من المنتجات في السوق، بحسب بولنوار، مؤكدا أن نقص العرض يرفع الطلب، الأمر الذي يؤكد ضرورة التوجه نحو إيجاد بديل عن المنتجات المحظور استيرادها.
أعطى المتحدث أمثلة عن عدة أنواع من الأجبان التي ارتفع سعرها في الأسواق بنسبة 40٪.
عن إمكانية رفع المنتجين الوطنيين لمستوى إنتاجهم كمّا وكيفا، قال بولنوار إن هناك عدة تحديات أمام المنتجين الصغار قد تحول دون بلوغ المستوى المطلوب.
ولإيجاد خارطة طريق لتعزيز مسعى الحكومة في مواجهة المال الفاسد وتقوية الاقتصاد الوطني، اقترح رئيس الجمعية الوطنية للتجار تنظيم ندوة وطنية خلال سبتمبر القادم قبيل الدخول الاجتماعي، تضم كل الفاعلين لبحث آليات النهوض بالمنظومة الاقتصادية.
ولقيت الإجراءات التي قامت بها الحكومة ترحيبا واسعا من طرف بولنوار، الذي أكد وقوف التجار ودعمهم لهذا المسعى الذي يحرر الاقتصاد الوطني. في نفس السياق دعا المتحدث إلى إعادة النظر في منح العقار الصناعي والزراعي.
كما دعا المتحدث إلى إعادة فتح المصانع المتوقفة منذ سنوات لرفع الإنتاج الوطني ومواجهة الاستثمارات المزيفة، على حد قوله.
بخصوص إنتاج السيارات، أبدى تأسفا للإجراءات السريعة للتصنيع، مطالبا بضرورة إدماج المنتج الوطني في الصناعات الميكانيكية.
أسعار السيارات المنتجة محليا غير معقولة بالنظر للإمكانات المتوفرة
من جهته طرح الخبير الاقتصادي صديق عطار، إشكالية المنظومة القانونية المتعلقة بالاستثمار، من خلال تبني قوانين تضيّق على المبادرات، قائلا: «ما مدى جدية فرض قرارات بيروقراطية، إدارية وقضائية لا تحمي المؤسسات الاقتصادية إذا كان الهدف هو النهوض بالاقتصاد؟».
وأكد الخبير عطار، أن الاستقرار القانوني شرط أساسي أكثر، داعيا إلى مسايرة هذه المؤسسات الاقتصادية وتعميم الإعفاء الضريبي على غرامة التأخير، وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني وتحقيق مناخ استثماري مشجع.
وثمّن الخبير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا في إطار الإصلاحات الاقتصادية التي جاء بها مخطط العمل، لكنه أكد أنها قد تبقى ظرفية ما لم تترجم بمتابعة فعلية للقضاء نهائيا على الذهنيات التي تحتكر السوق وتفرض منطقها لعرقلة المؤسسات الصغيرة.
في هذا الصدد، شدد المتحدث على اعتبار المؤسسات الاقتصادية شريكا اجتماعيا ينبغي التحاور معه بشفافية، قائلا: «إن الحكومة الجزائرية مطالبة بتحرير تلك المؤسسات التي لاتزال محل نزاع ومحل متابعة قضائية من غرامات التأخير»، مؤكدا على أهمية دعم المؤسسات الوطنية وتفادي الأجنبية في مجال الاستثمار.
بدوره قال ممثل منتجي ومستوردي الأثاث بعزيز شريف، إن الإنتاج الوطني لا يتجاوز 5٪ ولا يلبي الطلب المحلي، ما جعل الكثير من المنتجين يلجأون للاستيراد، الأمر الذي لا يخدم الاقتصاد الوطني،كما أنه لا يشجع نهائيا على الإنتاج.
ولمواجهة هذا المشكل، اقترح المتحدث إنشاء مدينة خاصة بصناعة الأثاث، مؤكدا أن كل المنتجين يملكون المؤهلات لبلوغ رقم إنتاج قياسي في ظرف عام واحد والتوجه نحو التصدير، في حال توفر الإمكانات وتقليص الاستيراد لتشجيع الإنتاج المحلي.
وأشار بعزيز إلى أن المادة الأولية المتمثلة في الخشب هي التحدي الوحيد أمام المنتجين، فضلا عن اليد العاملة المؤهلة. موضحا، أن الخشب المحلي لا يصلح لصناعة الأثاث بالنسبة لبعض المنتجات. وقال في نفس الوقت، إن إمكانات استيراد الخشب سهلة، كما أن أسعاره مقبولة في السوق العالمية.
وبحسب الخبراء الاقتصاديين، فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بتقليص الاستيراد قد تؤتي أكلها غير بعيد، سيما وأن قرار فصل المال عن السياسية كان مطلب كل ممثلي القطاع الاقتصادي، الأمر الذي من شأنه تحرير الاقتصاد من قبضة البزناسية.