طباعة هذه الصفحة

حرائر الجزائر... مواقف بطولية

08 مارس 2017

تعود الذاكرة في اليوم العالمي للمرأة، إلى تلك الحقبة الاستعمارية التي عانت فيها المرأة الجزائرية من أبشع ألوان الإهانة والتعذيب والاستغلال... لقد أنصفها الرئيس بوتفليقة في كلمته الموجهة إلى حرائر الجزائر.
إذا كانت المرأة الغربية نهضت من أجل كسر التمييز والحق في العمل، فإن المرأة الجزائرية عبر الأجيال نهضت من أجل الكرامة والحرية والأنفة.
كل التقدير لأرواح أولئك النسوة الصامدات في البوادي والأرياف والفيافي والقرى، نظير صبرهن وتحملهن ثقل الوجود الاستدماري الفرنسي الذي انتهك أرضنا وداس على قيمنا، مستهدفا المرأة بالأساس، كونها الحضن العميق والحصن المتين للهوية الجزائرية ومنبع الرفض للاحتلال.
لقد مارس الاستدمار البغيض سياسة تهميش وإقصاء ضد المرأة من أول جيل واجه الاحتلال، غير أنها قاومته بالصبر والتحمل والمعاناة، لتنتج جيلا توارث روح المقاومة ودحر الاحتلال، إلى أن اكتملت حلقات التحرر والانعتاق ببروز جيل نوفمبر الذي غيّر مجرى التاريخ وصحح اتجاهه.
كانت المرأة بحق المنبع الذي تستمد منه الإرادة الوطنية وخط المقاومة الأول في وجه الغزاة الذين حلوا على هذه الأرض متخفين وراء جيوشهم الجرارة، عراة وحفاة ليبنوا مجدا مزيفا من خلال نهب ثروات الشعب الجزائري وممارسة برامج استيطانية وجدت في المرأة بالأخص حاجزا منع تسلل المغالطات والأكاذيب وأبقاها في خانة الدخيل.
إنها المرأة من تحملت أكبر جانب من العذابات وتكبدت الضرر الذي لا يجبر متحصنة في خندق الصبر إلى أن أعدت، بعد تجارب عديدة من المقاومة الباسلة بوسائل بدائية، الجيل الفعال ليكون، وهي ضمن صفوفه الأولى، الحلقة الأخيرة في سلسلة المقاومة واستكمال مسار طويل من النضال والكفاح لاسترجاع السيادة الوطنية والعودة بالجزائر، من خلال التواجد في ميادين البناء والتشييد، إلى صدارة البلدان التي تساهم بتأثيرها في موازين القوى إقليميا ودوليا.
إن أكبر شكل من المقاومة أن حرائرنا، ومنذ الوهلة الأولى لدحر الغزاة وأغلبهم من شتات أوروبا، الذين قهرهم الجوع والتشرد في بلدانهم وحولهم إلى وحوش ضارية، بقين وفيات للهوية الجزائرية بكل تفاصيلها وحملن في صدورهن تلك الشعلة التحررية، فورثناها للأجيال المتعاقبة، إلى أن ألحقت الهزيمة الكاملة بالاحتلال وطرده بلا رجعة.
جميل أن يتم في اليوم العامي للمرأة استحضار تلك الصور والمواقف البطولية للمرأة الجزائرية التي كانت من ضمن السبّاقات عبر العالم في الدفاع عن الكرامة والعزّة والحق في الوجود. ولذلك لم يكن غريبا أن تكون سباقة في البناء والتشييد، وبعدها في الصف الأول للدفاع عن الجزائر خلال العشرية السوداء، وبعدها المصالحة الوطنية، واليوم في خندق التنمية على كافة المستويات وفي كل المواقع من البيت إلى الورشة، مرورا بالمرفق العام الضامن للعدالة الاجتماعية وسلطان القانون.