قال وزير المجاهدين بالنيابة محمد عيسى،أمس، أن الجزائر تأمل في أن تفتح فرنسا صفحة جديدة مع ملف الذاكرة، بعد انتخاب الرئيس ماكرون، الذي قدم وعودا لدراسة الملف التاريخي بين البلدين، في حين دعا السعيد عبادو فرنسا إلى مراجعة مواقفها والتخلص من الفكر الاستعماري لبناء علاقات قوية تقوم على مصلحة الشعبين.
أوضح محمد عيسى أن الوعود التي قدمها الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون خلال زيارته للجزائر قبل الانتخابات هي التزامات واعدة، تصدرها ملف الذاكرة،الذي قال نتطلع أن يفي الرئيس الجديد بوعوده لإنهاء هذا الملف وتخليصه من الشوائب المستمرة.
أشار عيسى في تصريح للصحافة على هامش إحياء الذكرى الـ72 لمجازر الثامن ماي 1945 بمتحف المجاهد بالعاصمة إلى أن الجزائر تتطلع من الرئيس الجديد الالتزام بالوعود التي قدمها أثناء زيارته إلى الجزائر، مؤكدا أن بقاء ملف الذاكرة سيجعل من الصراع مستمرا ولن يدفع بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مصالحة حقيقية.
ويأتي تصريح وزير المجاهدين بالنيابة تزامنا مع إحياء الجزائر ذكرى مجازر الثامن ماي، في سياق جديد قد تعرفه العلاقات بين فرنسا والجزائر،وفي هذا الصدد قال عيسى أن رسالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إلى ماكرون هي نداء للالتزام بالوعد والوفاء به، سيما في ملف الذاكرة.
وحشية الاستعمار التي يتذكرها الجزائريون بمرور 72 سنة على مجازر الثامن ماي لن تمحى يقول محمد عيسى من ذاكرة كل الجزائريين، خاصة جيل الاستقلال الذي يحتاج إلى الاستلهام من قيم المجاهدين والشهداء والتمسك بالروح الوطنية التي لا ينبغي أن تفارق كل مواطن.
ولتعزيز حماية التراث التاريخي أعلن عيسى عن تحويل المتاحف الجهوية إلى متاحف ولائية وربطها بشبكة رقمية أرضية في إطار مواكبة التكنولوجيا،بغرض تسهيل الولوج والاطلاع على تراثنا التاريخي عبر الفضاء الالكتروني،موضحا أن ذلك يدخل في إطار التحسيس والاهتمام الدائم بقيمنا التحريرية.
وفي معرض كلمته أشار عيسى إلى قضية احتلال الصحراء الغربية، قائلا” انه آن الآن للشعب للصحراوي أن يستلهم التضحيات الجسام، والذكرى تمثل رمزا لدحر المستعمر بان العمل السياسي لا يجدي نفعا مع المستعمر مهما طال الزمن”.
عبادو: “على فرنسا مراجعة مواقفها والتخلص من الفكر الاستعماري”
من جهته دعا الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو فرنسا إلى مراجعة حساباتها مع ملف الذاكرة،قائلا” نؤكد حرص المجاهدين والأسرة الثورية على مطالبة الدولة الفرنسية وهي على أعتاب مرحلة جديدة،لمراجعة مواقفها، والتخلص من التاريخ الاستعماري والاعتراف بالجرائم المرتكبة”.
وطالب عبادو فرنسا قائلا: “نطالب بالتعويض لما نهبته فرنسا، إذا كانت تريد فعلا علاقات ثنائية قوية مع الجزائر وفتح صفحة جديدة”،مذكرا بالجرائم والمجازر التي ارتكبها المحتل ولن ينساها التاريخ كما أنها لا تسقط بالتقادم،مؤكدا أن ذكرى 8 ماي ستبقى منعطفا حاسما في تاريخ مسيرة نضالنا الوطني.
ودعا عبادو إلى استحضار المواقف التاريخية والأخذ بعين الاعتبار المواقف السياسية والتاريخية للوقوف على ما أنجزه الجزائريون من تضحيات جسام،مضيفا أن الانتفاضة كانت عاملا لاندلاع حرب التحرير وتحقيق الاستقلال،مشيرا إلى أن الذكرى تبقى وصمة عار لتذكر جرائم فرنسا الاستعمارية.
باحثون في التاريخ:القانون الدولي واضح لمتابعة فرنسا على جرائمها
بدورهم أكد أستاذة وباحثون في التاريخ أن فرنسا ارتكبت جرائم ومجازر لم يسجل التاريخ أبشع منها في تاريخ الحروب،حيث فاقت أشكال التعذيب والتنكيل بالجزائري العقل،في وقت كانت فيه كل المواثيق الدولية تنص على ضرورة حماية المدنيين أثناء الحرب وحظر أساليب التعذيب.
وفي هذا الإطار قال الدكتور وليد زرقان من جامعة سطيف في ندوة تاريخية نظمها متحف المجاهد إحياء لذكرى مجازر الثامن ماي،أمس، أن المجازر التي ارتكبتها فرنسا تبقى محل متابعة من طرف القانون الدولي في حال إحالة الملف على المحاكم الدولية،موضحا إمكانية التعويض عن الجرائم المرتكبة التي تفنن المستعمر الفرنسي في تنفيذها إبان الحقبة الاستعمارية.
بدوره قال الدكتور سيد احمد نعماني بجامعة الجزائر أن الشهادات والوثائق التاريخية تبقى شاهدة على مجازر 8 ماي التي تبقى شاهدة على تلك الحقبة الاستعمارية،مذكرا بوجود عدد هائل من الشهادات التي تؤرخ للحدث،في حين أوضح الأستاذ سفيان لوصيف بجامعة سطيف أن خلفيات الانتفاضة وأبعادها تجلت اندلاع ثورة نوفمبر.
في مقابل ذلك أشار الباحث كمال حمزي بجامعة أبو القاسم سعد الله أن مجازر الثامن ماي كانت مرحلة حاسمة في تاريخ الحركة الوطنية.
وعرفت الندوة التاريخية حضور وزير الصحة عبد المالك بوضياف ووزيرة التربية الوطنية، ووالي العاصمة عبد القادر زوخ ومجاهدين، مثلين عن الأسلاك الأمنية،وطلبة،حيث تم بالمناسبة انطلاق قافلة تاريخية تجوب بلديات العاصمة.