يمر مسار النموذج الجديد للنمو عبر بوابة مكافحة الفساد التي أكدت السلطات العمومية على لسان وزير العدل حرصا على مضاعفة الجهود لينجز مرفق القضاء المهمة ضمن القوانين السارية والتي سوف تعرف بعضها، كما أعلنه من تيبازة مؤخرا، تعديلات تأخذ في الاعتبار التطورات التي يشهدها عالم الاقتصاد والاستثمار والمؤسسات من كافة الجوانب.
يرتكز هذا التوجه على ضبط الإطار المنظم للصفقات العمومية وكلفة المشاريع والتلاعب بالفواتير وتهريب العملة الصعبة خاصة من خلال تضخيم التي تستنزف المال العام في وقت لم يعد ممكنا التردد في الضرب بيد من حديد كل من يتورط في جرائم أصبحت خطرا على مستقبل البلاد.
يرتقب أن تسجل المنظومة القضائية نتائج ملموسة بهذا الشأن من اجل تعزيز مناخ المنافسة في سوق مفتوحة على حرية المبادرة الاستثمارية التي ينبغي أن تقوم بها المؤسسة الاقتصادية وكافة رجال المال والأعمال الذين لديهم قناعة بالمشاركة في معركة التحول الاقتصادي من خلال الالتزام بالضوابط التي تحكم السوق، خاصة منها ما يتعلق بالقروض المخصصة لتمويل المشاريع من حيث استردادها لفائدة البنوك والعقار الصناعي من حيث استغلاله أو منحه لمن هو أجدر أو الأراضي الفلاحية من حيث حمايتها من التلاعب والمضاربة.
ويعتبر مرفق القضاء حلقة جوهرية في حركية التوجه إلى بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع يقوم على الاستثمار المنتج للقيمة المضافة، من حيث كونه صمام الأمان لحماية الأملاك العامة بشتى أنواعها والضامن لحقوق المتعاملين الخاضعين لقاعدة الشفافية والوضوح بما في ذلك الشركاء الأجانب الذين ينخرطون في الديناميكية الجديدة للنمو ويحرصون على الالتزام بالتشريعات السارية بما في ذلك المتعلقة بالجانب الاجتماعي.
بالنظر لمدى المهمة التي تقع على عاتق السلطة القضائية في هذا الظرف بالذات ينبغي أن يشعر المتعاملون في حقل الصفقات وتسيير المشاريع بالمسؤولية ومن ثمة مراجعة السّلوكات على كافة المستويات والتشبع بثقافة أخلقة الحياة العامة، بعيدا عن أي ممارسات خارج ما يحدده القانون من شأنها أن تكبل المبادرة وتقلل من مساحة الثقة التي عادت بإسقاط صفة الجرم على أفعال التسيير، وهو المكسب الذي وفرته الدولة للقائمين على إدارة وتسيير الشأن العام ليتحرروا من عقدة «الخوف» ودخول عامل المنافسة بثقة واحترافية.
كانت العدالة منذ البداية في صدارة أولويات برامج إصلاح المرفق العام لتأمين الساحة الاقتصادية بكل تشعّباتها المصرفية والجمركية والضريبية وبالأخص جانب التعامل مع الأسواق الخارجية، فتمّت المراهنة على التكوين للموارد البشرية وإدخال التكنولوجيات الجديدة لمجابهة الواقع المهني باحترافية لا غبار عليها. سوف تمكن معادلة متوازنة بين القضاء وعالم الاقتصاد من بناء الثقة لفائدة النمو الذي يعود بالنفع على كل المجتمع بما في ذلك المؤسسة التي تحتاج لمناخ شفاف وسريع الحركية الاستثمارية.