طباعة هذه الصفحة

إثر الاعتداء الإرهابي الذي خلف 6 قتلى بينهم جزائريان

احتجاجات بكيبك وصرخة «كلنا للتسامح»

مراسلة «الشعب» أسماء زحزح

حالة من الأسى والحزن تعيشها الجالية العربية المسلمة، بعد تعرض المصلين بمسجد داخل المركز الإسلامي بمدينة كيبك الكندية، إلى اعتداء إرهابي خلف 6 ستة ضحايا وجرح ثمانية آخرين.

لم تفهم الجالية التي تعيش على وقع الصدمة سبب هذه الهمجية التي استهدفتها وهي المعروفة بالتسامح والتعايش ورفض العنف. لم تهضم مغزى إطلاق النار مساء يوم الأحد الفارط على مسلمين كانوا يؤدون صلاة العشاء بمسجد داخل المركز الثقافي.
في أول رد فعل على هذا الهجوم الدموي الأول من نوعه في تاريخ كندا، وصف رئيس الوزراء جستن ترودو العملية بأنها «هجوم إرهابي على مسلمين في مركز عبادة ولجوء». وأضاف ترودو قائلا : «إن الكنديين يبكون هذا الهجوم الجبان على مسجد كيبك».وعبَر رئيس الوزراء عن حزنه العميق قائلا: إنه يفكر بالضحايا وعائلتهم. هذا ما رصدته مراسلة «الشعب» من عين المكان.
قال محمد شاهد راويا التراجيديا ل»الشعب» :» كنت حاضرا أثناء الاعتداء الإرهابي. كنت على وشك الإنصراف للرجوع إلى بيتي بعد صلاة العشاء وإذ بي أسمع إطلاق نار فاجأ الجميع. خمسة أشخاص كانوا في ذلك الحين واقفين يؤدون صلاتهم وإذا بهم يسقطون الواحد تلو الآخر إثر إطلاق النار عليهم، في حين رمى الكل بنفسه على الأرض بما فيهم من كان يرتل القرآن الكريم و من كان على وشك العودة إلى بيته».
اعتقلت الشرطة الكيبكية على الفور إرهابيين، اللَذين حسب مصادرها، سلما نفسيهما على الفور بعد شنّ الهجوم. لكن إتضح أن إرهابيا واحدا فقط هو من قتل، ويتعلق الأمر بـ اسكندر بيسونات
وهو طالب بجامعة «لافال».
ولكون كيبك مدينة جامعية، فإن كل ضحايا هذا الهجوم الإرهابي الشنيع جامعيون ومثقفون إثنين منهم من الجزائر. ويتعلق الأمر بعبد الكريم حسان من مواليد 1975 بالجزائر العاصمة، وهو مهندس في الإعلام الآلي لدى حكومة كندا.
أما الجزائري الثاني فهو خالد بلقاسمي أستاذ بجامعة لافال وعمره 53 سنة من مواليد الحراش.
أما بقية الضحايا فهم من أصل مغربي وتونسي و مالي.
وأوضحت شرطة كيبك أن الشخص الثاني المسمى محمد خدير من أصل مغربي كان حاضرا وقت الهجوم و ليس إرهابيا مثلما سارعت الصحافة إلى نشره.
 الصدمة كبيرة والغضب أكبر، ليس لهذا الاعتداء الإجرامي الشنيع فحسب، بل لكونه سابقة في تاريخ كندا بلد التسامح والتعايش والتفتح على المهاجرين من كل أنحاء العالم. كما أنه أتى ساعات قليلة بعد إعلان كندا على لسان وزيرها الأول الذي عبَر من خلاله على ترحيبه بالمهاجرين واللاجئين الذين رفضتهم أمريكا بعد الحظر الذي قرَره الرئيس دونالد ترامب.
إثر هذه الصدمة الكبيرة التي هزَت كندا، كانت ليلة الإثنين تارخية، حيث خرجت حشود من المواطنين الكنديين إلى الشوارع بشتى المدن من بينها مونتريال ونظمت عدة تجمعات للمجتمع المدني عبَر من خلالها الجميع عن حزنهم العميق بشعارات «كلنا مسلمون»، «كلنا كنديون»، «كلنا إخوة».
من جهته، استنكر مجلس كنائس مقاطعة كيبك الاعتداء الإرهابي الذي استهدف المصلين في المركز الإسلامي. ومن جهة أخرى، قال الناطق الرسمي باسم أئمة مقاطعة كيبك حسن غبَة :إن الهجوم على الأرجح عمل إرهابي فردي»نفذه أشخاص عنصريون متطرفون متعصبون» واستبعد أن يكون عملا منظما. وأضاف غبَة أن الهجوم قد يكون ردا على موقف الحكومة المعارض لسياسات الرئيس ترامب إزاء المهاجرين واللاجئين ومنع دخولهم إلى أمريكا.
كما أنه دعا الجالية المسلمة في كندا إلى عدم الانغلاق على نفسها وعدم التسليم بأنها باتت محاصرة من الجميع وتحدَث عن موجة تضامن واسعة من مختلف أطياف المجتمع الكندي مع أسر الضحايا و الجالية المسلمة ككل.
يذكر أن المركز الثقافي الإسلامي في كيبك والمعروف أيضا بمسجد كيبك الكبير تعرض في السابق لهجوم معاد للمسلمين ولكنه لم يوقع ضحايا بل اقتصر على تدنيس المسجد، بعد أن وضع مجهولون رأس خنزير أمام أحد أبواب المسجد خلال شهر رمضان الفارط.
بالإضافة لهذا ندّد كثير من الكنديين بهذا الهجوم الإرهابي الذي جاء كنتيجة للّجوء العام الحالي بأمريكا إلى خطابات كراهية تدعو لإسلاموفوبيا متصاعدة، وكذا تصرفات بعض السياسيين اليمينيين الذين خلقوا شعارات منددة بالإسلام و المسلمين. بعض أطراف الصحافة الكندية هي الأخرى لها دورها في خلق هذا الجو المتوتر من خلال مسؤوليتها عن تغييب أخلاقيات الإعلام. بالأحرى إنها مسؤولية مشتركة تقع على جميع من تابع و صفق لخطابات شعبوية مشجعة على الكراهية والتطرف في بلد عرف عنه واشتهر بقيم التسامح و الهدوء والسلام.