الأزمة قاعدة انطلاق لتنويع الاقتصاد الوطني اعتمادا على الذات دون استدانة
استغل الوزير الأول عبد المجيد تبون، فرصة عرضه مخطط عمل الحكومة، أمام نواب الشعب، في جلسة علنية نظمت سهرة أول أمس، ودامت إلى الواحدة صباحا، ليرد على الأطراف التي تعمل على رسم صورة سوداوية عن الوضع الاقتصادي والعام للجزائر ونشر مخاوف غير مؤسسة وسط الجزائريين، إذ ورغم إقراره أن “الوضع صعب بالفعل”، إلا أن ذلك لم يمنعه من طمأنة المواطنين أن الاقتصاد الوطني متماسك ومقبول، وأن السلطات العليا للبلاد ستبقى متمسكة بسياسة الدعم الاجتماعي في كل الأحول.
تبون وخلال عرضه مخطط عمل الحكومة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، سهرة أول أمس، بالعاصمة كرر أن الوضع الاقتصادي متماسك ومقبول، لكن ذلك لا يعني انه في منأى عن الأزمات، وبدا خروجه عن نص الخطاب المكتوب والارتجال في شرح المخطط أمام النواب أن عملا صعبا ينتظر حكومته ونواب الشعب، الأمر الذي يحتاج حسبه إلى دعم متبادل.
التنسيق بين الجهازين التشريعي والتنفيذي لمواجهة التحديات
ألح الوزير الأول لدى شرحه مخطط عمل الحكومة على ضرورة التنسيق بين الجهاز التشريعي والتنفيذي لمواجهة التحديات الاقتصادية الصعبة، وأكد قائلا” أن الجزائر ودعت البحبوحة المالية منذ 2014”، ونحن في وضع اقتصادي متماسك يمكن أن نقول أنه مقبول خلافا لما تظهره النظرة السوداوية لبعض الأطراف”.
الأزمة حسب تبون الذي ينزل لأول مرة إلى مبنى زيغود يوسف بقبعة الوزير الأول لا تكمن في انخفاض الموارد وإنما في القدرة على العمل المشترك والثقة بالنفس لقواعد تطبق على الجميع دون استثناء”، كاشفا أن “الجزائر بلد الحريات وستظل كذلك مستقبلا ومن حق أي مواطن ممارسة السياسة”.
الحكومة ستفرق بين المال والسياسة
رد الوزير الأول على الأطراف التي تحاول نشر الشائعات بخصوص وجود صدام مع رجال المال، حيث فند ذلك جملة وتفصيلا من خلال إعطاء ضمانات مباشرة وصريحة لرجال الأعمال وأصحاب المال”، مبرزا أن “الحكومة مقتنعة بأن الثروة تأتي من خلال الأعمال المتعلقة أساسا بالمؤسسات الاقتصادية والعمل المتواصل ولكن الحكومة ستفرق بين المال والسياسة”.
و قال تبون في هذا السياق أنه “لا مجال للخلط بين الأعمال والسياسة لأن المال مال والدولة دولة وأن المقصود هو أن لا يتوغل المال في السياسة”، وذكر الوزير الأول أنه “خلافا للرؤية السوداوية للبعض فإن مؤشرات التنمية البشرية تضع الجزائر في مقدمة الدول الناشئة”، مؤكدا أن “الرهان الحقيقي هو أن نعي التحول الحاصل في المجتمع الجزائري”.
احتياطي الصرف يفوق 100 مليار دولار
كشف تبون أن “النجاح سيكون حليف هذه الحكومة التي سيحسب لها أنها ساهمت في جعل الوطن يتجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها”، كاشفا عن “تراجع موارد الدولة بـ 50 بالمائة في ظرف 3 سنوات من جراء الأزمة المالية ورغم ذلك حافظت البلاد على احتياطات العملة الصعبة فوق 100 مليار دولار”.
«رغم الصدمة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر نتيجة انخفاض أسعار النفط، إلا أن الجزائر لم تسجل حسب تبون أي مشكل اقتصادي، كما وصف “الجهود التي تبذلها الحكومة في هذا المسعى بالعمل الجبار الذي من شأنه أن يعيد الأمل للمواطنين ويكرس الاستقرار الاقتصادي والأمني للجزائر”.
في هذا الصدد، دعا الوزير الأول جميع الفاعلين إلى “ضرورة كسب رهان تعميق مسار الإصلاحات في جميع المجالات وتطبيق التعديلات التي جاء بها دستور 2016 في جميع الميادين وخاصة في المجال السياسي والحريات الجماعية والفردية وحرية الإعلام وضبط الصحافة المكتوبة والسمعي البصري وتنصيب مجلس أعلى لأخلاقيات المهنة وضبط الصحافة المكتوبة”.
سياسة الدعم الاجتماعي لا رجعة فيها
تطرق الوزير الأول إلى “مواصلة الحكومة التكفل بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية”، قائلا أن “الجزائر دولة اجتماعية منذ 1954 وستظل دولة اجتماعية وفاء لنوفمبر الشهداء والمجاهدين”، وأكد أنها “لن تتخلى عن دعم ومساعدة الفئات المحتاجة وذلك بمواصلة إنجاز وتوفير 1.6 مليون وحدة سكنية والقضاء على السكن “الهش” عبر التراب الوطني والتكفل بالصحة والتربية وتعزيز النقل بالسكك الحديدية والنقل البحري وتعزيز أداء المطارات الكبرى بجعلها مطارات عبور رئيسية.
تبون شدد على ضرورة التكفل بضمان الأمن الطاقوي على المدى البعيد بوضع ترتيبات مالية جديدة لتحفيز المستثمرين في مجال الطاقات المتجددة وتعزيز قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتشغيل الشباب وتوسيع وإصلاح نظام الضمان الاجتماعي بتسجيل 3 ملايين مؤمن له جديد وإحداث التقاعد التكميلي”.
العمل والسكن والصحة والتربية تعتبر الانشغالات الرئيسية للمواطن حسب تبون الذي أكد على أن هذه القطاعات تشكل كذلك الأولويات الرئيسية للحكومة، التي ستكثف الجهود لبعث الاستثمارات في القطاعات الخالقة لمناصب الشغل كالفلاحة والصناعة والسياحة والاقتصاد الرقمي، مع تكثيف نسيج المؤسسات عبر كامل التراب الوطني بإنشاء أقطاب إنتاجية بهدف خلق الثروة.
و يهدف مخطط عمل الحكومة في الأساس حسب الوزير الأول في مرحلة 2020 - 2030 إلى تحقيق نمو للناتج المحلي الخام خارج المحروقات بنسبة 6،5٪ ورفع الدخل الفردي بنسبة 2،3 ومضاعفة التصنيع والوصول إلى الأمن الغذائي لدعم النمو الاقتصادي والقضاء على التجارة الموازية والاحتكار والعمل غير المصرح به، مشيرا إلى أن عمل الحكومة لن ينحصر في دعم الاقتصاد فقط بل في رسم خطة طريق مستقبلية تشمل كل المجالات.