هيئة توافقية تجمع فقهاء وعلماء لإنهاء فوضى الفتوى
نفى وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، أمس، أن يكون هناك تلازم بين التطرف الديني والفكر الداعشي، مشيرا إلى أن كل الإحصائيات الأمنية تفيد أن تجنيد الشباب في تنظيم داعش لا يعتمد دائما على التطرف الديني والفئة المتشددة بل معظم المجندين ينتمون إلى عائلات مسيحية ويهودية .
أكد عيسى خلال ندوة حول «الشأن الديني في الوقت الراهن : الوسطية، التطرف والحوار مع الآخر» بمجلس الأمة، أنه بالنسبة للجزائر التدين هو من حال دون انضمام الجزائريين إلى تنظيم داعش بأعداد كبيرة، ولهذا كان هناك حرص كبير على عدم ترك المنابر فارغة وإعادة المسجد للمجتمع من خلال تعيين أئمة ذوي كفاءة علمية عالية يدافعون عن المرجعية الوطنية وحرمة المنبر وينشرون الوسطية، فكانت بلادنا وأصبحت مدرسة وعاصمة اجتثاث التشدد والوقاية منه في العالم.
وكشف الوزير لدى رده على أسئلة المتدخلين حول مداخلته المتعلقة بالسياسات الوطنية في تأطير الشأن الديني عنة التحضير لنصوص تشريعية تتضمن تنصيب نخب في لجان الكتابة يسهرون على إعداد الكتاب الديني كرواية القرآن خاصة وأنه هناك حرب روايات قرآنية، ولجنة تعنى بالكتاب المدرسي الذي ما يزال يحتاج إلى إصلاح، بهدف تصفية برامجنا التعليمية من الأفكار الدخيلة لاسيما الكتاب الثانوي الذي يما يزال يدرس العقيدة الوهابية بصفة رسمية.
وستدخل النصوص التشريعية حيز التطبيق في مجال رواية القرآن الكريم، طباعة المصحف واستيراده وطباعة الكتاب الديني والكتاب شبه المدرسي وتم المصادقة عليها ومنها ما نشر في الجريدة الرسمية وسيتم تنصيب لجان قريبا وستكون هذه النصوص صمام الأمان للجزائر مستقبلا لاعتمادها على النخبة العالمة.
مواجهة التطرف باستقراء التاريخ الإسلامي وتكريس المرجعية الوطنية
وبخصوص مواجهة الفكر المتطرف قال عيسى إنه يجب إدراك وجود إرادة في إدخال العالم الإسلامي في جدلية المذهب كهوية والفرق كجنسية، ما يستدعي استقراء تاريخنا الإسلامي لتجاوز كل مخاوفنا من محاولات تقسيمنا طائفيا، وذلك لن يكون إلا بتقديم قراءة حقيقية للمرجعية الوطنية، والثقة في معالمها من علماء، ناهيك عن معرفة من نحن وما هي خلفيتنا ومشاربنا، لأن السعي إلى تكريس مرجعيتنا النابعة من خلفية فكرية موحدة هو سعي لجمع جهود خيرة العلماء و الفقهاء في الجزائر حتى لا نجعل من المذهب مستقل عن الهوية الجزائرية و الإسلام ، بل تكرس الانتماء ،الهوية و التعايش مع الاختلاف .
وفيما تعلق بمسألة مفتي الجمهورية، أكد عيسى أن الوزارة تقدمت بمشروع يتمثل في إنشاء هيئة إفتاء تكون توافقية منظمة تسهر على حل الفوضى المطروحة في الفتوى ، عبر هيئة احتكام تفاعلية أكاديمية تشكل مجمعا فقهيا تتكون من فقهاء و نخبة جماعية و علماء متخصصين من علوم مكملة، بحيث يكون قرارها جماعي تداولي، وتكون الرئاسة فيها مؤقتة من خلال ضمان انتخاب رئيس هذه الهيئة من نظرائه، مؤكدا التوجه إلى أكاديمية على شاكلة وقفيات أجدادنا، ما يعني عدم العمل بالصورة النمطية المتمثلة في مفتي الجمهورية و اختيار شخصية دينية مشهود لها بالعلم.
توجيه الخطاب المسجدي إلى القضايا التي تهم المجتمع
وبخصوص أخلقة الخطاب الديني قال إن هذا الأخير هو الأخلاق بحد ذاته، لكن الخلل يمكن أن يكون في المضمون وليس في الخطاب، فالمطلوب اليوم مؤسسته بشكل يخدم الغاية منه سواء كان مسجديا أو تربويا أو ثقافيا أو مؤسساتيا.
من جهته ركّز د.عمار طالبي خلال مداخلته حول «الوسطية والثقافة الإسلامية في الجزائر»، أن الوسطية في الإسلام تمثل الاعتدال في المعاملات وسلوك الفرد من دون غلو ولا تشدد، وهي سمة الأمة الإسلامية بنص صريح من القرآن، ومن ثم فالثقافة الجزائرية نابعة من الثقافة الإسلامية بفضل انفتاح الأمازيغ على الإسلام فكان يميلون إلى المعاملات والتطبيق بعيدا عن التنظير الباعث على النقاش والجدال.
وعاد طالبي إلى ضرورة توجيه الخطاب المسجدي لمعالجة القضايا التي تهم المجتمع، مشيرا إلى أنه حان الوقت لتوضيح بعض المفاهيم للناس لأننا أمام خطر استعمال الدين في السياسة وبناء استراتيجيات هدامة ونشر المذهبية القاتلة الخطيرة، وهي مسؤولية الجميع لأن الرؤيا فسدت وتداخل الباطل مع الحق ما أساء إلى الإسلام وإلى الخطاب الديني المعاصر المعوج الذي أصبح يخاطب العقول.