كازنـوف: الخماســـي الأخير كرس صفحـــة جديـدة في تاريخنـا المشـترك
أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، أن الجزائر نجحت في ضمان استقرارها الاجتماعي والاقتصادي بصمودها رغم تبعات انهيار أسعار النفط، مؤكدا أن لديها مؤسسات تعمل تحت قيادة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وتحضر اليوم لانتخابات تشريعية مقررة في ماي.
فيما أكد نظيره الفرنسي برنار كازنوف القفزة النوعية التي عرفتها العلاقات بين البلدين في غضون الأعوام الثلاثة الأخيرة.
أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، في ندوة صحفية نشطها بمعية الوزير الأول الفرنسي، أمس الأول، بمقر الوزارة الأولى، أن تنبؤات مجموعات تفكير أجنبية توقعت انفجارا اجتماعيا في الجزائر قبل 3 أعوام، وتحديدا غداة انهيار أسعار النفط، أثبتت مجددا أن أصحابها أخطأوا”، موضحا أن الفضل في الاستقرار يعود إلى التسيير الصارم لمواردها المالية.
ولم يفوت المناسبة ليجدد التأكيد، أن “الجزائر يقودها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة”، وأنه “لا يقوم بأيّ شيء دون الرجوع إليه”.
واستنادا إلى الوزير الأول، “سمحت لنا الإجراءات الاقتصادية المتخذة من الحفاظ على استقرار بلدنا”، مذكرا بـ “التنبؤات التي توقعت انفجار الجزائر. بعيدا عن الديماغوجية، ليس لدينا مشاكل في المجتمع الجزائري، ولا نعرف احتجاجات منذ مدة، نجحنا في استقرار البلاد رغم وجود الحدود الحمراء، لمعانات دول قريبة منا من الإرهاب”.
وأضاف في سياق موصول، “لابد من فهمنا أن الجزائر دولة تتقدم، واقتربت كثيرا من فرنسا وشعبها، ليس لدينا أي عقدة نقص”.
وفي كلام وجهه إلى الحاضرين، قال “اعلموا أن الجزائر يقودها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي أراجعه في كل كبير وصغيرة، ولا أقوم بأي شيء دون الرجوع إليه”.
لابد أن يفهم الجميع، وفق ما أوضح المسؤول الأول على الجهاز الحكومي، أن “الجزائر لديها مؤسسات، برلمان يشتغل وتحضر لانتخابات المجلس الشعبي الوطني يوم الرابع ماي المقبل. لدينا مؤسسة عسكرية واقفة، تضمن أمن الوطن، تكافح الإرهاب إلى غاية القضاء عليه نهائيا، ولا نقاش في هذا”. مضيفا، أن “مال البترول يستفيد منه كل الجزائريين”، مذكرا أنه “في حرب التحرير تم الإعلان عن التأسيس لجزائر ديمقراطية واجتماعية”، متسائلا: “لماذا توقع الأسوأ دائما للجزائر”.
لدى تناوله العلاقات الجزائرية - الفرنسية، قال سلال: “الشيء الإيجابي الذي أؤكده بقوة، نظرا لتجربتي الخاصة، أن العلاقات الثنائية، بقرار قوي من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، عرفت انطلاقة قوية وجديدة وحسنت كثيرا العلاقات وخلقت روح مبادرة”. واليوم ـ أضاف يقول ـ أؤكد من خلال هذا اللقاء مع نظيري بأنه بالنسبة للمستقبل يوجد آفاق أخرى، المهم والأهم في الوقت الحالي انتهينا من كل ما من شأنه أن يؤثر سلبا على العلاقات الثنائية، يوجد علاقة ما بين دولتين في عدة مجالات.
في رده على سؤال يخص تقييم العلاقات، وصف الوزير الأول اللقاء بالهام، مؤكدا أن العلاقات الثنائية بين البلدين عرفت في السنوات الأخيرة تكثيفا، بعد زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر في 2012، زيارته الثانية “عرفت العلاقات الثنائية انطلاقة قوية، أشياء كثيرة أنجزت، أكثر من 100 زيارة متبادلة من طرف أعضاء الحكومة، أكثر من 500 شركة فرنسية متواجدة بالجزائر.
