طباعة هذه الصفحة

صدام ساخن بين المندوبين الروسي والأمريكي بمجلس الأمن

تهم متبادلة وتحذيرات من التصعيد في سوريا بعد الهجوم على «الشعيرات»

تحذير من تداعيات الحادث على مسار المفاوضات

شهدت الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي حول سوريا، عقب الهجوم العسكري الأمريكي على القاعدة الجوية «الشعيراء»، صداما ساخنا بين مندوبي روسيا والولايات المتحدة، حيث حذرت موسكو من عواقب وخيمة لما اعتبرته «اعتداءً على دولة ذات سيادة».

فيما أكدت واشنطن استعدادها للقيام بعمليات أخرى متى استدعت الضرورة لذلك.
اتهم مندوب روسيا في الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف، الولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي، بقصفها مطار الشعيرات العسكري السوري بريف حمص الشرقي. وقال، إنه قد يشكل خطورة بالغة على الاستقرار والأمن الدولييْـن.
وقال سافرونكوف، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، الجمعة، في نيويورك، إن القصف الصاروخي الأميركي انتهاك صارخ للقانون الدولي، وعمل عدواني وغير قانوني تدينه روسيا بشدة باعتبار أنه استهدف دولة ذات سيادة.
كما اعتبره انتهاكا للاتفاق المبرم عام 2015 بين واشنطن وموسكو لضمان عدم حدوث اشتباكات بين الطائرات الروسية والأميركية في الأجواء السورية.
وأضاف، أن ما سماه العدوان على سوريا، لم يؤد إلا لتقوية الإرهاب، مشيرا إلى «هجمات مكثفة» شنّتها التنظيمات الإرهابية (المندمجة حاليا مع فصائل ضمن مايسمى هيئة تحرير الشام)، عقب سقوط صواريخ كروز على مطار الشعيرات.
وفي كلمته، قال مندوب روسيا، إن ما يجري في العراق وليبيا نتيجة التدخلات العسكرية الغربية في البلدين، وإن القصف الأميركي محاولة لصرف الأنظار عن سقوط مئات القتلى من المدنيين بقصف التحالف الدولي بقيادة واشنطن منطقة سكنية غربي الموصل، منتصف الشهر الماضي.
ونفى سافرونكوف، أن تكون بلاده تتستّر على أي شيء في سوريا، وقال إن القوات السورية ستواصل عملياتها لمكافحة الإرهاب، مطالبا الدول الغربية بالكفّ عما سماه ازدواجية المعايير في تقييم الأحداث، كما طالبها بأن تلتزم بالمعايير والمبادئ الدولية في حال أرادت أن تكافح الإرهاب.
زخاروفا: الهجوم لا علاقة له باستخدام الكيمياوي
قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أمس، إن الضربة الأمريكية التي استهدفت قاعدة الشعيرات الجوية العسكرية في سوريا لا علاقة لها بمحاولة معرفة حقيقة استخدام الأسلحة الكيميائية في إدلب.
وأضافت زاخاروفا، أن الولايات المتحدة الأمريكية طالبت بتحقيق فيما يتعلق بتلك المعدات، والطائرات التي ضربت خان شيخون، وبعد ذلك شنت ضربة على نفس تلك المعدات، التي ترغب في عمل دراسة بشأنها.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، أن هذا الأمر لا علاقة له تماما بمحاولة معرفة ما حدث مع الأسلحة الكيميائية، أو أي خطوات حقيقية لمحو تحقيق أي شيء.
مستعدون لفعل المزيد
قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، إن الولايات المتحدة اتخذت إجراء محسوبا بدقة وكان «مبررا تماما»، عندما أطلقت صواريخ على قاعدة جوية سورية بسبب هجوم مميت بأسلحة كيميائية.
وأضافت هايلي، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، الجمعة، «نحن مستعدون لفعل المزيد، لكننا نأمل ألا يكون ذلك ضروريا». مشددة على أن الولايات المتحدة «لن تقف مكتوفة الأيدي عند استخدام أسلحة كيميائية، من مصلحة أمننا القومي منع انتشار واستخدام الأسلحة الكيميائية».
واتهمت هايلي روسيا بالسماح، عن علم، باستمرار وجود السلاح الكيميائي في سوريا، وربما كان الأسد يتلاعب بها ويضللها، مضيفة أن الولايات المتحدة لن تسكت بعد الآن على تجاوزات النظام السوري.
من جانبه قال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، إن الغارات على سوريا رسالة قوية لبقية العالم، ووصفها بالحازمة والمبررة والمناسبة، وأشار إلى أن الرئيس الأميركي لن يكشف عن خطواته القادمة المتعلقة بسوريا.
عواقب ما بعد الضربة
تزيد الضربة العسكرية الأولى التي شنتها الولايات المتحدة ضد سوريا، الجمعة، من صعوبة مهمة العسكريين الأمريكيين الذين يحاربون التنظيم الإرهابي «داعش» في سوريا.
وتنشر الولايات المتحدة نحو 900 مستشار عسكري وعناصر من القوات الخاصة وخبراء مدفعية من مشاة البحرية في المنطقة نفسها لدعم قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من مقاتلين أكراد وعرب والتي تحقق تقدما ميدانيا أمام التنظيمات الإرهابية.
ولم يكن على القوات الأميركية أن تخشى شيئا من قبل الجيش السوري، لكن قصف قاعدة الشعيرات (وسط)، الجمعة، يثير مخاوف من تغيير في موقف النظام أو حليفته القوية روسيا. وقال مسؤول عسكري أميركي كبير، أمام صحافيين، صباح الجمعة، «اتخذنا بالطبع إجراءات لحماية قواتنا في سوريا». وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، «لكن لا مؤشر حاليا بحصول تصعيد أو هجوم أو أي معلومات استخباراتية بعمل للرد».
وتنشر روسيا التي تدعم سوريا عسكريا منذ سبتمبر 2015 في هذا البلد، طائرات حربية وبطاريات صواريخ جوية من طرازي أس-300 وأس-400 معروفة بفاعليتها. وعلقت العمل بمذكرة التعاون المشترك لتفادي حوادث الطيران مع أمريكا.
لكن الطابع المحدد جدا للضربة الأميركية يحدّ من مخاطر تصعيد عسكري ضد القوات الأميركية. وقال مسؤولون إميركيون، إنه تم إبلاغ روسيا مسبقا بالضربة التي لم تستهدف مكان انتشار الروس وتجهيزاتهم في القاعدة العسكرية.
وتقول كريستين وورموث، المسؤولة السابقة في البنتاغون في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما والتي تعمل خبيرة لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «سي.اس.آي.اس»، «لا أرى في الوقت الحالي مخاطر باستهداف روسيا أو سوريا لمقاتلاتنا». وتضيف وورموث، أن محاولة التعرض للقوات الأميركية المنتشرة في شمال سوريا «سينطوي على مخاطر عديدة».