اعتبر وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي، أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية، “مقبولة جدا، ساهم فيها المواطن الجزائري بتوافده على مراكز الاقتراع”، مؤكدا أن الشعب الجزائري “قدم إجابة قوية، لكل الذين كانوا يشككون في مشاركته ومساهمته في هذا العرس الانتخابي”، وأفاد في السياق أن أبواب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات مفتوحة أمام كل الطعون.
بالنسبة لذات المسؤول، فإن الانتخابات التشريعية تختلف تماما عن الانتخابات المحلية التي تكون محل اهتمام الشعب من منطلق الجوارية”، لا أريد الرجوع إلى النسب السابقة، لكن سجلنا نسبة مشاركة ناهزت 41 بالمائة في العام 2012، فيما لم تتجاوز نسبتها 35 بالمائة في تشريعيات 2007 ، مضيفا بالنسبة إلينا هذه السنة، انتخابات مسؤولة من منطلق ما تعيشه الجزائر في محيطها، ومن منطلق التحديات”، كما أن “نسبة المشاركة في الانتخابات التي جرت الخميس المنصرم مقبولة جدا”.
وقال الوزير ، في رده على سؤال يخص مبادرة الدولة بإعداد قوانين تلزم النواب بالمجلس الشعبي الوطني، بالتمثيل الفعلي للمواطنين، بعد تسجيل نسبة مشاركة فاقت 38 بالمائة، دونما احتساب الجالية الجزائرية في المهجر، أن “المواطن والشعب الجزائري أظهر كعادته الدور الذي يلعبه في تحريك الواقع السياسي الوطني، وأظهر للجميع خلال هذه الانتخابات موقفه وقدم إجابة قوية، لكل الذين كانوا يشككون في مشاركته ومساهمته في هذا العرس الانتخابي”.
وأفاد بدوي في السياق، “الآن المواطن الجزائري بكل فئاته شباب، نساء ورجال قال كلمته، فعلى ممثليه الذين انتخبهم أن يكونوا في مستوى طموحاته، ومن واجبهم أن يعملوا بكل مسؤولية، وأن يخصصوا كل أفكارهم وجهدهم لتجسيد طموحاته، من مختلف الاقتراحات التي تقدم بها، وما قدم له من برامج”، لافتا إلى أن “المواطن ينتظر الكثير، ليس فقط من قبل البرلمان، وإنما من الحكومة أيضا ومن كل ممثليه على جميع المستويات بدءا بالخلية الأساسية ممثلة في البلدية، ووصولا إلى أعلى المستويات”.
ونأمل في إطار الدستور والقيم الجديدة التي رسخت العمل الديمقراطي للجزائر، وأعطت مكانة تشاركية للمواطن الجزائري أضاف يقول الوزير ـ أن يكون هذا البرلمان ممثلا في المجلس الشعبي الوطني،الغرفة السفلى، في مستوى طموحات المواطنين الجزائريين”.
في معرض رده على سؤال يخص إثارة بعض الأحزاب لمسألة وقوع “تزوير ذكي”، أوضح المسؤول الأول على قطاع الداخلية، “من يقرأ ويطلع على القوانين العضوية، خاصة الجديدة يعلم بأن هذه الميكانزمات القوية التي أكد عليها الدستور، واستحداث الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، التي رافقت على مستوى التراب الوطني بإخلاص العملية الانتخابية”، وكل من يتكلم عن اختلالات أو نقائص اليوم ـ نقول له ـ لنا في الدولة الجزائرية مؤسسة سامية مستقلة لمراقبة الانتخابات أبوابها مفتوحة، لكل الطعون، وعلى هذه الهيئة الدستورية التأكد منها، وتتخذ الإجراءات طبقا للقوانين، ولصلاحياتها، أما “القيل والقال، فدائما نسمع الكثير، الأمر الأكيد أن أبواب الهيئة مفتوحة لدراسة كل الطعون، وممكن في بعض الحالات أن تقدم الملفات إلى العدالة للفصل فيها”.
وبخصوص التأخر في الإعلان عن نسبة المشاركة، عزا الوزير بدوي الأمر إلى تأخر تسجيل النسب في بعض الولايات، مذكرا بتقديم نسبة التصويت في حدود الساعة السابعة مساء، تخص نسبة التصويت إلى غاية الساعة السادسة تقريبا، والسبب الوحيد لعدم الإعلان عنها ـ حسبه ـ أنها لم تكن جاهزة في كامل التراب الوطني، داعيا إلى تفهم بعض الاختلالات التي من الطبيعي أن تحدث في عمليات بهذا الحجم.
وردا على استفسار يخص عدم تمكن 250 ناخب من أداء واجبهم الانتخابي بولاية تمنراست، لعدم تسجيلهم، اعترف وزير الداخلية بوقوع بعض الهفوات والنقائص إداريا، حالات قليلة جديدة، التزم بتداركها مستقبلا، كما أقر بمحاولات عرقلة الاقتراع بولاية البويرة، تم تجاوزها بحنكة وتحكم السلطات المحلية والأمنية، وتواصلت العملية الانتخابية بطريقة عادية.
ولم يفوت المناسبة ليذكر بأن النظام الجزائري لا يفرض التسجيل الإداري على أي شخص كان، وهي قوة القانون، لافتا إلى أن القانون الجزائري يسمح ولا يفرض على الجزائري بمجرد بلوغه 18 سنة، التسجيل بالقوائم الانتخابية، مؤكدا أن “القانون يتوافق وخصوصيات المجتمع الجزائري، وأننا نعترف بنقائصنا”، وأشار إلى العمل الجبار لقطاعه الذي سمح بتطهير القوائم الانتخابية والذي مس مليون مواطن، قدمت نتائجه إلى جهات إدارية يترأسها قضاة.