واعتبر أن العلاقات الثنائية اليوم حتى من الجانبين السياسي والأمني، العلاقة جد وطيدة يميزها التعاون، لأن قضية الإرهاب تتطلب وقتا كبيرا.
قضية فلسطين والشرق الأوسط في سوريا والعراق، الأمر يتطلب مجهودا لمواجهة الإرهاب كل آفة الإرهاب، ولحل معضلة المشاكل السياسية.
في سياق مغاير، وفي رده على سؤال طرحه صحافي فرنسي يخص الانتخابات في فرنسا، ذكر سلال بسياسة الجزائر، مجددا تأكيد موقف الجزائر الرافض للتدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما ذكر بأن الدستور الجزائري يمنع إرسال قوات عسكرية إلى الخارج. وخلص إلى القول “في الجزائر عملنا دائما مع من يختاره الشعب الفرنسي، الأهم تطوير العلاقات بين البلدين، من تفرزه الانتخابات مرحبا به”.
من جهته الوزير الأول الفرنسي قال: “أؤكد للجزائريين باسم الشعب الفرنسي، مهما كانت نتائج الانتخابات في فرنسا، وقياسا إلى ما تم الالتزام القوي به خلال الأعوام الخمس المنقضية الأخيرة، التعاون سيستمر في كل القطاعات التي قررنا العمل فيها معا، على غرار مسألة السلم والتطوير الاقتصادي، والتبادلات العلمية والثقافية، جامعية وإنسانية”.
قبل ذلك، حرص برنار كازنوف على التذكير بأن “زيارة عمل وكذلك زيارة صداقة، الثالثة من نوعها بالنسبة لي، سبق أن قدمت إلى الجزائر بصفتي وزيرا للداخلية، في ديسمبر 2014 وفي أفريل 2016، كانت لي الفرصة في عدة مناسبات للالتقاء بنظيري في تلك الفترة وزير الداخلية والجماعات المحلية نورالدين بدوي، وبالوزير الأول عبد المالك سلال في قمة باريس حول المناخ التي تجندت الجزائر”.
وقال في السياق، “بعد قرابة 5 سنوات من الزيارة الرسمية لرئيس الجمهورية، وسنتين من زيارة العمل والصداقة في جوان 2015، زيارتي التي تتزامن ونهاية الخماسي، تشكل فرصة سانحة لتقديم حصيلة “مرحلة استثنائية” للعلاقات، وأصر على نقطة “استثنائية” للعلاقات الفرنسية ـ الجزائرية”، مستهلا التقييم بتناول الشق السياسي، إذ تم القيام بـ110 زيارة للجزائر وفرنسا خلال الخمسة أعوام الأخيرة، سمحت بالتغذية المستمرة للعلاقات.
وذكر بوضع ميكانيزمات خاصة بتطوير العمل الثنائي حول كل المواضيع، وباجتماع اللجنة الحكومية على أعلى المستويات، 3 مرات تناولت المسائل الاقتصادية والصناعية، التي ساهمت بقدر معتبر في تعزيز العلاقات. وفي الشق الاقتصادي تم إقامة عدة مشاريع في إطار الشراكة، بينها مصنع “رونو” في 2014، إلى جانب استحداث لجنة عليا فرنسية- جزائرية تسهر على متابعة التعاون الاقتصادي.
تسليـم 410 ألف تأشــيرة... وتنقـــل 7400 طالب إلى فرنسا في 2016
على مستوى تبادل الأشخاص، تم بذل جهود معتبرة ـ بحسب كازنوف ـ للسماح للجزائريين بالتنقل وبعدد أكبر إلى فرنسا، عدد التأشيرات تضاعف في غضون الأربع سنوات، مرتفعة من 210 ألف تأشيرة في 2012 إلى 410 ألف في 2016، وارتفع عدد الطلبة الجزائريين الذين تنقلوا إلى فرنسا لمزاولة دراساتهم من 3200 إلى أكثر من 7400 طالب في نفس الفترة، التبادل الإنساني جوهري، إذ أنها بمثابة إسمنت العلاقات بين بلدينا.
