رافقني القلق شعريا بداية دخولي عالم الكتابة مطلع التسعينيات
«زينزيبار» رهان في التخييل، كتابة رواية تتجاوز عملي الأول «تنزروفت»
يخيل اليك وانت تتحدث اليه انه عاصر الشخصيات السابقة للتاريخ.. يكتب من تجاربها ويسقط اعماله السردية في كتاباته، بدأ شاعرا يكتب كل انواع القصيدة، انتقل الى السرد فكتبته القصة القصيرة لتفتح امامه دروب الخلود في المتن الروائي... فاتحا المجال لاسم يكتب الرواية بصدق.. زينزيبار اخر اصداراته في الرواية... من اعماق صحراءنا الغربية يأتي مخضبا بالحكايات والمغامرات.. يعانق الحرف حدّ الثمالة... لا يكل ولا يمل ولا يعترف بالحواجز ولا الموانع لحظة الانخراط في الكتابة.. فتراه.. يثير الاسئلة من خلال العناوين التي يختارها.. في اصداراته مغامرة ابداعية تحمل بصمته وحده لا غيره.
- «الشعب»: لو بدأنا حوارنا بتقديم المبدع عبد القادر ضيف الله من أين نبدأ مسيرة شخصيته من الرواية أم القصة أم النقد أم الصحافة؟
عبد القادر ضيف: البداية هي بداية القلق كما يقول رولان بارات عن مفهومه لبدايات الكتابة، لهذا كان القلق شعريا في بداية دخولي لعالم الكتابة وهذا مع بداية تسعينيات القرن الماضي، لكن هذا الشعر لم يكن شعرا يحاكي النموذج الخليلي بل كان شعرا متمردا ينزاح نحو الحر والنثري، أو قل كان السرد يغلب عليه لهذا جاء توجهي نحو السرد القصصي وكانت أول إصداراتي مجاميع قصصية، ثم روائية، ثم جاء النقد بعد ذلك من خلال تخصصي الأكاديمي، ثم الصحافة المسموعة.
- أصدرتم رواية «زينزيبار...عاصفة البيادق « مؤخرا، هل لكم أن تحدثونا عن تفاصيل هذه المغامرة ولما هذا العنوان، ولماذا جاءت بالشكل المغاير للرواية البوليسية؟
»زينزيبار... عاصفة البيادق» ثاني عمل روائي يصدر لي بعد رواية «تنزروفت» مع بداية هذه السنة، حاولت أن أرصد في هذا العمل البوليسي التحولات السياسية والاجتماعية والأمنية التي تحدث في بلدنا الذي يمر بظروف عصيبة مثله مثل كل البلدان العربية لأننا نتقاطع جميعا في المصير والتهديدات التي تحاك حول الدول الوطنية، من خلال ما سمي بالربيع العربي، لهذا هي تطرح وجوب الوعي بالتهديدات الخارجية والداخلية ليس في الجزائر فحسب بل في الأقطار العربية، حاولت أن أتخيل المشهد الأمني سرديا وأرصد هؤلاء البيادق الذين يملأون المشهد العربي وفي الوقت نفسه رصدت نفسية الأفراد البسطاء من خلال شخصيات المدينة في الرواية.
- ماذا عن زينزيبار؟
أما عنوان الرواية «زينزيبار عاصفة البيادق» فهو اسم حانة في مدينتي في زمن الاستعمار، وهو المكان الذي تدور حوله أحداث الرواية لأن عقدة الرواية مبنية على البحث عن وثائق سرية لمنظمة دينية عالمية كانت مخبأة في سقيفة هذا البار «الحانة».
- والبيادق؟
أما البيادق فهم شخصيات الرواية وأبطالها كلهم بيادق تحركها جهات خفية.
أما من حيث شكلها المغاير للرواية البوليسية التقليدية لم يأت صدفة بل جاء بعد وعي تام بالكتابة السردية حيث جاءت «زينزيبار» كرهان في التخييل وفي كتابة رواية تتجاوز عملي الأول «تنزروفت»، لهذا منذ أن بدأت كتابتها لم أكن أفكر في كتابة رواية بوليسية لا بالشكل التقليدي المعروف الذي يعتمد على جريمة ومحقق،، ولا بأي شكل آخر، بل كانت صورة ما حدث في بلدي في تسعينيات القرن الماضي أي في العشرية السوداء ماثلة أمامي مثلها مثل صور ما يحدث اليوم في العالم العربي، خاصة مع سقوط الدول الوطنية، لهذا أردت أن أرصد هذا الواقع المشحون بالمؤامرات الداخلية والخارجية التي تحاك حولنا، وقد فرض الشكل الجديد نفسه نظرا لطبيعة الموضوع الذي يعتمد أحداث كثيرة وشخصيات كثيرة.
