أشرف الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس، على إحياء الذكرى 55 المخلدة لأرواح الجزائريين ضحايا اعتداءات المنظمة الإرهابية السرية، بتاريخ 2 ماي 1962 وهم يتهيّأون للالتحاق بعملهم داخل الميناء. وقد تم وضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري بالمدخل الرئيسي لميناء الجزائر.حضر مراسم إحياء الذكرى وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي محمد الغازي، الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين سعيد عبادو وممثلو ميناء الجزائر والسلطات العسكرية.
في هذا الصدد، قال المدير العام لمؤسسة ميناء الجزائر العربي محمد، إن هذه الذكرى الأليمة تبقى راسخة في أذهان الأجيال للتأكيد على تضحيات وإلتزام عمال ميناء الجزائر بتطلعهم لفجر الحرية والاستقلال وتجندهم المستمر والدءوب لخدمة الوطن وترسيخ قيم النضال المنبثقة من روح بيان أول نوفمبر 1954، من أجل بناء اقتصاد وطني قوي يرتكز على الإنتاج والجهد المتواصل والتنمية المستدامة.
وأضاف العربي، أنه انطلاقا من هذه القناعة الراسخة في الوعي الجماعي لعمال ميناء رجالا ونساء، إطارات وعمالا، فإن مؤسسة ميناء الجزائر وبحكم مكانتها الريادية في الساحة المينائية، قطعت أشواطا كبيرة على مسار النمو والقيام بدورها الطلائعي ومساهمتها الفعالة والفعلية في تزويد السكان بمختلف حاجياتهم الأساسية والضرورية من أجل ضمان حياة لائقة، وتمكين المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية من التزود بحاجياتهم خدمة للاقتصاد الوطني، خاصة وأن المؤسسة دخلت في نظام الجودة للتسيير العصري، الذي يرتكز بالأساس على الاستغلال الأمثل والعقلاني لجميع الموارد البشرية كانت أو مادية.
وأبرز أن مؤسسة ميناء الجزائر تولي أهمية للعنصر البشري في إطار سياسة التسيير الحديثة التي اعتمدتها والاستراتيجية التي سطرتها، تحت إشراف مجمع الخدمات المينائية والوزارة الوصية، والسياسة الاجتماعية التي تتبعها، بالتنسيق مع الشريك الاجتماعي الذي أصبح يشكل طرفا في عملية مواصلة النهوض والرقي بالمؤسسة، مشيرا إلى أن تثبيت العلاقات الإنسانية الطيبة في مواقع العمل، يشكل الأرضية الصلبة لتمتين وتوطيد الاستقرار الاجتماعي الذي يؤدي إلى التحسين المستمر للعمل والتنمية البشرية وزيادة الإنتاج.
أكد العربي محمد، أن مؤسسة ميناء الجزائر لا تدخر أي جهد لرصد جميع الإمكانات اللازمة من أجل الارتقاء بالعامل، باعتباره العنصر الأساس في تحقيق الأهداف الاقتصادية للمؤسسة، قائلا إنه حفاظا على ذاكرة السلف. على عمال المؤسسة التحلي بروح المسؤولية والالتزام بواجباتهم المهنية مثلما إلتزم أسلافهم بالأمس، عندما وضعوا مصلحة الوطن والميناء فوق كل اعتبار، مضحين بالنفس، رغم قلة الإمكانات وظروف العمل الصعبة.
وأضاف: “بفضل تضافر جهود الجميع؛ ذلك الحلم الذي كان في أذهان أولئك الضحايا ليصبح حقيقة ملموسة بجعل ميناء الجزائر أنموذجا وطنيا، رائدا في التنمية الشاملة وضامن العيش الكريم لآلاف العمال وعائلاتهم، نجدد لهم العهد على الوفاء في خدمة الوطن”.
من جهته اعتبر الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين سيدي السعيد، إحياء هذه الذكرى، يعد بمثابة استذكار لأمجاد وبطولات ونضالات العمال، مشيدا برسالة رئيس الجمهورية التي ثمّن فيها دور العمال الجزائريين بمناسبة العيد العالمي للشغل.