الشباب قاسم اهتمام مشترك من زاوية التكوين المهني، التعليم وتوظيف الشباب. وتم استحداث سبعة معاهد للعلوم والتكنولوجيات بمساعدة فرنسا، وتم توقيع اتفاقية. وخلص إلى القول، ضمن صفحة جديدة في إطار تاريخنا المشترك، قمنا بتعزيز مشاريع شراكة جد مثمرة، لقد أعدنا بناء علاقة بين بلدينا صريحة، قوية ومستدامة”.
وتطرقنا كذلك، استطرد كازنوف، إلى المشاريع الكبرى التي يتم الاتفاق عليها، للسماح لفرنسا المستثمر الأول في الجزائر خارج المحروقات، لتظهر كل ثقتها في الجزائر ومرافقتها بطريقة أنجع في مسار تنويع الاقتصاد، وتم توقيع عدة اتفاقات نهار اليوم”.
كما تم التطرق، بحسب ذات المسؤول، “لأكبر الأزمات الجهوية التي تشغلنا في ليبيا، وفي مالي، لاسيما الوسائل الضرورية الكفيلة بتعزيز التعاون في الشق الأمني لمواجهة الإرهاب وشبكاته. في هذا الإطار نواجه نفس التحديات والتهديدات، فرنسا بحاجة إلى الجزائر، والجزائر بحاجة إلى فرنسا”.
الجزائــر تبـدي أملهـا في التقــدم سريعا في الملفـات المتعلقـة بالذاكـرة
في كلمة ألقاها الوزير الأول لدى افتتاحه أشغال الاجتماع، أوضح لدى تطرقه إلى المسائل المتعلقة بالذاكرة، أن مبادرات رسمية من الطرفين فتحت الطريق أمام وضع ميكانيزمات عمل للقيام بالتكفل الناجع بالمسائل الحساسة المتعلقة بمفقودي حرب التحرير الوطنية واسترجاع رفات الشهداء الأوائل للمقاومة، والأرشيف وكذا ضحايا التجارب النووية الفرنسية بالصحراء. مبديا أمله في التقدم سريعا في هذه الملفات”.
من جهته نظيره الفرنسي، قال في نفس الشأن، “فيما يخص مسألة الأرشيف أريد أن أؤكد بخصوص هذا الموضوع والمواضيع الأخرى ذات الطابع الحساس، لدينا إرادة مشتركة، الوزير الأول سلال وأنا، ليكون لدينا خطوات تقارب وخطاب تهدئة وتناولها باحترام”.
وأضاف، “هناك تعاون ممتاز في قضية الأرشيف، فرنسا أعادت كل الأرشيف المتعلق بالفترة ما قبل الاستعمار الذي كان بحوزتها ويخص فترة العثمانيين. كما التزمت أيضا بإعادة كل الأرشيف الذي تجده مستقبلا، التزام سيتم احترامه تماما”.
أما “الأرشيف الخاص بالفترة الاستعمارية الأهم من الوثائق التي أعدتها الإدارة، أي أرشيف التسيير بقيت في الجزائر بعد 1962. أما أرشيف السيادة الذي احتفظت به فرنسا والمحفوظ لديها، بات متاحا مادامت الآجال المحددة قانون والمقدرة بـ50 عاما انقضت، مسار تم الدخول فيه يتناول بصراحة، وفق مبدإ الاحترام.
الوزير الأول: لن نمنع الاستيراد ومشروع “بيجو” يرى النور قبل نهاية السنة
أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، أن الجزائر لن تمنع أي استيراد، موضحا أن الأمر يتعلق بالحد منه، حفاظا على الاقتصاد الوطني، بما يسمح بتكريس تنويع.