نعمل علـى أن تكون ثقــة المواطن كاملة في سلطاتــه
طبقا لقوانين الجمهورية نتعامل مع كل الأحزاب السياسية، على أساس أنهم شركاء سياسيون، ونتعامل معهم على حد سواء مهما كان تمثيلهم، مجددا من جهة أخرى الافتخار بالشباب الجزائري، الذي له القدرة على التحكم في التكنولوجيات، التي نتمنى أن يستعملها إيجابا، للحفاظ على المكاسب المحققة”.
وقال في رده على سؤال يخص الأصوات غير المعبر عنها، المنافس الأكبر للتشكيلات السياسية، “نحن نعمل على أن تكون ثقة المواطن الجزائري كاملة في سلطاته العمومية وفي إدارته، وأن يكون مستوى عال بينه وبين ممثليه سواء على مستوى البرلمان، أو المجالس المنتخبة المحلية، وهو عمل يتطلب مجهودا وتكوينا وقيما كثيرة، يجب علينا كمجتمع جزائري برمته العمل من أجل الوصول إليها.
وجزم بدوي ـ لدى تطرقه إلى النقائص ـ بأن دستور 2016 رسم معالم جديدة للعمل السياسي في الجزائر، وسوف نعمل كسلطات عمومية، على وضع كل الميكانيزمات القانونية، لتحقيق مشاركة أكبر للمواطن الجزائري، من خلال قانون الديمقراطية التشاركية، الذي سيقدم إلى البرلمان الجديد، وسنعمل أن تكون للمواطن من خلال منتخبيه مكانة أقوى في المجالس المنتخبة، وخلص إلى القول “ كل هذه القوانين التي تحدد معالم مستقبلية هامة، للعمل السياسي، وأنا متيقن أن الحركة سوف تكون أقوى تدريجيا، والمسؤولية أكبر، ومشاركة أكبر للمواطن في هذه الديناميكية، هدفها واحد أن يكون للمواطن كلمة مسموعة.
احترمنا موقف دعاة المقاطعة...وقوّتنا في احترام قوانيننا ومؤسساتنا
بالنسبة لنور الدين بدوي الدولة احترمت دائما كل المواقف، ولم ولن تجيب على أحد في إشارة إلى دعاة المقاطعة، مفيدا في السياق “نحن في دولة قوتها في احترام مؤسساتها، وفي احترام قوانينها، وهذا المستوى من الحريات الذي وصلت إليه الجزائر لا نجده في مجتمعات كثيرة”.
واستنادا إلى الوزير، فإن دعاة المقاطعة كانوا منظمين منهم بعض الأحزاب، دعوا إليها معبرين عن رأيهم بكل حرية، ولم يتصد لهم أي أحد، واستطرد في السياق “هناك بعض أبنائنا وشبابنا، استعملوا وسائل الإعلام والاتصال، وأقول قوتنا في هذه الحريات التي تضمنها القوانين وفي مقدمتها الدستور الجديد.
وبعدها ذكر الوزير بدوي بالإجراءات القانونية، طبقا للقانون تخصص 48 ساعة الموالية ليوم الاقتراع، للطعون والإدلاء بالنتائج النهائية من قبل المجلس الدستوري، وفي غضون 15 يوما من بداية تقديم الطعون يتم تنصيب المجلس الشعبي الوطني، الذي يؤسس بالنظر إلى تشكيلته الموسعة إلى عدد كبير من الأحزاب، وعددها 35 تشكيلة، تضاف إليها القوائم المستقلة، التي صنعت المفاجأة بافتكاكها المرتبة الرابعة.
الخارطة السياسية التي تحدث عنها بدوي، تتميز أساسا بعودة الترتيب القديم بالغرفة السفلى، المتضمن الأحزاب المنضوية تحت لواء هيئة التحالف الرئاسي، بعد عودة حركة مجتمع السلم التي خاضت الانتخابات التشريعية في شكل تحالف، مع جبهة التغيير بقيادة مناصرة التي ولدت من رحمها، إلى جانب حزب جبهة التحرير الوطني، الذي خرج للمرة الرابعة على التوالي منتصرا، في التشريعيات على غريمه التجمع الوطني الديمقراطي، وإن سجل تراجعا في عدد المقاعد التي حصدها، وسجل منافسه بالمقابل عودة تحسب له.
تراجع نتائج الحزب العتيد لن تؤثر على الأغلبية ما دام متبوعا بـ “الأرندي” و«حمس”، التي رجحت مشاركتها في الحكومة وفق ما أكد رئيسها عبد الرزاق مقري في عدة مناسبات، كما أن “تجمع أمل الجزائر ـ تاج، وكذا الحركة الشعبية الجزائرية اللذين حصدا على التوالي 19 و 13 مقعدا لن تزيد الأغلبية إلا قوة، وتفتح المجال واسعا أمام ميلاد تحالفات جديدة.
وإذا كانت القوائم الحرة قد نجحت في افتكاك المرتبة الرابعة في الفترة التشريعية الثامنة، رغم منافسة شرسة مع الأحزاب، فإن أحزاب المعارضة بالمقابل سجلت تراجعا بينها جبهة القوى الاشتراكية “الأفافاس”، وحزب العمال، فيما اكتفى غريمه التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية “الأرسيدي” بعد عودته بالحصول على 9 مقاعد.