آليات حوكمة شبكة الأنترنت تعاني غياب الديمقراطية
تم، أمس، إبرام ثلاث اتفاقيات، الأولى مذكرة تفاهم بين وزيرة البريد وتكنولوجيات الاتصال هدى إيمان فرعون، ووزير الاتصال المالي منطقا تال، واتفاقية تجارية بين اتصالات الجزائر الفضائية والوكالة المالية لتطوير الاتصالات، وكذا تنصيب لجنة التنسيق الخاصة بالوصلة المحورية ذات الألياف البصرية العابرة للصحراء مع أربع دول إفريقية.
أبرزت هدى فرعون أهمية شبكة الأنترنت في تطوير اقتصاديات الدول نظرا للمداخيل المالية التي تحققها، بحيث حقق الإشهار الرقمي ما يناهز 200 مليار دولار العام الماضي، كما فاقت نسبة نمو عدد مستعملي الأنترنت 7 آلاف بالمائة من سنة 2000 إلى 2016، قائلة إن حوكمة الأنترنت يجب أن تقوم على مبدأ النفاذ للجميع على الشبكة، وأن الانشغال الحالي هو كيفية مواصلة ربط شعوب القارة الإفريقية بالأنترنت، بحكم أن 25 بالمائة فقط من الأشخاص موصولين بالأنترنت، وأحيانا لا يتجاوز 3 بالمائة في بعض البلدان الإفريقية، في حين يفوق العدد 74 بالمائة بأوروبا و90 بالمائة في أمريكا الشمالية.
وأضافت وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، لدى إشرافها على افتتاح المؤتمر الإفريقي لحوكمة الأنترنت بقاعة المحاضرات نادي الصنوبر البحري عبد اللطيف رحال بحضور وزير الخارجية رمطان لعمامرة ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار و17 وزيرا إفريقيا، أنه يتوجب علينا كأفارقة وضع أسس قوية لقوانين دولية تؤطر العالم الافتراضي، وضمان المشاركة بصوت موحد في سن قوانين حوكمة الأنترنت، والحرص على أن تضمن هذه الأخيرة سيادة مبادئ الديمقراطية والمساواة، ووضع أطر السياسة العامة لتنفيذ رقابة فعالة حول حماية البيانات الرقمية الشخصية.
و قالت أيضا إن تطوير المنشآت البحرية وحدها لا يكفي لتحيين النفاذ إلى الأنترنت بشكل ملحوظ، لاسيما فيما يتعلق بتكاليف النفاذ الموفر للشعوب الإفريقية.
وأشارت في هذا السياق إلى أن العديد من العوائق تحول دون تحسين التوصيل بالأنترنت في بلداننا، كما أن المناطق المعزولة والنائية في إفريقيا لا تزال تعاني من نقص في الربط بالأنترنت وهي محرومة من الاستفادة من مزايا وإيجابيات النفاذ إلى الأنترنت، وحسب فرعون فإنه على الرغم من تطور التوصيل بالأنترنت عن طريق النقال، إلا أن النقال بدوره مرهون بالشبكات الرئيسية الوطنية للألياف البصرية والوصلات العابرة للحدود لضمان تسيير حركة الأنترنت على المسافات البعيدة.
وأكدت الوزيرة أن التوصيل الوطني والعابر للحدود يشكل دعامة يرتكز عليها النشر اللازم للشبكات الثابتة والنقالة، وأنه بتنصيب لجنة التنسيق الخاصة بالوصلة المحورية ذات الألياف البصرية العابرة للصحراء، نخطو خطوة جديدة حاسمة في عملية إنجاز هذه المنشأة الهامة، آملة في أن لا يقتصر نشاط اللجنة التي أنشأت في لقاء نجامينا على إتمام إنجاز هذه المنشأة بل العمل على اقتراح كافة الإجراءات والتدابير الرامية إلى زيادة مردودية هذا الاستثمار بل توسيعه، داعية المندوبين والأمين العام لمضاعفة الجهود من أجل تأدية المهام الموكلة إليهم على أحسن وجه.
إفريقيا بحاجة إلى الأنترنت لبلوغ أهداف التنمية المستدامة
من جهته، اعتبر أبو بكر تراوري ممثل البنك الإفريقي للتنمية حوكمة الأنترنت بعامل أساسي في القارة الإفريقية بالنظر للمكانة الأساسية للاقتصاد المرقمن، معربا عن مرافقة البنك للبلدان الإفريقية لتعزيز البحث وتنويع الاقتصاديات والهياكل الاتصالية في أطر تنظيمية للوصول إلى الرقمنة وخدمات أفضل.
نوه براهيما سانو مدير الاتحاد الدولي للاتصالات، بالمجهودات المبذولة من طرف السلطات الجزائرية تحت قيادة رئيس الجمهورية بتنظيم هذا المؤتمر الذي يترجم إرادة الجزائر للعمل مع الدول الإفريقية كي تعمم منافع الأنترنت على كافة المواطنين عبر أرجاء القارة، قائلا إن إفريقيا قارة في طريق التنمية، بحيث شهدت زيادة استخدام الأنترنت إلى 27 بالمائة نهاية 2016، وتضاعف معدل عملاء الهاتف النقال بـ83 بالمائة.
