طباعة هذه الصفحة

“الشعـــــب” تـــــزور مدرســــة أشبـــــال الأمــــة بالبليــــدة

صرح متعدد الاختصاص لتزويد الجيش بالكفاءات

البليدة مبعوث الشعب: فنيدس بن بلة

 

 المــــــورد البشـــــري حلقـــــة مفصليـــــة في التحديــــــث والعصرنــــــة

«فتيات في عمر الزهور يتابعن باهتمام بالغ دروسا في مواد علمية من فيزياء ورياضيات سنة أولى ثانوي بمدرسة أشبال الأمة في البليدة، التي التحقن بها هذا الموسم الدراسي في جانفي الجاري تحديدا بعد توسيع عملية التكوين للبنات بهذا الصرح التعليمي الذي يعول عليه في تخريج كفاءات متعددة الاختصاصات تلبي احتياجات الجيش الوطني الشعبي ومتطلباته في مسار العصرنة والتحديث، تحتل فيها الموارد البشرية حلقة مفصلية. فتيات تجتهدن في بلوغ العلى من خلال تكوين علمي معرفي في مستوى الآمال والأمنيات، أضفين على المكان حركة وديناميكية وسط محيط جغرافي بارد ميزته الثلوج المتراكمة على الأطلس البليدي جراء العاصفة الشتوية المتواصلة بالمنطقة هذه الأيام”.

