طباعة هذه الصفحة

«معجزة الرّجال ذوي النّزاهة والفضيلة»

الإمزاد آلة الوتر الواحد

تمنراست: بن حود محمد الصالح

تبهر من يشاهدها لأول مرة، لشكلها المحدودب ووترها الواحد وقوسها، مشابها لحد بعيد آلة الكمان. إنّها آلة الإمزاد التي قالت عنها تين هينان ملكة الطوارق «معجزة الرجال ذوي النّزاهة والفضيلة»، فهي من أقدم الفنون والآلات الوترية لدى الإيموهاغ، مصنفة ضمن الموروث اللامادي، تعزف من طرف الفتاة التارقية، تصاحبها أبيات شعرية، من أشهر عازفاتها (داسين ولت ايهمة ولدت سنة 1873 وتوفيت 1933). تقول الأسطورة أن امرأة عمدت الحيلة وهي تحاول فك النزاع والصراع المستمر بين القبائل، واهتدت لآلة الإمزاد والتي ما إن سمعها الرجال حتى هدأوا، كما يقال أن من يستمع للإمزاد لا يقدم على أمر شنيع أو غير أخلاقي.
 تتميّز بالكثير من الطبوع الإمزادية حسب ما صرح به الأستاذ فرتوني مولود رئيس فرع إتحاد الكتاب الجزائريين بعاصمة الأهقار والرابطة الوطنية للأدب الشعبي، بأنّه يوجد من الباحثين من أوصلها لأربعين ولكن المشهور في أهقار ثمانية فقط، منها إيلانا، هدامة وأبو نتيي.

العالمية تفتح أبوابها للإمزاد

رغم بعدها عن الساحة الثقافية في وقت ما، فلم يكن يكاد أحد يعرف أو يسمع بهذا الموروث الثقافي الذي يعود إلى سنين طويلة، ولم يكن لديها إقبال كبير من طرف العازفات، اعتبرت 2015 سنة الإمزاد يقول مولود فرتوني، أين تم تصنيفها كتراث عالمي ضمن اليونسكو، بفضل جمعية قدّمت الإهتمام الكامل لها  (جمعية إنقذوا الإمزاد) والتي تكفلت بتعليم هذه الثقافة، بتخصيص مدرسة على مستوى دار الإمزاد.
وفي سياق متصل، يضيف مولود فرتوني أنّ تصنيفها كتراث عالمي يعد دفعة كبيرة لهذا التراث الذي كان لوقت قريب مهدد بالضياع، خاصة وأنه من الممكن أن يساهم في تنمية الإقليم المحلي بفضل البحوث التي يعكف عليها باحثون من تأطير جمعية «إنقذوا إمزاد»، إضافة إلى جهود الدكتور ديدة بادي.

متحف دار الإمزاد حارسها من النّسيان

في خطوة منها إلى حماية التراث اللامادي والمادي للأهقار، قامت جمعية «إنقذوا الإمزاد» بافتتاح متحف دار الإمزاد تزامنا مع زيارة وزير الثقافة عز الدين ميهوبي الأخيرة لعاصمة الأهقار، ويهدف المتحف حسب القائمين عليه في الحفاظ على  ثقافة الصحراء وخاصة سكان الهقار. وسيكون متحف حي ومفتوح لجميع الحضور الوطني والدولي نظرا لما يحتوي عليها من أشياء متعلقة بالتاريخ والحياة في المنطقة، حيث يضم مجموعات من المعادن من أدوات ما قبل التاريخ والأسلحة، شظايا وزينت الفخار الحجري الحديث والأشياء الثمينة التي تلخص حياة متناغمة من تاريخ الأجداد، في خطوة للمحافظة على التراث من الاندثار والضياع.