حمّلت أحزاب مغربية وزارة الداخلية مسؤولية التصعيد الذي تشهده مدينة الحسيمة شمالي المغرب، مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الحراك الاجتماعي دون قيد أو شرط، مع رفض المقاربة الأمنية للأزمة.
حمّل كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي في بيان مشترك الدولة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالمنطقة بسبب ما أسمته «تبخيس دور الأحزاب الوطنية وإفساد الحياة السياسية».
ودانت الأحزاب المذكورة «التضليل الإعلامي الذي تمارسه القنوات الحكومية التي نشرت صورا وفيديوهات لأحداث معزولة لا علاقة لها بالحراك، ونسبتها للمتظاهرين».
ورفضت الأحزاب الثلاثة المقاربة الأمنية التي تنتهجها الدولة حيال المنطقة، داعية إلى تحقيق مطالب السكان الاقتصادية والاجتماعية التي عبر عنها الحراك الاجتماعي، مشيدة بما سمّته «الرّوح الوطنية التي يتحلّى بها سكان الإقليم خلال الأشكال الاحتجاجية».
مساءلة برلمانية
وفي السياق، طالب حزب العدالة والتنمية وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بـ «الكشف عن الأسباب التي أدّت إلى تدخّل أمني ضد وقفة احتجاجية بمدينة طنجة داعمة لحراك الريف».
وجاء ذلك في سؤال وجهه البرلماني عن الحزب بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) محمد خيي إلى وزير الداخلية.
هذا واعتقلت السلطات المغربية نحو 40 شخصاً على خلفية تطورات الحراك الاجتماعي والتظاهرات، التي تشهدها مدينة الحسيمة، والتي امتدت الى كبريات مدن المملكة.
وتوجّه السّلطات للمعتقلين تهمة ارتكاب أفعال يجرمها القانون الجنائي المغربي، وهي تهم ثقيلة تعكس سياسة القمع التي دأب عليها المخزن لمواجهة المطالب الاجتماعية المشروعة لشعبه، لكن يغيب على السلطات المغربية أن المقاربة الأمنية والتعامل البوليسي مع حراك شعبي بدون خلفيات سياسية، من شانه أن يدخله في متاهة من التوتر والاضطرابات، خاصة وأنّ الغاضبين في الحسيمة وباقي مدن البلاد مصرّون على مواصلة احتجاجاتهم إلى غاية تحقيق مطالبهم.
كرونولوجيا احتجاجات الريف
انطلقت حركة الاحتجاجات في منطقة الريف المغربية بعد مقتل بائع سمك في 28 أكتوبر 2016، وما لبثت أن اتخذت بعدا اجتماعيا وسياسيا. في ما يلي أبرز التطورات الرئيسية في هذه الحركة:
مقتل بائع سمك سحقا
في 28 أكتوبر 2016، لقي تاجر السمك محسن فكري مصرعه سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات في الحسيمة أثناء احتجاجه على مصادرة السلطات كمية من سمك السيف وإتلافها من قبل مسؤولي المدينة، بسبب اصطيادها في غير موسمها.
استياء
في 30 أكتوبر شارك آلاف الأشخاص في تشييع «الشهيد محسن».
نظّمت سلسلة من التظاهرات الشعبية في نوفمبر و ديسمبر في الحسيمة وعدد من مدن الشمال الأخرى، وكذلك في الرباط والدار البيضاء للاحتجاج على الأوامر «التعسفية» والمطالبة بإحقاق العدل.
رفع المتظاهرون الأعلام الأمازيغية أو أعلام «جمهورية الريف» التي لم تعمر طويلا بعد إعلانها في عشرينات القرن الماضي ضد المستعمر الإسباني.
مواجهات في الحسيمة
في الخامس من جانفي 2017، تدخّلت قوات الأمن لتفريق اعتصام في الحسيمة، و في الخامس من فيفري جرت مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن سقوط حوالى ثلاثين جريحا من رجال الشرطة.
في 26 مارس هاجم متظاهرون بالحجارة
مقرا للشرطة في أمزورن، المدينة المجاورة للحسيمة، وأضرموا النار في محيط المبنى، واعتقل 14 شخصا. بعد يومين أقيل والي إقليم الحسيمة.
زلزال اجتماعي
في 11 أفريل قام وزير الداخلية الجديد عبد الوافي لفتيت بأول زيارة رسمية إلى الحسيمة، وقد أكد أن منطقة شمال المغرب «أولوية إستراتيجية» للدولة، ودعا إلى «إرساء ثقافة الحوار». وانتقد الذين «يعملون على استغلال الحركات الاحتجاجية».
في 27 أفريل صدرت أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين خمسة وثمانية أشهر على سبعة متهمين في قضية موت بائع السمك، في المجموع اتهم في هذه القضية 11 شخصا بينهم مسؤولون في إدارة صيد السمك وموظفون في وزارة الداخلية وفي شركة التنظيف.
مطلع ماي، تحولت القضية إلى «زلزال اجتماعي» حسب الصحف المحلية.
توقيف زفزافي
في 26 ماي، صدر أمر قضائي بتوقيف زفزافي بتهمة مقاطعة إمام مسجد أثناء إلقائه خطبة الجمعة.وردّا على ذلك، توسعت الاحتجاجات والمظاهرات إلى أكبر المدن بينها العاصمة والدار البيضاء ومراكش، وشهدت صدامات ليليلة بين الشرطة ومتظاهرين.
في 29 ماي، أوقف ناصر زفزافي مع آخرين وأكد النائب العام لملك المغرب في الحسيمة أن الموقوفين يخضعون للتحقيق بتهمة ارتكاب «جنايات وجنح تمس بالسلامة الداخلية للدولة وأفعال أخرى تشكل جرائم بمقتضى القانون».