وأضاف براهيما أن القارة الإفريقية لا يزال أمامها بذل المزيد من الجهود وهي بحاجة إلى الأنترنت لبلوغ أهداف التنمية المستدامة، مشيرا إلى أننا أمام التحديات الجديدة مما يستوجب على كافة الفاعلين تجديد أفكارهم، قائلا إن إفريقيا لا يمكنها الاستجابة للتحديات إذا لم تتخطى مشكلة الربط بالأنترنت، معربا عن سعادته بتنصيب اللجنة الإقليمية للطريق العابر للصحراء.
وللإشارة، دعا المشاركون في المؤتمر الإفريقي إلى إنشاء بنك معلومات إفريقي لتأمين المعطيات وحمايتها من الهيمنة الخارجية.
المدير العام لاتصالات الجزائر الفضائية:
مالي بوابة لتسويق حلولنا في تكنولوجيات الاتصالات
صرح بن عبد الواحد محمد أنور مدير عام لاتصالات الجزائر الفضائية، على هامش توقيع اتفاقية تجارية مع وكالة تطوير تكنولوجيات الإعلام والاتصال المالي، أنه تحدث مع المتعامل المالي عن عديد الحلول التي تستجيب لاحتياجات المناطق التي تفتقد للألياف البصرية والأنترنت، والتي من الممكن ربطها عبر الساتل فقط، كما تمت مناقشة حل تكميلي لتزويد المنطقة التي تتوفر على الأنترنت منطقة أخرى من أجل توفير الانترنيت المنزلي وتغطية المناطق المعزولة كمرحلة أولى.
أضاف أنه في المرحلة الثانية سيتم مساعدة المؤسسات المنجمية المالية، عبر ربطها بشبكة الأنترنت، باعتبار تقديم الخدمات بوابة للسوق الإفريقية التي ينبغي ولوجها والتموقع فيها وعدم ترك الساحة للآخرين، مشيرا إلى أن اتصالات الجزائر الفضائية تستعمل قدراتها التي تسمح لها بنقل المعطيات عبر الساتل وتقديم خدمات تحديد المواقع الجغرافية، خاصة في الصحراء التي هي بحاجة للأنترنت.
وأكد بن عبد الواحد في هذا الإطار، أن مالي هي أول سوق لهم وهي البوابة قائلا إن هذه الاتفاقية ستسمح لاتصالات الجزائر الفضائية بتسويق حلولها، محاولة التأقلم حسب طلبات السوق، علما أن الهيئة لديها قطب اتصالات بالاخضرية مؤمن وهي متواجدة بعديد من المناطق، وحسبه فإنه ليس من السهل التحكم في طرق الشراكة، مشيرا إلى أن الاتفاقية أبرمت في وقت قياسي لا يتجاوز شهرين من المفاوضات.
حبيب الدبابي: حوكمة الاقتصاد
من جهته، أكد كاتب الدولة التونسي للاقتصاد الرقمي حبيب الدبابي، أن الاقتصاد الرقمي أضحى عنصر أساسي في التنمية، قائلا إن الحديث عن حوكمة الأنترنيت يعني الحديث عن حوكمة الاقتصاد الرقمي، مضيفا أن تبادل الآراء والتجارب الموجودة في بلدان مختلفة والاشتراك فيها مهم،.
اعتبر تنصيب لجنة التنسيق الخاصة بالوصلة المحورية ذات الألياف البصرية العابرة للصحراء، يجعل الربط بين إفريقيا وشمال إفريقيا سوقا أكبر ويمكنها من الحديث بنفس الصوت. وعن مصير مشروع ربط الجزائر وتونس بخط استعجالي للألياف البصرية في حالة انقطاع الخط في البحر، قال إن البلدين مرتبطان بالخط لتكبير نسبة التدفق، ما تزال المسائل التقنية فقط وقريبا ستربط مع بعضها البعض، بنسبة تدفق أكبر. وبالنسبة للمحتوى، قال الدبابي إن الشراكة بين الجزائر وتونس موجودة في هذا المجال، فقط المشكل يكمن في الشبكة والمحتوى، وحسبه فإنه إذا لم نقم بتحويل صحتنا وتربيتنا وزراعتنا إلى رقمية لن يكون لنا محتوى، مشيرا إلى أن هذه المسألة هي جزء من الأشياء المطروحة في المؤتمر.
تعهد بضمان سرية نقل المعلومات وأرشفتها
ميثاق لضمان حرية التعبير ومحاربة الإرهاب عبر النت
خلص المؤتمر الإفريقي حول حوكمة الأنترنت الذي اختمت أشغاله، أمس، بالجزائر، إلى توصيات هامة تعهدت خلالها الدول الإفريقية بالدفاع عن ميثاق قانون لضمان حرية التعبير، والاستعمال المتفتح، وضمان حرية الشخصيات الرقمية، والحياة الخاصة لمستعملي الأنترنت.
كما اتفقت الدول على مكافحة الإرهاب والعنف في الأنترنت، وحماية الشبكة من كل ما يمكن أن يتلفها أو يهدد الاستعمال المتوازن للمواطنين مهما كانت نسبة النفاذ في دولته ووضع الميكانزمات الكافية لحماية الأطفال عبر الأنترنت والتوزيع العادل للأرباح.
وبالمقابل، أجمع وزراء الاتصالات لـ 17 دولة على إنشاء مراكز إفريقية لجمع البيانات لضمان السرية في نقل وأرشفة المعطيات، مع المشاركة في الخبرات للتحكم في الأخطار التي تهدد المواطنين عبر الأنترنت، ومرافقة الدول الضعيفة في تقليص الفجوة الرقمية للاستفادة من نفاذ عادل للمعلومة.