جرت قرب قرية شير بالأوراس بقيادة أحمد انواورة رفقة حابة امحمد، الطاهر معاليم وسرار علي، بمشاركة حوالي 200 مجاهد. سبب هذه المعركة قيام جيش التحرير الوطني، التابع لناحية أريس، بنصب كمين للقافلة العسكرية الآتية من باتنة إلى منعة.
تحول الكمين الذي نصبه المجاهدون إلى عساكر العدو إلى معركة في سفح جبل الأزرق. شارك العدو فيها بحوالي 800 عسكري وعدد من الطائرات وعشر دبابات وشاحنات.
بدأت المعركة في الساعة العاشرة صباحا واستمرت ضارية حتى الساعة الحادية عشرة ليلا، مسفرة عن استشهاد 5 مجاهدين و11 مدنيا، إلى جانب 11 آخرين نساء وأطفال. بالمقابل، ألقي القبض على حوالي 20 مواطنا أعدم بعضهم ودمر العدو ثلاث قرى وهم أيلال عون، سامر وسنان.
أما خسائر العدو فقتل وجرح قرابة 50 عسكريا مع إسقاط طائرتين وعطب عدد من الشاحنات. إنها إحدى المعارك التي قادها الشهيد نواورة، الذي يعتبر شخصية قوية وإسما بارزا استطاع أن يتبوأ مكانة مرموقة في ثورة التحرير وتاريخ الجزائر. قال المجاهد علي ملاح، في الجزء السادس من كتابه المعنون: «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه: قادة جيش التحرير الوطني بالولاية الأولى».
وأبرز في هذا الشأن، ميزة الشهيد في التخطيط والتنظيم لمقاومة العدو وقد عين قائدا للولاية الأولى التاريخية، خلفا للعقيد محمد عموري الذي عين في مهام أخرى.
معركة الثلاثة أيام 4، 5 و6 أفريل 1959 بحيدوسة
كانت منطقة حيدوسة أثناء ثورة التحرير تابعة للناحية الأولى، المنطقة الأولى. فالقسمة الأولى من الولاية الأولى للمنطقة، تميزت بمواقع استراتيجية، حيث تعتبر ملجأ للمجاهدين أين يجدون فيه راحتهم ومؤونتهم، إلى جانب كون المنطقة معبرا هاما يربط بين جبال أولاد سلطان وقطيان وبوطالب وجبال الأوراس شرقا، وتضم عددا كبيرا من مراكز الإطعام والتموين، كما تتميز بصعوبة تضاريسها المعروفة بوديانها وكهوفها ومسالكها الصعبة.
منذ اندلاع الثورة شهدت المنطقة هبّة شعبية كبيرة لمساندتها، حيث إلتحق العديد من أبنائها بالمجاهدين وانخرط الباقون في النضال والعمل التطوعي خدمة لهذه الثورة المجيدة، وذلك ما جعلها تكون محطة أنظار العدو دوما. وقد جرت بها العديد من المعارك في جبال الناظور والشافات وتشاو، خاضها قادة كبار كبدوا فيها العدو خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
جرت معركة الثلاثة أيام في جبل السور والشافات، انشارن وغارين كرميش أيام 4، 5، 6 وأفريل 1959 المصادف لـ27، 28 و29 رمضان. قاد هذه المعركة القائد محمد الصالح بلعباس ومساعدوه بوشارب يوسف، بوعرار أحمد، علي قريشي والذيب ناصر. كان عدد المجاهدين حوالي 105 مجاهد مسلحين بأسلحة أوتوماتيكية، بينما قوات العدو قاربت خمسة آلاف عسكري وعدد كبير من الطائرات المقنبلة، الدبابات، المدرعات، الشاحنات ومدفعية الميدان.
بعد إبلاغ السلطات الفرنسية من طرف أحد الوشاة بتواجد كتيبة من المجاهدين بأحد مراكز الرحاوات جندت القوات الفرنسية عددا معتبرا من جيشها، وحاصرت المنطقة ليلا. في صبيحة يوم 4 أفريل 1959، أغارت ست طائرات على المجمع السكني «السور» ودمّرته عن آخره وأبيد معظم سكانه من عائلتي سوهالي وجوماطي. ولم ينجُ إلا القليل من الأفراد، معظمهم كانوا بعيدين عن المساكن في ذلك الصباح.
أسفرت الغارة عن مقتل أربعة من عائلة سوهالي إدريس، زوجته وأبناءه الثلاثة وجنين في بطن أمه. ومن عائلة جوماطي استشهدت الزوجة حليمة وابنها، والطفلة حدة، كما استشهدت الأختان بريك صليحة 11 سنة ومرزاقة تسع سنوات وجدتها العمراوي علجية.
وفي غار «بيللاش»، استشهد عدد من المجاهدين والمناضلين، حيث فجرت المغارة بعد وضع لغمين من طرف الخائن علي البحري على ظهري الشهيدين لونيس إدريس وزروال عمر. وأسفرت الجريمة النكراء على استشهادهما مع رفاقهم معماش صالح وبوعلى رابح وشتيرات أحمد وأعدم رميا بالرصاص خارج الغار الشهداء أبرير أحمد، سكح الأحمد وبن ناصر مسعود وأسر صحراوي حسن ومعاش خليفة وسحنون عمر، وأعدموا لاحقا في مكان مجهول.
في اليوم الثاني، انسحب المجاهدون إلى جبل انشارن وتواصلت المعركة، وألقي القبض على 29 مجاهدا كانوا في سجن تابع لجيش التحرير الوطني قرب دوار تادخت، ونقلوا إلى عين توتة. وكان رد المجاهدين عنيفا كبّدوا العدو خسائر كبيرة في الأرواح.
في اليوم الثالث، امتدت المعركة إلى غار بن كرميش بجبل عرفة، التابع لسلسلة جبال الشلعلع، وتعتبر هذه المغارة من أكبر مغارات الولاية، تحتوي على غرف عديدة بناها مواطنون بخشب الأرز والعرعار، وحتى أماكن لصناعة الألغام قريبة من مركز عائلة عنون، الذي كان يستقبل المجاهدين للإطعام والراحة في مرات عديدة.
بعد اكتشاف المغارة، قصف العدو مداخلها بغازات سامة وأسفر عن استشهاد عنون إبراهيم وابنه وأخيه وحارس المغارة، محمد عبيد. كما استخرجت 27 جثة من الغار، بعد الاستقلال، منها جثة أسير من الجيش الفرنسي ومؤخرا تم اكتشاف رفات أخرى توحي بأن عدد شهداء المغارة أكثر مما صرح به.
أما عدد الشهداء خلال الثلاثة أيام، فقد تعدى 128 شهيد، عسكريين ومدنيين، في حين بلغت خسائر العدو حوالي 700 عسكري، قتيل وزهاء 200 جريح وعطب طائرة مقنبلة، بحسب مصادر جيش التحرير الوطني.