...يستقبل وزير الشؤون الخارجية النرويجي
استقبل الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس، بالجزائر العاصمة، وزير الشؤون الخارجية النرويجي بورج برند، الذي يقوم بزيارة عمل للجزائر، بحسب ما أفاد به بيان لمصالح الوزير الأول.
سمح اللقاء، الذي جرى بحضور وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة ووزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل، بـ “بحث العلاقات الثنائية التي يتعين توطيدها”، بحسب نفس المصدر.
وفيما يتعلق بالجانب الاجتماعي الاقتصادي، أعرب “المسؤولان عن ارتياحهما لوضعية التعاون وآفاق تطويره في العديد من القطاعات”.
كما تطرق الطرفان إلى القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث تبادلا وجهات النظر حول آفاق تطورها.
صرحوا لـ “الشعب”:
بارش: مشهد الاعتداء كان كارثيا وخلف 200 ضحية
أكد بارش الباهي، أحد شهود العيان على مجزرة اعتداءات المنظمة المسلحة السرية ضد عمال ميناء الجزائر، بعد تفجير سيارة ملغمة، أنها كانت كارثة حقيقية، شهدت تطاير الأعضاء من أجساد العمال الجزائريين الذين كانوا يتهيأون للالتحاق بعملهم داخل الميناء، موضحا في حديث لـ “الشعب” أن التفجير وقع في الساعة 06 و13 دقيقة صباحا، أسفر عن سقوط حوالي 200 ضحية، وليس عشرات الضحايا، كما يروج له بعض البعيدين عن الحقائق التاريخية.
دعا بارش، 81 سنة، إلى الكفّ عن تزييف تاريخ عمال الميناء الكبير، دون الاستناد للحقائق والشهود التاريخية. مشيدا في معرض حديثه، بتضحيات الشهداء، لاسيما هذه الفئة ومجهودات الجيش الوطني الشعبي الساهرين على حماية حدود الوطن ليلا نهار.
موازاة مع ذلك، أوضح أنه حين وقوع التفجير، أين كان شاهد عيان، قاموا بنقل الضحايا إلى مركزين لجبهة التحرير الوطني بالمدنية وباب الوادي، رافضين أخذهم إلى المستشفيات الفرنسية، خوفا من قتلهم بسبب حقد الأوروبيين على الجزائريين، مؤكدا أن الشعب الجزائري آنذاك كان له إيمان قوي وإرادة وقاموا بمساعدتهم في نقل الضحايا ومنحهم الأغطية والمؤونة وبكل وسيلة، واختتم كلامه بالقول، أعطوا الفرصة للشباب لأنهم هم المستقبل.
المجاهدة ماروك: على شباب اليوم أن يكونوا واعين
من جهتها وصفت المجاهدة ماروك باية، 76 سنة، هذه الذكرى بالعزيزة على قلوب كل الجزائريين، تذكرنا بالشهداء الذين سقطوا في سبيل حرية الجزائر وأنها تحضر سنويا الاحتفالات المخلدة لهذه المجزرة، كونها عملت مدة ثلاثين سنة كمساعدة اجتماعية بميناء الجزائر وتدرك معاناة هذه الشريحة العمالية، مضيفة أنها ماتزال تتذكر هذه الذكرى الأليمة وعلى شباب اليوم أن يكونوا واعين ويستلهموا من تضحيات الأسلاف، كي لا يتركوا البلد يذهب إلى الهاوية، على حد تعبيرها.
أشارت في هذا الإطار، إلى أن هناك أحداث أخرى كان أبطالها العمال البسطاء الذين رفضوا تفريغ الباخرة المحملة بالأسلحة الموجهة للجيش الفرنسي سنة 1958، تضامنا مع جبهة التحرير الوطني، فردت الإدارة الاستعمارية برميهم في البحر واعتقال آخرين، قائلة: “عمال الميناء عانوا كثيرا وهم مهمشون، أغلبيتهم كانوا يقطنون في القصبة يتعرضون يوميا للتفتيش قبل دخولهم الميناء”.