لعل أهم الأحداث التي ميزت الأسبوع المنقضي، الذي تزامن والأسبوع الأول من الحملة الانتخابية تحسبا للاستحقاقات التشريعية، المبرمجة في الرابع ماي الداخل، تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال الذي مرر رسالة هامة، مفادها “الانتخاب حق وواجب، ومن أراد التفريط في حقه فهو حر، ولكن ليس له أن يفرض علينا خياره، يدعو الجزائريين ليدخلوا في جحور الشك واليأس”.
حديث الوزير الأول من ولاية الجلفة، عن دعاة المقاطعة الذين يسعون جاهدين إلى فرض خيار عدم أداء الفعل الانتخابي على الجزائريين، من خلال زرع التيئيس والشك، لم يكن اعتباطيا لتزامن مثل هذه المحاولات والحملة الانتخابية، التي ركز خلالها الأمناء العامون ورؤساء الأحزاب المشاركة، وكذا متصدرو القوائم، إلى جانب المرشحين في قوائم حرة، في خطاباتهم على إقناع الجزائريين للتوجه بقوة إلى مكاتب الاقتراع يوم الرابع ماي، لاختيار ممثليهم في البرلمان الجديد.
وإذا كان المشاركون يراهنون على المشاركة بقوة في الانتخابات الوشيكة، لعدة اعتبارات أولها ضمان تمثيل بقبة المجلس الشعبي الوطني، خلال الفترة التشريعية الثامنة، فإن دعاة المقاطعة وعلى قلتهم يراهنون على العزوف عن أداء الفعل الانتخابي، ومن هذا المنطلق جاءت تصريحات سلال أن “من أراد التفريط في حقه فهو حر”، لكن ـ أضاف يقول في السياق ـ “ليس له أن يفرض علينا خياره، يدعو الجزائريين ليدخلوا في جحور الشك واليأس”.
الرهان على العزوف على الأرجح فاشل، لأنه يعكس ضعف كل من يراهن عليه وعجزه عن دخول السباق وتقديم البديل، ربما لقناعة مسبقة بأن الشعب لن يقتنع بما يقدمونه، أو لأنهم عاجزون أصلا عن تقديم خيارات، وإقناع الناخبين باختيارهم لتمثيلهم في البرلمان القادم، وأن خطابهم في الحقيقة لا يتجاوز دائرة الانتقادات، ولا مكان فيه للمقترحات.
الخطابات التي ميزت الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية،التي وإن حاولت استمالة الناخبين بالتركيز على الجانب الاجتماعي بدرجة أولى من خلال تناول ملفات تشغل المواطن بدرجة كبيرة على غرار السكن، إلا أنها لم تغفل نقطة جوهرية ذلك أن الانتخابات التشريعية التي تجري في وقتها في حد ذاتها مكسب سياسي للجزائر، التي تنظم المواعيد الانتخابية بانتظام، أمر يعكس استقرار الأوضاع، والأهم من ذلك ثبات الخطوات التي تقطعها على طريق تكريس الصرح الديمقراطي.
كما أن نجاح الانتخابات في الظرف الراهن، لما يميزه من تحديات مهم جدا لتحصين أهم المكتسبات المحققة ممثلة في الأمن والاستقرار على جميع الأصعدة، ومن هذا المنطلق حرص الوزير الأول على التوضيح أن الانتخابات التشريعية هي وبكل بساطة “محطة يختار فيها الشعب، بكل سيادة ممثليه لتجسيد إرادته الجماعية”، ويبقى الأمر الأكيد أن الكرة اليوم في مرمى الجزائريين لقول كلمتهم باختيار من يمثلهم في المجلس الشعبي الوطني.