طباعة هذه الصفحة

المحاور الإستراتيجية الكبرى للسياسة الوطنية

تثمين الموارد المائية وترشيد استعمالها استجابة لرهانات الاقتصاد

سعاد بوعبوش

في ظرف قلت فيه التساقطات المطرية وتراجع منسوب مياه السدود وحجم تدفق الآبار، ولأن الماء ثروة ثمينة للجزائر يجب الحفاظ عليها وحمايتها لضمان مستقبل الأجيال القادمة، وضعت الحكومة ضمن أولوياتها في مخطط عملها حشد الموارد المائية وترشيد استعمال المياه كخيار يفرض نفسه، لتجسيد هدفها المتمثل في مواصلة إنجاز الاستثمارات في هذا القطاع الاستراتيجي من أجل تأمين وفرة الموارد المائية عبر كل مناطق البلاد قصد تلبية الاحتياجات المتنامية باستمرار، الناجمة عن مقتضيات التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي.
تسهر الحكومة على انتهاج سياسة ناجعة ترمي إلى ترشيد هذا المورد الثمين والمحافظة عليه وتنويعه لفائدة الأجيال في آن واحد، حيث ستلتزم بمواصلة وتعزيز الأعمال التي تمت مباشرتها لاسيما من خلال رفع قدرات حشد الموارد المائية بكل أشكالها التقليدية وغير التقليدية، التي سيتم تعزيزها من خلال إتمام إنجاز عدة تحويلات كبرى وعمليات جلب المياه وكذا العديد من السدود بما يسمح برفع قدرات التخزين من 8.7 إلى 9 ملايير م3.
مشاريع هامة تعزز البنية الوطنية التحتية المائية
ينتظر استلام 6 سدود جديدة خلال السنة الجارية ودخولها حيز الاستغلال، بداية بسد “الملاق” بولاية تبسة لتضاف إلى الحظيرة الوطنية للسدود التي تضم حاليا 75 سدا، فيما ينتظر تشغيل السدود الخمسة المتبقية خلال السداسي الثاني من 2017 إلى جانب إنجاز خمسة 5 سدود إضافية، مع آفاق 2019، فيما تم إحصاء 80 موقعا، معنيا باحتضان مشاريع سدود جديدة منها 30 موقعا أنجزت بها الدراسات الأولية ودراسات الجدوى.
وضمانا لتوفير المياه الصالحة للشرب تعمل الوكالة الوطنية للسدود والتحويلات على القيام بعمليات الإصلاح والصيانة لمنشآتها المائية وتوفير الوسائل الهيدروميكانيكية الضرورية للمتابعة الدائمة والصيانة المستمرة لهذه المنشات عبر المراقبة اليومية.
كما يعول الاستمرار في  نظام التحويلات الكبرى الذي سمح لحد الآن بإنجاز 4000 كلم من التحويلات عبر 21 نظام تحويل، وذلك في إطار “ التضامن ما بين الأقاليم”، ما مكن من تحويل المياه من منطقتي “ايراقن” بجيجل و«اغيل امدا” ببجاية نحو ولاية سطيف ومن عين صالح نحو تمنراست.
وتسعى الوزارة إلى تجسيد استراتيجية جديدة لتحويل المياه من الجنوب إلى الشمال، منها تزويد المناطق الجنوبية لولايتي تلمسان وسيدي بلعباس انطلاقا من ولاية النعامة، عبر مناطق العريشة وسبدو وسيدي الجيلالي والبويني، بالإضافة إلى تحويل المياه من ولاية مستغانم إلى وهران عبر أرزيو، أما ما تعلق بالمنطقة الصناعية لسيدي خطاب بولاية غليزان، فهناك مشروع تحويل المياه إليها قيد الدراسة حاليا انطلاقا من محطة التحويل مستغانم - ارزيو - وهران .
