نستحضر، اليوم، ذكرى رحيل شهيد الركح الجزائري، الفنان عز الدين مجوبي، الذي اغتيل ذات 13 فبراير 1995 أمام المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي، الذي كان يُشرف على إدارته. 22 سنة تمرّ على اغتيال هذا الفنان المتميز والمحبّ للمسرح والكلمة المعبّرة، ولكنها سنوات لم تقدر على أن تطفئ ذكراه، التي بقيت وستبقى في ضمير أمّة أحبّت المسرح، فبادلها الحبّ والاهتمام.
عن هذه الذكرى، يقول عبد المجيد زايد، رئيس دائرة البرمجة والتوزيع بالمسرح الوطني الجزائري، الذي عمل عن قرب مع الراحل مجوبي، إن هذا الأخير كان ما يزال يواظب على التدريبات حيث كان يشتغل على مسرحية «البوابون» لرويشد لعرضها بفرنسا، حينما كُلّف بإدارة المسرح الوطني.
يستجمع عبد المجيد زايد ذكرياته قائلا، إن يوم الاغتيال كان الإثنين 13 فيفري، وكان موافقا لشهر رمضان المعظم.. كان مجوبي متوجها لبنك التنمية المحلية من أجل الحصول على سلفة مالية للمسرح، نظرا للظروف الاقتصادية العصيبة حينذاك، وكان لديه مشروع لكي يقوم المسرح الوطني بجولة مسرحية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو دليل على أن طموح وتفاؤل مجوبي لم يكن له حدود. خلص المتحدث إلى أن الذي لم يعرف عز الدين مجوبي عن قرب لا يستطيع تصور درجة إنسانيته.
للتذكير، فقد ولد فقيد المسرح الجزائري عز الدين مجوبي بمدينة عزابة بولاية سكيكدة في 30 أكتوبر 1947. بدأ نشاطه كممثل مطلع الستينيات بتشجيع من الفنان الراحل علي عبدون، والتحق بالكونسرفاتوار بالعاصمة سنة 1963 وكانت بدايته الفنية بالإذاعة الوطنية بين 1965 و1968. شارك في أعمال كلاسيكية وقدم أخرى تلفزيونية، منها: «يوميات شاب عامل» لمحمد افتيسان وفيلم «خريف 1988» لمالك لخضر حمينة الذي يصور أحداث أكتوبر الشهيرة.
عرفت مسرحية «حافلة تسير التي انتجت سنة 1985 وشاركته في بطولتها دليلة حليلو نجاحا كبيرا وأصبحت علامة مميزة في مسرح تلك الفترة، كما شارك مجوبي في عدة أعمال ميزت تلك الفترة، كما أخرج مسرحية «غابوا الافكار» ومسرحية «عالم البعوش» التي نالت نجاحا كبيرا وأخذت جائزة أحسن إخراج في مهرجان قرطاج للمسرح بتونس.
كما شارك في المسرحية الشهيرة «بابور غرق» لسليمان بن عيسى، وخاض مع كل من زياني شريف عياد وامحمد بن قطاف وصونيا وآخرين تجربة المسرح المستقل في الجزائر، بإنشاء «مسرح القلعة» في 1990 وهي التجربة التي سمحت بإنجاز المسرحية الشهيرة «العيطة».
كما ساهم في إنتاج أعمال مسرحية مع مسارح جهوية، منها مسرح بجاية الذي قدم فيها سنة 1994 مسرحية «لحوينتة «عن نص لبوجادي علاوة ونال عليها جائزة أحسن إخراج. كان له أيضا إسهام في التكوين حيث كان أستاذا في الإلقاء والنطق بالمعهد الوطني العالي للفنون الدرامية.
إلى جانب الإبداع الركحي تقلد الراحل عدة مناصب إدارية، حيث عين مديرا للمسرح الجهوي لباتنة، ثم للمسرح الجهوي لبجاية، وعيّن سنة 1995 على رأس مؤسسة المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي. وكان هدف الفقيد الوحيد هو النهوض بالمسرح في فترة عصيبة من خلال مشروع طموح لم يمهل الموت الفجائي فرصة لتجسيده، ففي 13 فبراير 1995 اغتيل الفنان الملتزم عز الدين مجوبي أمام مبنى المسرح الوطني.. وهكذا شاءت الأقدار أن تبدأ الحكاية بالمسرح، وتنتهي بالمسرح.