إنها صورة توقفت عندها “الشعب” خلال الزيارة الإعلامية الموجهة إلى مدرسة أشبال الأمة التي نظمتها مديرية الايصال والإعلام والتوجيه ومديرية مدارس أشبال الأمة، يوم الأحد. جاءت الزيارة استجابة لمطالب عناوين إعلامية للقيام باستطلاعات وريبورتاجات لمنشآت الجيش وهياكله ومنها مدارس التكوين الساهرة على تدريب إطارات نخبوية يعول عليها في بناء المستقبل ورصد تحدياته ومواجهته برؤية استشرافية قريبة وبعيدة قبل أي طارئ ومفاجآت جيو استراتيجية.
عودة على بدء
دخلنا مدرسة أشبال الأمة في حدود الساعة الثامنة صباحا من يوم الأحد. كل شيء كان مرتبا بفضل التنظيم المحكم الذي هو قاعدة ثابتة في الجيش تمنح لها الأولوية القصوى. هذا التنظيم المحكم لاحظناه في مختلف محطات الزيارة الإعلامية التي تلقى خلالها الفريق الصحفي ممثلا لـ17 عنوانا، معلومات وافية عن الصروح التكوينية منها مدرسة البليدة التي انضمت إليها 60 شبلة في السنة الأولى ثانوي يوم 8 جانفي الجاري، بعد انتقاء دقيق وشروط لا تقبل القفز عليها منها بالخصوص العلامة الدراسية العالية. وقد وافق رئيس الجمهورية وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة عبد العزيز بوتفليقة، على مقترح توسيع مدارس أشبال الأمة إلى الفتيات تقدم به الفريق قايد صالح نائب وزير الدفاع قائد أركان الجيش.
ذكر بهذا مدير الاتصال والإعلام والتوجيه لأركان الجيش اللواء ماضي بوعلام في افتتاح الزيارة بالقاعة المتعددة الخدمات مركزا على دور الصحافة والإعلام في نقل الصورة الحقيقة للمؤسسة العسكرية والإمكانات التي توفرها لأبناء الشعب الجزائري من أجل تكوين يتماشى والرهانات الكبيرة التي تواجهها الأمة.
وذكر اللواء ماضي بالاستراتيجية الوطنية التي تحرص عليها القيادة العليا للجيش في عصرنة وتحديث المنشآت والموارد البشرية التي تستدعيها المرحلة ويطالب بها الظرف، قائلا إن مدارس أشبال الأمة الـ 10 التي تتوسع بحكم نجاح التجرية هي مشاتل لتخرج كفاءات بشرية مزودة بمضامين العلم والمعرفة ومشبعة بروح الوطنية والمواطنة المساعدة على بناء الغد.
وهي نفس العناية التي أعطاها اللواء هوام عبد العزيز مدير مدارس أشبال الأمة بمدرسة البليدة التي فتحت فيها 3 أقسام نموذجية للبنات من مختلف الفئات الاجتماعية والمناطق، لتكون لهن الفرصة للذود عن الجزائر أسوة بأسلافهن المجاهدات اللواتي قدن النضال التحرري ملحقات الهزائم بجيوش غزاة كثيرين، مثل الكاهنة لالة فاطمة نسومر وصولا إلى بطلات ثورة نوفمبر المظفرة.
تعد مدرسة البليدة النموذج الحي لمدارس أشبال الأمة التي نشأت بقرار رئيس الجمهورية 2008 للطورين المتوسط والثانوي عبر الوطن، محققة نتائج تعكس الأهداف المسطرة والطموح المنتظر والآمال المرفوعة في جعلها مشتلة لبناة الغد في جزائر واقفة تتخذ من الاختلالات قوة انطلاق نحو الأحسن والأقوم، مرتكزة دوما على مؤسسات الجيش الذي يصنع دوما انتصاراتها ويكسب الرهان.
أول دفعة تخرج والقائمة مفتوحة
في هذا الإطار قال اللواء هوام “النتائج المسجلة بمدارس أشبال الأمة أهلتها لتكون صرحا تكوينيا واعدا ورافدا آخر من الروافد غزيرة العطاء، القادرة على تطعيم قواتنا المسلحة بجيل نخبوي مشبع بقيمه الوطنية والحضارية ومعتز بأمجاد أسلافه الميامين خادم لبلاده ومؤمن بضخامة المسؤولية الموضوعة على عاتقه”، حسب ما تضمنته كلمة الفريق نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، التي ألقاها خلال حفل تخرج الدفعات بالأكاديمية العسكرية لشرشال/ الرئيس الراحل هواري بومدين سنة 2008.
في نفس الاتجاه ذهب مدير المدرسة العقيد مومني السعيد مستقبلا الوفد الصحفي، مقدما صورة دقيقة عن المرفق التربوي التكويني الذي دشن عام 2012 وخرج أول دفعة من الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال، أن الامور تسير على ما يرام والبرنامج التعليم يجسد على أحسن حال من إطارات مرافقة وأساتذة همهم تزويد الأشبال والشبلات بمعارف سر النجاح والتطور.
وليس بغريب أن يحقق من تابع دراسته فيها علامات عالية في شهادتي البكالوريا والمتوسط محققين نجاحا مائة في المائة. وهي التي حرصت عليها القيادة العليا للجيش لتكون المنبع الصافي الصادق لقيم يحتكم إليها ويسير عليها في كل الظروف والأحوال.
هنا يظهر للملأ سبب إنشاء مدراس أشبال الأمة وتتضح المقاصد والغايات من خلال عرض مفصل للإعلاميين أجاب من خلاله على الاستفسارات وأسئلة تخص التجربة، تطوراتها وتقييمها قائلا في هذا المقام مدارس أشبال الأمة التي تمتد جذورها إلى ما بعد الاستقلال مباشرة من خلال مدارس أشبال الثورة، كونت أجيالا من الإطارات الأكفاء.هذه المدارس التي استحدثت سنة 2008 بموجب قرار رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني القاضي بإنشاء مدارس أشبال الأمة للطورين المتوسط والثانوي عبر مختلف ربوع الوطن، حققت نتائج مشرّفة عكستها نسبة النجاح في شهادة البكالوريا، بلغت نسبة مائة بالمائة خلال كل الأعوام السابقة.
شهادات من عمق الحدث
توقفت “الشعب” عند هذه الحقائق وهي تزور مختلف المرافق البداغوجية والمعيشية التي تتوفر عليها مدرسة أشبال الأمة بالبليدة. كما عقدت عدة لقاءات وحوارات مع إطارات المدرسة والأشبال والشبلات، حول ظروفهم المعيشية والتكوينية والترفيهية والثقافية والرياضية.
تحدث التلاميذ عن البرنامج التكويني، الذي لا يختلف عن برنامج وزارة التربية الوطنية، من حيث المواد والحجـــم الساعـــي وكذا رزنامة الاختبارات والعطل، فيما يتضمن التكوين شبه العسكري القاعدي، فضلا عن المناحي المتعلقة

