بودماغ: بداية لإعطاء الفعل الثّقافي الهادف مكانته اللاّئقة به
تحفة أثرية وتموقع هام وإطارات شابة تصنع الفارق
يواصل قصر الثقافة والفنون لولاية سكيكدة إحياء ليالي رمضان وفق برنامج ثري منذ بداية شهر الصيام إلى آخر أيام الشهر الكريم، وهذا الإثراء الذي جسدته مجموعة من ألمع الفنانين والموسيقيين المحليين أمثال «نذير بولبراشن»، «عدلان الفرقاني»، «الشريف مزجري»،»فاتح روانة»، «كمال طغان» و»امجكان عليلو»، وحفل في الفن الأندلسي لجمعية بوغنجيوة، ومن مختلف ولايات الوطن كالفنان «عبد القادر شاعو»، «نادية بن يوسف»، « مراد جعفري»، «حكيم العنقيس» من العاصمة الجزائر، «مبارك دخلة»، «الديب العياشي» من عنابة، والجوق الجهوي للمالوف من قسنطينة، إضافة إلى مشاركة مسرح باتنة بمسرحية «زواج مخبري»، ومسرح سطيف، وعرض «زلاط» لتعاونية «animaculte»، ومجموعة من فناني الفن الرابع على غرار حكيم دكار، الفنانة مفيدة عداس بعرض» خلياقولو»، مراد صاولي، وجمعية البسمة الثقافية بعرض «راس الفرطاس».
موزاييك من الطّبوع لإرضاء الجمهور
يحتضن قصر الثقافة والفنون لمدينة سكيكدة فعاليات التظاهرة الثقافية والفنية ليالي رمضان، أراد منها المنظّمون أن تعطي دفعا للفعل الثقافي الهادف بسكيكدة على غرار قطاعات أخرى، وتنوعت الحفلات الفنية بين الشعبي والمالوف والعروض المسرحية لإرضاء الجمهور السكيكدي، حيث تضم كوكبة من ألمع الأسماء من نجوم الطرب الأصيل وطنيا ومحليا، والعروض المسرحي تكون بالتعاون مع المسرح الجهوي لسكيكدة، في مقدمة المشاركين مجموعة من المسرحيين والفكاهيين من سكيكدة وخارجها، يقول نور الدين بودماغ مدير القصر «إنه طيلة الشهر خصّصنا لياليه سهرات فنية ثرية لتلبية رغبات الجمهور، حتى التوقيت مناسب والذي حدّدناه بعد صلاة التراويح.»
هذا وقد شهد قصر الثقافة خلال هاته الليالي إقبالا واسعا ومميزا من طرف الجمهور السكيكدي من مختلف الأعمار والفئات، وعاشت جريدة «الشعب» أجواء هذه الليالي، حيث أكد رب أسرة كان مصحوبا بزوجته و03 من أبنائه، أنه مدمن على هذه السهرات الرمضانية، خصوصا العروض المسرحية، حتى أولاده الصغار تشهدهم العروض خصوصا البهلوانية منها، كما استحسن توقيت انطلاق العروض الذي جاء بعد صلاة التراويح حتى يتمكن المصلين من حضور هذه الامسيات الفنية، أما «محمد - ب» فيقول إنه «لا يمكن التأخر على حفلات الفن الأصيل خصوصا الشعبي منه، فهو من المتعطّشين لهذا الطابع الغنائي»، وما شدّنا هو تنوّع الحضور من الأطفال إلى الشيوخ، حتى العائلات حضورها كان قويا، ممّا يؤكّد تعطّش الجمهور السكيكدي للسهرات الفنية الراقية والعروض المسرحية الهادفة.
وكشف لجريدة «الشعب» نور الدين بودماغ، مدير القصر أنه أعطى هذه السنة امتيازا كبيرا لفناني الولاية لأن سكيكدة - حسبه - تملك قائمة كبيرة من الفنانين حيث اجتهد ذات المسؤول في تنظيم هذه الحفلات المتنوعة من مألوف وشعبي ومختلف المقطوعات والمعزوفات الموسيقية، واعتبر بودماغ «أنّ البرنامج الذي تمّ ضبطه بمناسبة الشهر الكريم والموسم الصيفي، ما هو إلاّ بداية لإعطاء الفعل الثقافي الهادف مكانته اللائقة به، خصوصا أنّ سكيكدة تزخر بمواهب عديدة ومتعدّدة».
خدمات متميّزة وقبلة العائلات من مختلف الأعمار
تحوّل قصر الثقافة بمدينة سكيكدة إلى مركز إشعاع ثقافي حقيقي، حيث أصبح يستقطب عشرات المثقفين والفنانين والمبدعين في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والفنية، ويثير إعجاب الفنانين والمثقفين من كل أنحاء الوطن، حيث عايشنا في الكثير من اللقاءات والندوات التي تقام بهذا الصرح الثقافي، الاعجاب الكبير لدى الضيوف بهذا المرفق الهام.
