فتح الباحث عمار بلخوجة ملفّا مثيرا لطالما حاول مؤرّخو المدرسة الكولونيالية الفرنسية التستر عليه لإخفاء الابادة الجماعية ضد الجزائريّين لإفراغ الأرض وتهجير السكان، وإحلال محلّهم تركيبة ديمغرافية من جنسيات أخرى.
«المحرقات» عمل إجرامي دأب عليه الجيش الفرنسي ليس في منطقة الظهرة الممتدّة من مليانة إلى نواحي مستغانم بل في باتنة ونقاط أخرى من الجزائر.
فالمجرم بليسيي أحرق مغارة أولاد رياح كلية بمنطقة عشعاشة قدّر عددهم ما بين ٧٠٠ و٨٠٠ شخص، أما المجرم الثاني سانت آرنو فأغلق مغارة عن أناس بداخلها حتى الموت، ناهيك ما أقدم عليه كلوزال في البليدة وما تعرّضت له قبيلة العوفية بالحراش.
هذه المجازر التي ارتكبها هؤلاء الغلاة كانت مباشرة عقب غزو الجزائر، واصطدام القوات الفرنسية بمقاومة شرسة في أماكن معيّنة، هذا التّعطيل في ابتلاع المزيد من الأرض دفعت بجنرالات فرنسا إلى الانتقام من السكان، وهذا بسحقهم مثلما رفع راندو شعار»أقتلوهم جميعا». وقد اعترف هؤلاء العساكر بأنّهم عجزوا أو بالأحرى فشلوا في إحراز التقدم في الميدان، وأمام هذه الوضعية ليس أمامهم إلا استعمال أسلوب القتل الجماعي، وكل فرار إلى المغارات سيكون مصير أصحابها الحرق أو الغلق..وهذا ما قام به المجرمان بليسيي وسانت آرنو وغيرهم من الضباط القتلة الذين كلّفوا بهذه المهمّة القذرة.
ومن جهته أبدى السيد سيد علي صخري منشّط فضاء النّقاش بمكتبة شايب دزاير باستور التابعة للوكالة الوطنية للنّشر والاشهار استغرابه من غياب النّقاش حول ما يثار من كلام في فرنسا بخصوص تداعيات تصريح ماكرون من قبل النّخبة في الجزائر، وكأنّ الأمر لا يعنيهم، كما طرح السيد صخري مفهوم الجريمة ضد الانسانية، الذي ظهر في المحاكمة التّاريخية للقادة النّازيّين بنورسبرغ وما يتداوله البعض في فرنسا اليوم من «مصالحة مع الذّاكرة». هذه الاشكاليات القانونية والسياسية تحفظ الكثير من الحضور الخوض فيها نظرا لحساسيتها وحتى تعقّدها وتداخلها.