طباعة هذه الصفحة

التحليل الأسبوعي

بدائل تغني عن الزّيادات في أسعار التّأمين

فضيلة بودريش
22 أفريل 2017

يمكن القول أنّ سوق التأمينات يوجد اليوم أمام سلسلة من التحديات، التي باتت تفرض على شركات التأمين تحسين الخدمات وعصرنة منتوجها، بشكل مستمر وبطريقة تواكب المستجدات في السوق العالمية للتأمينات، من أجل افتكاك رضا الزبائن، وهناك من يرى أن الاحتكار في السوق أي الانفتاح على مبادرة القطاع الخاص، لا يجب أن تكون دافعا لمحاولة تعويض فارق الخسارة عن طريق اللجوء إلى إقرار زيادات في الأسعار تضاعف من أعباء الزبائن، والتي تشبه الزيادة في الضرائب، حيث بقدر ما يرفع سقف الرسوم الجبائية يحدث التهرب الضريبي، ونفس الأمر سار على نشاط التأمين، حيث مازال دون شك يسجل الغش الذي تفكر شركات التأمين في مواجهته بإجراءات وقائية متطورة، على غرار استحداث بطاقية للسائقين المؤمنين وإطلاقها مع مطلع العام المقبل.
ومن أبرز التحديات التي ينبغي أن تعجل شركات التأمين في مواجهتها، نذكر التركيز بفعالية في تحسين الخدمة المباشرة اتجاه الزبائن، إلى جانب السرعة في معالجة الملفات وتسوية الطعون، التي مازال عالقا منها منذ عام 2013 إلى غاية 2015 ما لا يقل عن 150 ألف ملف ينتظر البت، بالرغم من أنه تقرر الحسم فيها وطيها قبل نهاية شهر سبتمبر من عام 2018، وصار من الضروري مكافأة السائق المحترف الذي لا يتسبب في حوادث المرور، على أرض الواقع وليس جعل ذلك على الورق من دون تطبيقه، بهدف إحداث دينامكية في سوق التأمينات.
ولعل القائمين على قطاع التأمينات مدركون حساسية التأمينات الصناعية والحوادث الكبرى، التي ينبغي أن يوفر لها الخبرة الدقيقة من أجل حماية شركات التأمين من الغش وإبعادها عن خطر التعويضات التي يشوبها الريب، ويمكن القول في هذا المقام أنها تصنف ضمن أبرز التحديات الراهنة، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية، حيث سجلت بكثرة ظاهرة احتراق بعض المصانع والورشات بشكل يشتبه فيه، وهذا ما يكلف شركات التأمين أغلفة مالية ضخمة، ومن الضروري في هذه الحالة أن يطلبوا مقاربة تحليلية في العمق حتى لا تستنزف أموالهم من دون مبررات واقعية ووقوع حوادث حقيقية، تستدعي بالفعل اقتطاع التعويض، على اعتبار أن المؤمن الصغير لا يكلف كثيرا بل أن الشركة يمكنها أن تربح في الكثير من الأحيان من اشتراكات المؤمنين الصغار أكثر ممّا تربحه من تأمينات الكوارث الكبرى، لذا قبل إثارة مسألة رفع أسعار التأمين التي يجري التفكير في رفعها إلى حدود الـ 20، ينبغي مناقشة سبل أخرى تحقق أرباح الشركات التأمينية بجدية، بعيدا عن أعباء جديدة يتحملها الزبون ودون شك فإنها موجودة ومتوفرة، ولعل انفتاح الجزائر على صناعة تركيب السيارات، من شأنه أن ينعش من جديد التأمينات، أي مع نهاية السنة الجارية. ويرتقب خلال السنة المقبلة أن يعود التأمين الشامل عن المخاطر بقوة بعد تراجعه خلال عام 2016، بفعل تخفيض استيراد السيارات، والذي أفضى إلى تراجع أرباح نشاط التأمين في هذه الشعبة على وجه الخصوص.
ولأنّ شركات التأمين لديها دون شك تشريح واقعي ودراية فعلية بالسوق، وعلى ضوء ورقتها الإستشرافية وخارطة الطريق التي تتضمن مختلف الاحتمالات القابلة للتجسيد والممكن حدوثها، بإمكانها طرح بدائل حقيقية تغني عن الزيادات في أسعار التأمين، خاصة بالنسبة للمؤمن الصغير..وفي ظل توقّع تحسّن مرتقب لحجم الإقبال على التأمين بفضل الوعي، الذي ارتفع كثيرا لدى الزبائن وحاجة المؤمن اليوم إلى التامين في العديد من المجالات التي قد تطالها الأخطار المجهولة، والتي تفاجئ الزبائن كثيرا.