- موازنة مع الكتابات الأدبية المبكرة وأفول النقد أو اغترابه غير المعلن. ألا يؤثر ذلك على جماليات النصوص؟
إن كنت تقصد الاستعجال في الكتابة فأنا معك، فهو يؤثر جدا في جمالية النصوص خاصة مع تراجع النقد وهذا ما نراه للأسف في الكثير من الروايات الصادرة حديثا، في مجال الرواية وهذا مالا يفكر فيه الكثير من المقبلين على كتابتها يجب التريث، الكتابة عملية مضنية وليست ترفيها لهذا كل كاتب مطالب بأن يبقي على تلك المسافة الزمنية التي تفصل بين لحظة الانتهاء من كتابة النص ولحظة نشره، لأن هذه المسافة الزمنية تساعد على اهم مرحلة وأصعبه في الكتابة الروائية وهي عملية الحذف، وهنا أقصد حذف النفايات السردية الذي يعد أساس الكتابة الروائية، النص الذي لا ينضج على نار هادئة، ولا يتم مراجعته لتصير عملية الكتابة مثل الصناعة أي عملية حرفية نص نيئ بلا جمالية، وهذا ما نراه في غالب الكتابات التي أطلقت عليه بالكتابات المبكرة.
- النص الجزائري يعيش غربته المحلية، لكنه ينتعش عربيا ما سرّ ذلك؟
نعم هذا صحيح، السبب في اعتقادي هو غياب النقد وغياب متابعة النصوص التي تصدر من حين لآخر، لا إعلام ولا دعاية ترافق النص الجزائري ولا حتى نقد انطباعي فكيف تنتظر من النصوص الجزائرية أن تنتعش في ظلّ هذا الغياب الذي يجرّ معه غيابا آخر للمقروئية وغيابا لمن يشجع على الكتابة، ما نراه اليوم كما لو أنه حملة ضد النص الجزائري الكل يدينه والكل متفق بأن الكاتب الجزائري لا ينتج نصا جماليا، يمكن أن يكون له صدى عالمي، هذا الحكم متداول كثيرا في أوساط مثقفينا للآسف، وهذا ما يجعل من النص الجزائري نصا منبوذا بعيدا عن القارئ، لهذا أغلب الكتّاب صاروا يفكرون في نشر نصوصهم خارج الجزائر، هذا دون الحديث عن غياب نشر محترف بمعنى الكلمة في الجزائر.
- لو طلب منك تقييم المشهد الأدبي في الجزائر أين تضعون تصنيفه أدبيا وأكاديمي؟
لست متشائما، رغم كل ما يقال عن المشهد الأدبي إلا أنه بخير، وأعتقد أن السبب يعود لوجود مواقع لتفاعل الاجتماعي كسرت الحدود الزمانية والمكانية ومنحت الكاتب الجزائري فرصة كبيرة ليصنع قارئه بعيدا عن بروقراطيات الجغرافيا والمحسوبية والشللية التي طالما عان منها المشهد الأدبي عندنا. يكفي أننا صرنا نعلم ونتعرف على كل ما يصدر من إنتاجات أدبية من خلال هذه المواقع التفاعلية ونقرأ أيضا بعض أجزاء منها ونتعرّف على مستوى كتابها، يبقى الوقت مبكر جدا لتقييم كل ما يصدر، لكن أعتقد أنه ظاهرة صحية وهذا شيء إجابي في نظري يجعلني أتفاءل بأن المشهد الأدبي الجزائري بخير، وسيكون له كلمته في القادم من السنوات ليس على المستوى المحلي بل العربي أيضا.
- بما أنكم تشتغلون في مدرجات الجامعة، ألا ترون أنها غائبة عن مرافقة الإبداع؟
الجامعة ليست غائبة تماما لكنها تشتغل بعيدا عن الساحة الأدبية بمعنى أن كل الدراسات والبحوث المنجزة في أقسام اللغة العربية في جامعتنا وهي في الغالب دراسات عن روايات جزائرية أو مجامع شعرية لا تنشر ليقرأها القارئ الجزائري بل تبقى حبيسة الأدراج وهذا شيء مؤسف.
ماهو جديدكم؟
جديدي هو رواية «زينزيبار» المنشورة حديثا عن الدار للنشر والتوزيع المصرية والتي ينتظر دخولها في هذه السنة لمعرض الدولي للكتاب، وهناك رواية ثالثة انهيت كتابها وتنتظر النشر.
لو طلب منك قول تعليقا حول هاته الأسماء ما يمكنك قوله.
عاشور فني: شاعر إنساني، لازلت أتذكر مجموعته الشعرية «زهرة الدنيا» التي أهداها لي يوم التقينا بمدينة أدرار في أواخر سنوات التسعينيات.
مالك بوذيبة: شاعر فقدته الجزائر مثلما فقدت الكثير من كتابها الذين كان يمكن لهم أن يضيفوا شيئا لخارطة الإبداع الجزائري.
واسيني الاعرج: علامة فارقة في الرواية الجزائرية.
مخلوف عامر: ناقد إنساني متميز أقرب للقارئ الجزائري من أي ناقد أكاديمي آخر.
فاطمة بن شعلال: شاعرة الصمت.
جريدة الشعب: مدرسة كل الأدباء الجزائريين، نشرت لي أول خربشاتي في بداية التسعينيات. فشكرا لك صديقي نور الدين ولكل القائمين عليها.