تتحول قضية نظافة الشواطئ بعاصمة الغرب الجزائري وهران إلى أولوية حقيقية في فصل الصيف، في الوقت الذي تؤكّد فيه السلطات انخفاض نسبة التلوث بشكل كبير، غير أن الحذر يطبع تعامل المواطنين مع الشواطئ لافتقارها إلى الكثير من مقومات النظافة الحقيقية، مثل المراحيض العمومية وأماكن تجميع القمامة.
ويكمن الخطر حسب الجمعيات البيئية في أنّ عددا من شواطئ الإستجمام قريبة من الموانئ أو ملتصقة بها، كما توجد منشآت صناعية كثيرة تصب عوادمها ومخلفاتها الصناعية في البحر، لانعدام مراكز الردم والمحرقات المتخصصة بمدينة يعرف نسيجها الصناعي تطورا متواصلا، ونفس الأمر يقال عن النفايات الصيدلانية والإستشفائية وكذا المخلّفات التي يمنع منعا باتا دخولها إلى مراكز الردم التقني الثلاثة في وهران، على غرار بقايا الذبح، والسؤال الذي يطرح نفسه، أين تصبّ هذه النفايات؟
كشف جلول طرشون المدير الولائي لمديرية الموارد المائية في تصريح لـ»الشعب» عن الشبكات العديدة التي تمّ إنجازها لتأميم شبكات التطهير على مستوى كامل تراب الولاية، لينخفض بذلك عدد الحفر التعفنيّة من 30 ألف حفرة في 2010 إلى أقل من 2000 مطمورة، تعمل السلطات حاليا على إزالتها.
ولفت في نفس الوقت إلى المشاريع العديدة التي هي في طور الإنجاز لجمع ومعالجة المياه المستعملة بكامل تراب الولاية والمقدرة بـ 260 ألف متر مكعب لاستغلالها فلاحيا وحماية البيئة وشواطئ الولاية، وهذا في إطار المخطط التوجيهي للتطهير الذي يخص 6 مناطق، منها المجمع الحضري لوهران المربوط حاليا بمحطة التصفية بالكرمة، وكذا محطة عيون الترك التي هي في حيز الإستغلال، إضافة إلى محطات أخرى في طور الإنجاز، على غرار محطة التصفية ببطيوة.
وفي رده على سؤال حول مشروع تجميع المياه القذرة الصادرة عن الجهة السفلى والتي تصرف على مستوى ميناء وهران إلى يومنا هذا، قال إن الأشغال تنتهي في أواخر السنة الجارية 2017 وسيضمن رفع طاقة المياه المعالجة إلى 150 ألف متر مكعب يوميا، بعد تحويل المياه القذرة التي تصرف في البحر على مستوى ميناء وهران، والتي سبّبت تلوثا حقيقيا وكبيرا إلى محطة معالجة المياه بالكرمة.
تمكّنت وهران باعتبارها ثاني أكبر مدن الجزائر من معالجة 100 ألف متر مكعب يوميا من أصل 260 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي عبر كامل تراب الولاية، حسب طرشون، الذي أكد أن المشروع المشار إليه سابقا سيخلص الباهية نهائيا من المياه القذرة.
وقال محمّد بن قرينة مدير الصيد البحري وتربية المائيات، لـ«الشعب» إن مياه البحر بوهران شهدت خلال المواسم الأخيرة تحسنا ملموسا، مرجعا ذلك إلى تضافر جهود مختلف المهتمين بعملية تنظيف البحر، وعلى رأسها برنامج «موانئ وسدود زرقاء»، الذي تشرف عليه وزارة الفلاحة والصيد البحري ومختلف شركائها، وكذا حملة «من اجل شواطئ نظيفة»، التي تنظمها الإذاعة الجزائرية سنويا وغيرها من عمليات التوعية التي تدعو إلى المحافظة على البيئة من كل أنواع التلوث.
وقد انطلقت أمس السبت بعروس المتوسّط وهران الطبعة 12 لحملة من أجل شواطئ نظيفة، من شاطئ الأندلسيات ببلدية العنصر، نقطة التقاء المتطوعين ومختلف الشركاء والأطراف الفاعلة في هذا المجال، لتحقيق أهداف متعدّدة ومختلفة، أهمّها ترسيخ الثقافة البيئية في أوساط المواطنين وتنمية الساحل والحفاظ على ثرواته الحيوانية والنباتية وأيضا إقامة شراكة بين المجتمع المدني ومختلف الفاعلين في المجال.
ورأى رياض بن دايخة صحفي بإذاعة وهران، أنّ «هذه المبادرة كانت ناجعة بكل المقاييس على اعتبار أنّها حظيت بمشاركة مختلف الشرائح التي لها علاقة من قريب أو بعيد بالبيئة، سواء كانوا عمال تابعين لمصلحة النظافة ببلدية العنصر أو للجمعيات البيئية والرياضية من الغواصين والرياضيين المختصين في الألواح الشراعية من فئة الصغار الذين وضعوا بصمتهم في هذه الحملة التي دأبت الإذاعة الجزائرية على تنظيمها كل سنة».
أكثر من 5000 سيارة ترمي نفاياتها يوميا بشاطئ الأندلسيات
بدوره رئيس بلدية العنصر أشاد بنجاح هذه العمليّة، مشتكيا في الوقت نفسه من مشاكل عديدة تتخبّط فيها هذه البلدة الساحلية التي تحتل المرتبة الأولى من حيث الإقبال، أبرزها المحاجر وتداعياتها البيئية والصحيّة الخطيرة، وكذا نقص اليد العاملة في مجال التنظيف والتطهير في ظل تراجع عدد العاملين التابعين لبرامج الجزائر البيضاء وتشغيل الشباب، وكذا ارتفاع عدد سيارات المصطافين إلى أكثر 5000 مركبة تدخل الأندلسيات يوميا، بمعدل 5 أفراد بكل سيارة سياحية وتزيد عن هذا الرقم إلى أضعاف في حالة المركبات الثقيلة، مقابل 1000 كيس لجمع النفايات.
كما أشار نفس المتحدّث إلى التصرفات السلبية الناجمة عن المصطافين، ولاسيما الأطفال والشباب منهم بتعمدهم تعطيل وتدمير المرافق العمومية على غرار حنفيات المراحيض والمرشات وغيرها من التجهيزات التي تقع على عاتق البلدية التي تعتبر غنية بمواردها الطبيعية وفقيرة فقرا حادا في ظل تراجع مداخيلها لاسيما بعد إقرار مبدأ مجانية الشواطئ.
وهران: براهمية مسعودة