ويقدم القصر خدمات متميزة ومتنوعة لكل الوافدين إليه من مختلف الأعمار، ومن جميع الأجناس الفنية والفكرية والثقافية، من ذلك أنه تم فتح قاعة واسعة للأنترنيت بتدفق عالٍ، تقدم الخدمات بمقابل رمزي، يشارك فيها أساتذة جامعيون وباحثون في الدراسات التاريخية والفكرية، وملتقيات دورية حول أدب الثورة الجزائرية والأبعاد السياسية والاستراتيجية لثورة أول نوفمبر. كما تقام مسرحيات متنوعة للأطفال وملتقيات حول الشعر والفن التشكيلي، وتعرض ببهو القصر يوميا لوحات فنية تشكيلية للفنانين كبار من مختلف مناطق الجزائر.
روسيكادا تصنع الاستثناء فرجة ومتعة
للإشارة نظّم منتدى جريدة «الشعب» السنة الماضية، في طبعته الرابعة بالولاية التاريخية الثانية «، وهذا بعد سلسلة الندوات التي نشطتها بعديد من ولايات الوطن، حيث اختار منتدى «الشعب» روسيكادا وبالتحديد قصر الثقافة والفنون لإحياء الذكرى 61 لهجومات الشمال القسنطيني من منطقة اندلاعها في 20 أوت 1955، والتي أنجبت البطل الشهيد زيغود يوسف مهندس الهجومات، وغيره من المجاهدين الأشاوس الذين صنعوا مجد الولاية تاريخيا.
وفتح قصر الثقافة والفنون أبوابه رسميا أمام الجمهور في فيفري من سنة 2010 باحتضانه أنشطة ثقافية وفنية من أداء فرق فلكلورية محلية وأخرى من خارج الولاية، وأقيم على هامش فتح هذا الصرح الثقافي المحاذي لمقر ولاية سكيكدة معرضا تاريخيا حول السينما والثورة لجمعية «أضواء الجزائر’’، بالإضافة إلى معرض للفنون التشكيلية بمشاركة نخبة من الفنانين المحليين.
أوضح نور الدين «أن أول شيء قام به بعد تنصيبه على رأس هذا الصرح الثقافي، إعادة تهيئة المؤسسة ككل، وإعادة الاعتبار لها من جميع الجوانب، وذلك جعلناه كأولوية قبل الفعل الثقافي ومباشرة إعداد البرامج الثقافية والفنية المتنوعة، وهذا لتوفير الظروف المناسبة، خاصة فيما يتعلق الأمر بمؤسسة رائدة ثقافيا وفنيا، ولتكون بالأساس في مستوى الحدث»، مشيرا «أنّه تمّ تحضير برنامج يلبي مختلف شرائح المجتمع وبه برامج قارة وأخرى تاريخية وثقافية، كما يستضيف تظاهرات ولقاءات مختلفة نظرا لتوفر الظروف الجيدة من الاستقبال الحسن والخدمات المميزة، إضافة إلى أنه فضاء مفتوح لكل الفاعلين ثقافيا وفنيا وفي كل المجالات الفكرية لتلبية الرغبات».
تحفة معمارية وملتقى الأداب والفنون
يقدّم قصر الثقافة والفنون كما أوضح بودماغ خدمات جليلة لكل شرائح المجتمع، خاصة منهم المبدعين إذ يحتوي على قاعة للعروض والمحاضرات تتسع لأكثر من 750 مقعد ومجهزة بكل الوسائل الضرورية وجناح للأنترنيت (80 مقعدا)، بالإضافة إلى مكتبة كبيرة تستوعب هي الأخرى 250 مقعد، إلى جانب فضاءات موجهة لممارسة نشاطات الكوريغرافيا، والفنون الجميلة والسمعي البصري ومخبر للغات وتعليم الموسيقى.
عمل مدير المؤسسة كما أوضح لجريدة «الشعب» التي كانت لها جولة بمختلف أقسام هذا الصرح الثقافي، «على إحياء الورشات التي كانت تنشط من قبل كورشة الموسيقى انخرط بها 22 عضو من الطلبة، وحاليا تم تشكيل فرقة موسيقية خاصة بقصر الثقافة، وورشة الفن التشكيلي الموجهة للأطفال من 8 الى 16 سنة، يؤطرهم استاذة متخصصة في الرسم بها 24 برعم، حيث يتوج نهاية التكوين بمسابقة أحسن عمل فني».
كما تفكر إدارة القصر على خلق فرقة مسرحية خاصة بهذا الأخير، لإعطاء فرصة للشباب في التكوين في المجال المسرحي، وجاء ذلك بعد نجاح جلب فرقة مسرحية من الجامعة وإجراء التدريبات لتقديم عرض مسرحي ثوري بمناسبة 19 مارس، وهو الامر الذي شجّع الإدارة على التفكير في خلق هذه الفرقة المسرحية، والتي ستكون إضافة للمؤسسة في مجال الفن الرابع.