 بالانضباط والسلوك العسكري القاعدي كالتحية والنظام، يلقن خلاله الأشبال توجيها مدنيا ومعنويا يشمل مغزى وحس الواجب وحب الوطن ومعاني المواطنة وأسسها وروح العمل الجماعي والتسامح والانفتاح على العالم وتنمية شعور الانتماء للجيش والأمة.
وقالت لنا إحدى الشبلات من تيسمسيلت، بقاعة التدريس علوم تجريبة سنة أولى، إنها حلمت دوما بالدراسة في مدرسة أشبال الأمة التي تراها توفر لها ما تتطلع إليه من زاد معرفي، وقبولها بمعدل 17.32 كان أسعد يوم في حياتها، مضيفة أن مستوى التعليم هنا في غاية الأهمية والتأطير مميز يرافق الشبلات في الذهاب إلى الأبعد في طلب العلم.

ومن جهتها، أوضحت الشبلة دغيس هانية من وهران، أنها وجدت في المدرسة كل رغباتها في التعليم الجاد والجدي المستقر. وهو نفس الشعور والانطباع الذي وجدناه لدى الشبلة ياحي إيمان من هيليوبوليس بقالمة، قائلة إن معدلها 17.38 أهلها لتكون ضمن تلميذات مدرسة أشبال الأمة التي اندمجت فيها مع زملائها بأسرع ما يمكن، وهن يشكلن مجموعة شبلات يتقاسمن الإرادة في النجاح والمساهمة في خدمة الجيش الذي فتح لهن الباب للتكوين والتعليم النوعي.
على هذا المنوال سارت السيدة بن بوزيد نجية مديرة التعليم، قائلة إن الظروف مهيأة من أجل بلوغ مستوى عالي من التعليم يحلم كل تلميذ وصوله في ظرف يتطور بسرعة وعولمة تطلب النوعية في كل شيء.
أظهرت جولتنا بمرافق المدرسة العناية الكبيرة للشبلات والأشبال وجعلهم يعيشون في محيط تثقيفي ترفيهي بامتياز. ما تتولاه القاعات الرياضية والمكتبة التي وجدناها تغص بالتلاميذ لا سيما الذين يسعون إلى تحسين مستواهم باللغة الفرنسية. وفي هذا الإطار قال لنا الشبل تهاروت ايدير من تيزي وزو، إن المطالعة هي زاد المعرفة لا يمكن الاستغناء عنها. ودعم هذا الطرح الشبل كحل الراس من قسنطينة، الذي وجدناه يقوم ببحث موسع عن معنى الوقت وما يمثله لحياة الانسان.
وقال لنا شماش شوقي من بجاية، المتواجد في فريق البحث مع كحل الراس لتحضير ملف عن الوقت، إن مدرسة أشبال الأمة بالبليدة سخرت كل الظروف من أجل أن ينجح الشبل ولا سبيل آخر غير التألق وبلوغ العلى.
الزيارة الإعلامية الموجهة إلى مدرسة أشبال الأمة كشفت للصحافيين الجهود المبذولة في سبيل عصرنة وتحديث الجيش، وهو مسعى تحتل فيه مدارس التكوين والتدريب الحلقة المفصلية في تخرج كفاءات في تخصصات تستدعيها المؤسسات العسكرية ووحداتها وفروعها. من هذه المرافق والصروح مدرسة أشبال الأمة بالبليدة التي استقبلت لأول مرة شبلات اندمجن بسرعة فائقة. الشبلات الآتيات من مختلف تشكيلات المجتمع والمناطق يثبتن حقيقة واحدة ويعبرن عن صورة واحدة: أن للجيش امتدادا في الوسط الشعبي. وأن هذا الجيش المشكل من مختلف فئات الشعب يبقى وفيا لهذه القاعدة مجسدا بأمانة لتلك المقولة التاريخية للقائد البطل العربي بن مهيدي:« ألقوا الثورة في الشارع يحتضنها الشعب”.
من هذه الفلسفة والمعنى نستشف حقيقة التسمية : “الجيش الوطني الشعبي”، الذي يبقى حاملا لهذه التسمية المستمدة الأسس من مرجعية نوفمبر إلى يوم الدين.