ولم يخف انشغال الجزائر من انخفاض حجم الاستثمارات الفرنسية في السنوات الثلاث الأخيرة. وأكد في سياق آخر، أن مشروع “بيجو” سيرى النور في غضون السنة الجارية.
في معرض رده على سؤال يخص الإجراءات الأخيرة الخاصة بإدراج رخص الاستيراد، حرص الوزير الأول على التوضيح “لن نمنع أي استيراد بالجزائر، والإجراءات التي بادرنا بها تتعلق فقط بالحد من الاستيراد، للصمود أمام صدمة المحروقات”. مذكرا أن الجزائر “دولة ليس لديها مديونية تقريبا، والنسبة القليلة الموجود للقطاع الخاص”.
كما جدد تأكيد عدم اللجوء مجددا إلى الاستدانة، “لأننا في سنوات التسعينيات لجأنا إلى صندوق النقد الدولي واتجهنا الهيكلة، تسببت في غلق المؤسسات والبطالة وظهور التطرف الإسلامي والإرهاب”، لن نقع مجددا في وضعية مماثلة ـ واستطرد، سنتخذ كل الاحتياطات لكي لا نجد أنفسنا مجددا في نفس الوضع”.
فيما يخص رخص الاستيراد، نبّه سلال إلى أن الجزائر أدرجت “رخصا لبعض المنتوجات، منها الفلاحية، للحد من الاستيراد، تخص 25 من بين 50 ألف منتوج”، إجراء فرضته ضرورة ضبط فاتورة الاستيراد التي كانت تناهز 60 مليار دولار، ولابد أن تقلص إلى 40 أو 35 مليار دولار”، إلى جانب مشاريع في البتروكيمياء، منها تحويل الغاز عوض بيعه خاما ما يمكننا من خلق قيمة مضافة.
وفتح قوسا، توقف من خلاله عند تسونامي انهيار أسعار الخام الأسود في 2014، وقال في هذا الشأن: “صمدنا 3 أعوام أمام صدمة البترول، منذ جويلية 2014 انهيار الأسعار. صمدنا ونصمد وسنصمد، كل مؤشرات الاقتصاد الكلي تثبت ذلك”. ومن أجل ذلك، تم اعتماد “تسيير صارم لمواردنا المالية، سمح لنا بتجسيد خيار الاقتصاد الوطني. الإسمنت كنا نستورده، سنشرع في تصديره في غضون السنتين المقبلتين”.
أما بالنسبة لصناعة السيارات، أشار إلى أنها “فتية في الجزائر تجربة مع ألمانيا “مرسيدس بنز” وأخرى مع “رونو” سنقوم بتقييم ما تم إنجازه”، موضحا “لا يكفي فقط استيراد قطع الغيار للتركيب بالجزائر وإغراق السوق، لابد أن نحلل ما تم القيام به وبحث إمكانية التصدير، لاسيما وأن الطريق العابر للصحراء... ملف “بيجو” شبه منتهي سيرى النور في 2017”، المهم والأهم في الوقت الحالي ـ بالنسبة للوزير الأول ـ انتهينا من كل ما من شأنه أن يؤثر سلبا على العلاقات الثنائية.
من جهته الوزير الأول الفرنسي برنار كازنوف، قال المسألة المتعلقة بالعلاقات الثنائية في الاستثمار والتعاون الاقتصادي، نحن أول مستثمر في الجزائر بحجم يناهز (2) ملياري دولار، نحن شركاء في مشاريع هيكلية، منها “رونو” و«سانوفي” و«ألستوم” في النقل العمومي، 450 شركة فرنسية توظف 140 ألف عامل، وقرابة 10 ملايير أورو حجم التجارة الثنائية.
كما أكد، “أتفهم إرادة الجزائر التحكم في خروج العملة وتحديد صادراتها، هو انشغال عادي من قبل دولة تسعى إلى تطوير اقتصادها في إطار التنويع، والشركات المستثمرة، نحن في هذا الإطار في علاقة ثقة تميزها الشفافية والتوازن”.