وساهمت هذه المنشآت في توفير 3.5 ملايير م3 من المياه الصالحة للشرب مع توجيه 6.4 ملايير م3 من مياه الأمطار والآبار لسقي 1.2 مليون هكتار من الأراضي الفلاحية.
التسيير المستدام للمياه بعقلنة استهلاكها تحد قائم
في المقابل تعكف الوزارة على مواصلة تجسيد سياسة ترشيد الموارد المائية واقتصادها ومكافحة تبذيرها والمحافظة عليها وحمايتها من كل أشكال التلوث، بداية بإعادة تأهيل شبكات التزويد بالماء الشروب بالتجديد التدريجي لقنوات الربط والتوزيع وتوسيع الشبكات وفقا لمخططات توجيهية، ناهيك عن تجديد المنشآت والهياكل كمحطات الضخ، محطات المعالجة، خزانات المياه، وكذا وضع أجهزة التسيير والمراقبة عن بعد تمكن من التحكم التقني الأمثل للأنظمة، وذلك لرفع نسبة الربط وتوسيعها من 98 بالمائة إلى 99 بالمائة من أجل ضمان تغطية أمثل لاحتياجات السكان من الماء وضمان محاربة التسربات التي تؤثر في خدمة المرفق العام لماء الشروب.
وإلى جانب ذلك إعادة تأهيل شبكات التطهير وتوسيعها بما يسمح برفع نسبة الربط إلى 91 بالمائة إلى 94 بالمائة وكذا رفع قدرات التصفية الرامية إلى حماية البيئة وإعادة استعمال المياه التي تتم تصفيتها لأغراض فلاحية وصناعية وفي مجال الخدمات، حيث تحصي الجزائر حاليا 177 محطة تطهير مع قدرة سعتها 13 791 687   مكافئة لعدد السكان أي 805 مليون م3 / سنة منها 49 بسعة 6 ملايين مكافئة لعدد السكان الواقعة في المدن الساحلية الكبرى كالجزائر العاصمة، وهران، عين تموشنت، سكيكدة، عنابة وجيجل وبومرداس إلخ، وهذا لتحقيق أهداف اتفاقية برشلونة التي صادقت عليها الجزائر والتي هي إزالة كل تصريفات مياه الصرف الصحي في البحر، ما يجعل الجزائر الأولى إفريقيا في الربط بماء الشروب والصرف الصحي.
توسيع المحيطات المسقية لضمان الاستدامة والاستثمار الطويل
في الجانب الفلاحي تعمل الحكومة على توسيع إنجاز مساحات مسقية كبرى وتوسيعها وإعادة تأهيلها، بحيث تتسع مساحتها من 220 ألف هكتار إلى 367 ألف هكتار، وذلك من خلال مضاعفة جهود حشد الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية، عبر أعمال تطوير البرامج التي اعتمدت خصوصا خلال العقد الماضي وهو شرط لازم لتكثيف الإنتاج الزراعي ولتحسين الأمن الغذائي للبلد مما يتيح إحراز تقدم كبير لاسيما على مستوى بعض الشعب كالحبوب، زيت الزيتون.
ومن أجل ضمان الأمن الغذائي للبلاد، فإن قطاع الموارد المائية في مجال حشد المياه لصالح الزراعة يعمل على تحسين توظيف المياه لصالح الزراعة، والتوسع في المناطق المروية بإنجاز المحيطات الكبيرة وكذلك تنمية الموارد المتاحة لضمان الاستدامة والاستثمار الطويل الأجل، في تعاون وثيق مع قطاع الفلاحة.
ولم يغفل مخطط الحكومة على مواصلة برنامج حماية المدن من الفيضانات، وهي نفس الفكرة التي تم تبنيها خلال المخطط الخماسي 2015-2019، والتي تحتاج لتجسيدها على أرض الواقع إلى 260 مليار دج، ولقد تم في هذا الإطار تسجيل 700 مشروع لحماية المدن الكبرى من الفيضانات.