«أصبح مسير المؤسسة العمومية يتمتع بضمانات تحرر إرادته الاستثمارية وتوفر له الحماية مثل رفع التجريم عن أفعال التسيير وإفساح المجال أمام مشاريع ذات جدوى بعيدا عن تأثيرات الوصاية التي شغلها الشاغل وضع المؤسسة على سكة الاستثمار».
«توجد إمكانيات وطاقات وطنية هائلة في القطاعين العام الخاص وفي كل المجالات يمكنها أن تحقّق التحول الاقتصادي وتعبيد الطريق للمؤسسة الجزائرية نحو الأسواق الخارجية في ظلّ نتائج مشجعة أنجزتها الدبلوماسية الاقتصادية على الصعيد الإفريقي خاصة».
تضرب الحياة الاقتصادية الوطني موعدا مع بعث وتيرة النمو خلال السنة الجارية 2017، بعد أن كشفت الثلاثية الـ 20 المنعقدة الأسبوع الأخير (06 مارس) بعنابة عن مؤشرات تعزز مناخ المؤسسة الإنتاجية خارج المحروقات وتفسح المجال أمام الاستثمار في كافة القطاعات خارج المحروقات.
ومن بين أبرز تلك المؤشرات الرفع من حجم قروض الاستثمار بنسبة 25 بالمائة لتنتقل من 9100 مليار دينار في 2016 إلى 11400 مليار دينار في 2017، علما أنها لم تتعد 5156 مليار دينار في 2013.
ويتركز هذا الخيار الجريء بالرغم من صعوبة الظرف المالي الخارجي على معطيات ملموسة مثل السيولة في مختلف البنوك التي بلغت احتياطاتها إلى جانفي الأخير أكثر من ألف مليار دينار وهو رقم معتبر من شأنه أن يحقّق ضمن اليقظة المالية الأهداف المسطرة في كافة مجالات الاستثمار المنتج وتنمية شروط تجسيد النمو.
غير أن بلوغ درجة مقبولة من النمو من خلال إنتاج الثروة وتوفير مناصب العمل والتصدير في ظلّ مناخ يتحسن بشكل مستمر وتخلص من بعض المعوقات، مثل مسألة العقار الصناعي الذي حسمت السلطات العمومية أمره بتطهير المناطق الصناعية وفتح مواقع أخرى وزيادة مناطق النشاطات المحلية وفقا للمعايير، يتطلب الانتقال إلى مستوى فعال في المبادرة الاستثمارية المباشرة أو بالشراكة المحلية.
ويمكن للقطاع الاقتصادي العمومي أن يلعب دور القاطرة التي تشقّ طريق
الشراكة بين المؤسسات الجزائرية بما في ذلك التابعة للقطاع الخاص والحصول على مصادر تمويل جديدة ضمن المعايير الاقتصادية التي تضمن حقوق الشركاء وتنسجم مع التوجهات الجديدة للسوق المحلية والخارجية.
وفي هذا الإطار، أصبح مسير المؤسسة الاقتصادية العمومية يتمتع بضمانات تحرر إرادته الاستثمارية وتوفر له الحماية مثل رفع التجريم عن أفعال التسيير وإفساح المجال أمام مشاريع ذات جدوى بما بعيدا عن تأثيرات الوصاية التي تسعى وهو شغلها الشاغل إلى وضع المؤسسة على سكة الاستثمار المنتج بأقل كلفة وبمردودية جيدة شريطة العمل في إطار القانون وفي ظلّ الشفافية.
وتوجد إمكانيات وطاقات وطنية هائلة تتوزع بين القطاعين العام الخاص وفي كل المجالات يمكنها أن تحقّق التحول الاقتصادي وتعبيد الطريق للمؤسسة الجزائرية نحو الأسواق الخارجية تتقدمها الإفريقية منها بالدرجة الأولى في ظل نتائج مشجعة أنجزتها الدبلوماسية الاقتصادية على الصعيد الإفريقي وينبغي أن تتبعها عمليات ذات طابع اقتصادي بمختلف الأشكال هي من اختصاص المؤسسة ورجل الأعمال.
لذلك، فإن انجاز أهداف التحول من اقتصاد تابع مباشرة للمحروقات إلى اقتصاد إنتاجي ومتنوع يقوم به العنصر البشري على مستوى المؤسسة الإنتاجية أو المتعامل المستثمر من خلال التقاط خيط المبادرة والانتشار في السوق كطرف فاعل وليس مجرد حلقة تابعة لمنافسين من شركات عالمية وأقطاب نافذة في مختلف القارات. ولعلّ توجه المتعاملين في شتى القطاعات إلى بناء تكتلات وأقطاب متخصصة هو أول خطوة على طريق المنافسة والحرص على الديمومة.
ومن بين شروط هذا الخيار الاستراتيجي الذي ينبغي إدراك أهميته ليس بالنسبة للسوق الجزائرية، إنما بالنسبة للأسواق الخارجية، خاصة الإقليمية منها، تنمية مناخ الثقة بين المتعاملين الجزائريين الذين لا يمكنهم مواجهة المنافسة الخارجية دون الالتفاف حول الخيارات الوطنية الكبرى التي حددتها الدولة مثل الحدّ من الاستيراد وتحسين مستوى التصدير وترشيد النفقات وتقليص كلفة الإنتاج والرفع من الإنتاجية وغيرها من شروط تحقيق النمو.
وتمثل قناعة التكامل بين المؤسسات والقطاعات التي ينبغي ترسيخها في ذهنية رواد التحول الاقتصادي الحلقة المتينة في النسيج المؤسساتي الذي يحرك السوق الاستثمارية والإنتاجية والتجارية المحلية، وليس هناك من موقع أفضل من غرف التجارة والصناعة المحلية لاحتواء وتطوير هذه الذهنية شريطة انفتاحها على المحيط واستقطاب الرأسمال المحلي، وإثارة اهتمام مراكز البحث العلمي والجامعي بأهمية المساهمة مسعى بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع والتأسيس لاقتصاد المعرفة.