الإبحار في أمّهات الكتب وموقع يغري على المطالعة والقراءة
وتضم مكتبة القصر زهاء 1200 عنوان بسعة 60 مقعد يقصدها طلبة الجامعة والمهتمين بالمجال الثقافي، لوقوعها في موقع تحسد عليه، تطل على مرتفعات سكيكدة على الواجهة البحرية، ولهدوئها الذي يغري على المطالعة والابحار في أمهات الكتب.
أما ورشة السمعي البصري، فإنها تضم موظفين من مستشارين ثقافيين يقومون بإعداد برامج مختلفة، في المجال الثقافي والفني، وكل ما له علاقة بميدان الاتصال، إضافة الى النادي الذي أدخلت عليه تعديلات كثيرة، وتم تجهيزه بمعدات هامة، لاستقبال العدد الكبير من المواطنين من مختلف الشرائح.
وتدعّم القصر برواق للمعارض الأول من نوعه بشرق البلاد، وذلك بعد افتتاحه رسميا في اطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، احتضن تظاهرة الصالون الوطني الأول للفنون التشكيلية والصورة الفوتوغرافية.
هذا الرواق أطلق عليه اسم الفنان التشكيلي الراحل عبد العزيز رمضان (1932 - 2007) من مواليد المدينة، يعد مكسبا جديدا وإضافة للولاية سكيكدة، وقد اختير اسم هذا الفنان الراحل على ذات الرواق كونه كان عصاميا ورساما متعدد المواهب، حيث شارك في عدة محافل دولية، كما تم عرض أعماله بكل من مصر ولبنان وتونس والكويت وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واسبانيا والصين واليابان وروسيا، وهي الأعمال التي ظلت مرتبطة بقضايا وطنية، فضلا عن مساهمته في تأسيس المدرسة البلدية للفنون الجميلة لمدينة سكيكدة حيث كان أول مدير لها.
كما أن الولاية كانت في أمس الحاجة الى هذا الرواق نظرا للعدد الهائل للفنانين والمصورين المتواجدين عبر الولاية والوطن، وسيشكّل هذا الرواق الذي يتربع على مساحة بـ 800 متر مربع وشيد بقصر الثقافة بوسط مدينة سكيكدة فضاء دائما لعرض الأعمال الفنية لكبار الرسامين من جهة وبوابة لاكتشاف المواهب الفنية الواعدة في مجالات فنية مختلفة من جهة أخرى.
وأشار مدير قصر الثقافة «أنّ هذا الرواق سيحتضن جميع الأعمال الفنية المتنوعة لجميع الفنانين على غرار الرسم والنحت والرسم التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي والأعمال الفنية الأخرى، وذلك لتمكينهم من فضاء متخصص لعرض منتجاتهم وتطوير مهاراتهم الفنية، ويعتبر الوحيد من نوعه على مستوى الشرق الجزائري، حيث صمّم بطريقة هندسية ذات معايير دولية».
فضاء للعرسان الجدد وزيارة الموقع من طقوس المدينة
وعن باقي الإضافات التي أدخلت على القصر حيث تم تزويده بالمياه 24 / 24 سا، لأن الحركية دائمة بمختلف أقسام المؤسسة، وللتدهور الذي عرفته مساكة القصر، معرضة هذا الأخير الى اخطار كبيرة تم الشروع في الفترة الأخيرة تجديد الشطر الاول، والذي كان على عاتق ميزانية القصر، لحماية قاعة المحاضرات والمدخل والنادي في انتظار استكمال الشطر الثاني خلال هذا الصيف، كما تمّ صيانة التكييف المركزي لقاعة العروض والمحاضرات بعد ما كانت معطلة أكثر من سنة، إضافة إلى صيانة الأعطاب التي كانت تتكرر في كل مرة.
كما عملت إدارة القصر على الاهتمام بالجانب الجمالي الخارجي، بالاهتمام بالمحيط للمؤسسة ومراقبته باستمرار وجعله قطبا جذابا، حتى أنه تحول الى فضاء تقصده قوافل الاعراس لأخذ الصور أمام قصر الثقافة للمسة الجمالية للمكان، إضافة الى الاهتمام بالإنارة وتنظيم حضيرة السيارات، مع إعادة طلاء المؤسسة تماشيا مع طابعها الثقافي الفني.
ولتنويع الموارد المالية لهذا الصرح وحتى يتمكن من التسيير الجيد لمختلف المتطلبات، عملت الإدارة كما أشار المدير «على إبرام عقود مع مؤسسات وهيئات خاصة لإقامة التظاهرات داخل المؤسسة بمقابل محدّد في إطار المجلس التوجيهي للمؤسسة».