طباعة هذه الصفحة

بن عيسى يبدي سعادته بتفاعل الجمهور

«بابور غرق» تبحر مجددا بركح المسرح الوطني

المسرح الوطني: أسامة إفراح

تميزت سهرة أول أمس الإثنين بعرض مسرحية «بابور غرق» لسليمان بن عيسى، التي عادت إلى جمهور المسرح الوطني الجزائري وهي التي عرضت لأول مرة قبل 35 سنة. حملت هذه السهرة المسرحية بامتياز الجواب لبن عيسى، الذي سبق وأن تساءل عن ردّ فعل الجمهور خاصة الجيل الذي لم يشاهد المسرحية من قبل ولم يعايش سياقها الأصلي، جمهور أبهر بتفاعله وإنصاته في تقدير صاحب المسرحية، التي تتواصل إلى غاية الـ22 من الشهر الجاري.
تعتبر «بابور غرق» من أشهر الأعمال المسرحية الجزائرية. وتروي قصة ثلاثة ناجين من غرق سفينة: المثقف والسياسي (مصطفى عياد) والتاجر المتلاعب (عمر قندوز) والعامل البسيط (سليمان بن عيسى). يجد الثلاثة أنفسهم وسط حطام سفينة وسط البحر ويدخلون في نقاش حاد، ويحاول كل منهم البحث عن طريقة للنجاة.
وسبق لسليمان بن عيسى أن قدم العديد من الأعمال المسرحية، من أشهرها «بوعلام زيد لقدام» (1974)، «المحقور» (1978)، «انت خويا وأنا واش نكون» (1992)، و»مجلس التأديب» (1994) التي أعيد تقديمها سنة 2011.
على هامش العرض، تحدثنا إلى وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، الذي قال إنه سبق له أن شاهد هذا العمل، «وهو عمل مسرحي شدنا كثيرا حينها لأن هذا الخطاب الذي جاءت به المسرحية كان له تأثيره في ذلك الوقت في الحياة السياسية والثقافية»، يقول الوزير، الذي تطرق إلى عودة المسرحية قائلا إنه «لا يجب أن ننظر إليه بمقاييس الثمانينيات، وقد يكون الهدف من إعادة العمل هو تقديمه لهذا الجيل الذي لم يشاهده حينها، ولتعريفه بالمسرح الذي كان موجودا والأفكار التي كانت مطروحة إذ ذاك وفيها إسقاطات على الواقع». وأضاف: «نوجه التحية والتقدير للفنانين الكبار عمر قندوز وبن عيسى وعياد وهم فنانون لهم خبرة كبيرة وتجربة في المسرح وشكلوا في وقتهم طفرة كبيرة وكانوا متميزين في زمنهم عن المسارح الأخرى.. لقد كان مسرحا ملتزما يتبنى الطروحات السياسية بذكاء».
وعن الجانب الفني للعمل الركحي، اعتبر ميهوبي أنه العرض الأول سيكتسب وبعد مرور عدد من العروض سيأخذ حيوية أكبر، «ولكن تفاعل الجمهور يؤكد أن هذه المسرحية ما زالت فيها روح وما زالت قادرة على إثارة المتعة لدى الجمهور». وقد يكون من أسباب اهتمام الجمهور بالمسرحية رغبة من لم يشاهدها من قبل في اكتشافها، يقول الوزير، الذي يرى مع ذلك أهمية بالغة في إعادة إنتاج بعض المسرحيات التي حققت نجاحا في وقتها وتعتبر مرجعية في المسرح الجزائري. كما دعا الوزير إلى تسجيل وتوثيق كل المسرحيات.
أما عن سؤالنا بخصوص ما قاله بن عيسى في الندوة الصحفية الأسبوع الماضي عن أعمال ومشاريع تقدم بها ولم تتلق الرد، خاصة فيما يتعلق بالدورات التكوينية، قال الوزير: «نحن نشجع التكوين وندعمه، والمسارح الجهوية والتعاونيات المسرحية بحاجة إلى التكوين الذي يعتبر رهانا حقيقيا، وفنانون بتجربة سليمان بن عيسى أو سيد أحمد أقومي وغيرهما من المسرحيين الكبار مهمّون بالنسبة لنا ونرى أنهم لما يقترحون ذلك فالعيب فينا إن لم نأخذ اقتراحهم بعين الاعتبار».
من جهته بدا سليمان بن عيسى سعيدا بردّة فعل الجمهور، وهو ما كان متخوفا منه قبل أسبوع: «هنالك تلقٍ وإنصات أكبر وأذكى، وأنا أشكر الجمهور على ذلك لأن هذا هو العرض الأول وكنا متراخين قليلا.. هذا الجمهور هو تماما كما أحب»، يقول بن عيسى، الذي أكد مرة أخرى أنه لم يغير شيئا في النص الأصلي للمسرحية، التي تتطرق حسبه إلى قضايا من بينها نزاعات عالمية قد تتكرر في أي حقبة زمنية في سياقات أخرى أو مواقف أخرى.. «صحيح أن المسرحية تتحدث عن سياسة الحزب الواحد التي هي من الماضي، ولكن لا يجب أن ننسى أن التعددية الحزبية التي نعيشها ما تزال هشة وحديثة العهد».
وتحدث بن عيسى عن وجود أربع مسرحيات يستطيع إنجازها ومضت سبع سنوات وهو ينتظر ذلك، من بينها اقتباس لمسرحية «عودة المرأة العجوز»، وكذا تكريم للمسرح التونسي بمسرحية «الكريطة» لبومهدي وتتطرق إلى النزوح الريفي، ومونولوغ «الموجة ولات» التي أدّي 16 عرضا لها ثم تم إيقاف عرضها دون أن يعرف صاحبها السبب إلى يومنا هذا: «إنجاز مسرحية في الجزائر صعب جدا»، يجزم سليمان بن عيسى.