طباعة هذه الصفحة

مشاهد درامية

صداقة عمر تحمل أسرارا؟!

م - وادي فل

تعرض حاليا في إحدى القنوات العربية أحداث مسلسل «صديق العمر» المأخوذ من رواية الأديب المصري الرّاحل ممدوح الليثي، وهو المسلسل الذي يتناول علاقة الصّداقة بين الرّئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والرّجل الثاني في الدولة المشير عبد الحكيم عامر.
يقدّم شخصية عبد الناصر في المسلسل الممثل السوري المعروف جمال سليمان، وأسند المخرج شخصية المشير عبد الحكيم عامر إلى الممثل الخفيف الروح باسم أبو سمرة، يقدّم المسلسل عدّة محطات في فترة الحكم الناصري التي امتدّت لمدة عشرين سنة.
١ - مرحلة الوحدة مع سوريا التي لم تعمّر طويلا، وبنيت مشاهد المسلسل كيف اقتحم دعاة الانفصال مكتب المشير عبد الحكيم عامر في دمشق وهدّدوه بالقتل لولا تدخّل أحد الضباط السوريّين، وأنهى الأمر بشكل سلمي وعندما عاد إلى القاهرة تعرّض إلى نقد شديد من قبل جمال عبد الناصر، وتطوّرت الأمور إلى قرار التدخل العسكري المصري في سوريا، وهو القرار الذي ألغي  في آخر لحظة لما له من تبعات خطيرة.
٢ - التدخل العسكري المصري في اليمن، وهو التدخل الذي أدّى إلى تأزّم الوضع بسبب تدخّل أطراف  خارجية في الصّراع، وتحول إلى صدام مسلّح بالوكالة كما يحدث حاليا في العراق وسوريا واليمن.
٣ - هزيمة العرب في عام ١٩٦٧ أو نكسة ١٩، وهي الحرب التي جنّدت لها إسرائيل الوسائل بما فيها المعلومات الاستخباراتية، وبقيت أسباب الهزيمة إلى صراع بين عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر الذي رفض تقديم الضباط المؤيّدين له إلى المحاكمة، وفيها اعترف عبد الناصر بالهزيمة وأعلن عن تنحية عن أي منصب سياسي، وكان رد الفعل خروج الجماهير إلى الشارع والمطالبة ببقاء عبد الناصر في الحكم، في حين طلب المشير محاكمة علنية ضد جميع المسؤولين عن الهزيمة. وبسبب هزيمة ٦٧ انتهت حياة المشير في ظروف غامضة، بعض الشائعات تقول انتحر وبعض الشائعات تقول أنه تعرض لعملية اغتيال في ظروف غامضة.
يبدو أنّ الممثل السّوري جمال سليمان قد نجح في تصوير شخصية عبد الناصر نظرا للتشابه الكبير بين الرّجلين، كما نجح تحت إدارة المخرج في تقديم ملامح وحركات عبد الناصر، كما أنّ الممثل الذي قام بدور أنور السادات كان موفّقا في تقديم شخصيته من حيث المظهر والسّلوك، وقدم المسلسل شخصية الاعلامي محمد حسنين هيكل، الذي كان الصّوت الاعلامي للرئيس جمال عبد الناصر، فقد كان يعتمد عليه لنشر أفكاره ووجهة نظره، وكان الرئيس عبد الناصر يقبل نصائح هيكل الذي كان لفترة طويلة رئيسا لتحرير الأهرام، وانتهت مهامه في الأهرام بقدوم السادات الذي عين رئيسا الذي يتوافق مع توجّهاته وقناعته.
شخصية الفنان الخفيف الرّوح تذكّرنا بالفنان الجزائري عثمان عريوات، بطل الملحمة التاريخية «الشيخ بوعمامة» للمخرج الراحل بن عمر بختي، وقد نجح إلى حد بعيد في تصوير شخصية بوعمامة في المواقف والنّضال..كما تفوّق في الجانب الفكاهي من خلال فيلم «الطاكسي المخفي». والمؤسف أنّ المبدع الجزائري يعمل في بيئة مغلقة، في حين أنّ الفنان في تركيا والمشرق يعمل في بيئة مفتوحة تسمح له بالنّجاح والتّألّق.