طباعة هذه الصفحة

موجة الغضب تهز الشارع المغربي

احتجاجات الحسيمة تهدد المملكة ومابقي أخطر

حمزة محصول

دخل حراك الريف بالمغرب شهره التاسع على التوالي، ولم يتنازل المحتجون عن مطالبهم الاجتماعية. كما لم تفلح وعود الحكومة ولا محاولة عسكرتها للمنطقة في استعادة السكينة وإخلاء الشوارع ليلا، واللافت أن الحراك أخذ في الأسابيع الأخيرة بعدا وطنيا واهتماما إعلاميا دوليا غير مسبوق.
أبان نشطاء مدينة الحسيمة، شمال المغرب عن طول نفس كبير في معركتهم النضالية السلمية ضد القهر والتهميش والتعسف، واستطاعوا التغلب على سياسات التجاهل والهروب إلى الإمام، ولم تخر قواهم أمام وعود الحكومة في التنمية كما لم تثنهم عصي وخوذ العناصر الأمنية الكثيفة عن مواصلة احتجاجاتهم في الليل والنهار.
كان حراك الريف المغربي إلى غاية شهر ماي الماضي، لا يدخل ضمن أجندات وسائل الإعلام الدولية، وظل المحتجون يكسرون هدوء شوارع الحسيمة، بالمطالب والشعارات وسط تعتيم واضح، باستثناء عدسات الهواتف المحمولة التي تفرغ ما توثقه على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي.
وبدا واضحا مع مرور الوقت أن الحكومة المغربية، فشلت في احتواء الحراك وكبح إرادة المحتجين، لأنها لجأت إلى التدابير السهلة المتمثلة في عسكرة المنطقة بنشر قوات الأمن بأعداد معتبرة، وقيامها باعتقال أبرز النشطاء وعلى رأسهم الشاب ناصر الزفزافي قائد الحراك.
وكانت النتيجة أن مطالب المحتجين تضاعفت واستياءهم ازداد، وتنوعت شعارات الغضب السلمي بإطلاق سراح المعتقلين بشكل فوري ودون شروط، والتنديد بالسلوك القمعي والتعسفي المعتمد من قبل السلطات في التعامل مع المظاهرات.
وخلف لجوء السلطات إلى القوة، زيادة الرقعة التضامنية مع الريف، حيث تظاهر العشرات في مدن الدار البيضاء وأكادير، ليلا مع الحسيمة، ورفعوا المطالب ذاتها، قبل أن يتفاجأ العالم أمس الأول، بمسيرة مليونية بالعاصمة الرباط كانت الأكبر والأكثر تمثيلا لفعاليات المجتمع المدني والأحزاب السياسية.
مسيرة الرباط جمعت عشرات الآلاف من المشاركين، وساندت بقوة ما يجري في الحسيمة، ورفعت شعارات « لا لتخوين الريف»، وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين، وهاجمت الحكومة بشعار «أنتم حكومة أم عصابة»، ومن رسائلها الأساسية أن النظام المغربي خسر المعركة وانهزم أمام إرادة المحتجين.
فمن كان يعتقد أن طحن الشاب محسن فكري، ذات ليلة من أكتوبر في شاحنة للنفايات، سيمر مرور الكرام، فقد أخطأ التقدير، بل وأعطى الجرعة الزائدة لانفجار سكان منطقة، تعاني من التهميش ومعروفة دوليا بزراعة الحشيش وسط غياب لمظاهر التنمية المحلية.
وحتى التقارير الصحفية الدولية، أشارت إلى أن أغلب سكان الحسيمة يعيشون على إعانات أبنائهم المتواجدين في الخارج، ليكتمل المشهد القاتم بالمعاملة السيئة من قبل السلطات المغربية للمنطقة.
انكسر الحصار عن حراك الريف المغربي إذا، واتجهت رقعة الاحتجاج نحو التوسع بشكل أكبر وازداد اهتمام وسائل الإعلام الدولية بما يجري، ولم تجلب جولات الملك في إفريقيا وما يروج على أنها تتوج بصفقات اقتصادية ضخمة، إنهاء معاناة السكان من تدهور الأوضاع المعيشية.
وفي غياب مبادرات جادة من قبل الحكومة لاحتواء الوضع فالأمور تتجه نحو التصعيد، في ظل عزم لجان داعمة للحراك على تنظيم وقفة تضامنية أمام مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، وكلما طال عمر الأزمة سيكون انتقال المطالب من اجتماعية إلى سياسية قابلا للحدوث في أية لحظة.