الفرقة الفنية لجبهة التّحرير كانت سفير للقضية الجزائرية
الفن الخشبة عبر عن الثّورة بثلاثة لغات
قال الدكتور أحسن تليلاني أستاذ بجامعة سكيكدة في تصريح لـ «الشعب»، أنّ المسرح الجزائري أو ما اصطلح على تسميته بمسرح «النضال والمقاومة»، ساهم مساهمة حقيقية في الثورة إبان الاستعمار، ولا زال «مبراسا يهتدى به العالم لما يسال عن المسرح الثوري وماهيته». وعلى ضوء ذلك رفض ثليلاني كاتب وباحث وناقد وأستاذ جامعي متخصص له العديد من الإصدارات في أدب الأطفال والمسرح والنقد الأدبي والترجمة، تصنيف الأعمال المسرحية المستلهمة من الوقائع التاريخية ضمن «المسرح الثوري»، قائلا أنّ ما جاء بعد الاستقلال، يدخل في إطار «المسرح المؤرّخ»، لأنه يوثّق ويؤرّخ للأحداث التي جرت في الماضي.
أوضح لـ «الشعب» أن والزمان والمكان له أهمية، مستشهدا بالمسرحيات التي كتبها الأديب عز الدين ميهوبي وزير الثقافة حاليا، على غرار أوبيرت «ملحمة سيتيفيس» إنتاج دار الثقافة بسطيف عام 1995، وكذا فيلم العربي بن مهيدي للمخرج الجزائري بشير درايس، ناهيك عن الأفلام السينمائية التي أخرجها أحمد راشدي.
وعاد ليؤكد بأن المسرح الجزائري كان أداة من الأدوات التي استعملتها الثورة الجزائرية ضد الاستعمار في إطار ما وصفه بمسرح «المواجهة والصراع الثقافي»، وهو ما أشار إليه كذلك في كتابه الموسوم ب «المسرح الجزائري والثورة التحريرية» والذي كتب مقدّمته الراحل عبد الحميد مهري، وزير الثقافة سابقا.
وحسب نفس المتحدّث، فقد كان المسرح الجزائري «مسرحا متفائلا عبر على الثورة بثلاثة لغات»، بما فيها اللهجة الشعبية وعرفت بها الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني التي أنشأت عام 1958 في تونس وأوكلت لها بصفة رسمية من قبل قيادة الثورة «وظيفة التعريف بالقضية الجزائرية للرأي العام العالمي».
واعتبر أنّ الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، كانت أحسن سفير للقضية الجزائرية، حيث تنقّلت لعديد الدول بما فيها الصين والعراق ويوغسلافيا والمغرب، ولعبت أدوارا هاما على الحدود الجزائرية بقيادة رئيسها الراحل مصطفى كاتب، وكاتب المسرحيات عبد الحميد رايس، ومن بين إنجازاتها «نحو النور» و»الخالدون» و»أبناء القصبة» وغيرها من الأعمال.
كما تطرّق إلى نوع آخر من المسرح المكتوب باللغة العربية الفصحى، مصطلحا عليه تسميته بـ «المسرح الإذاعي»، من خلال المسرحيات التي كانت تبث عبر صوت الجزائر من القاهرة وصوت الجزائر من تونس، وأيضا الفرق المسرحية التي أنشأها الطلبة الجزائريين بجامعة الزيتونة للتعريف بالقضية الجزائرية، مستدلا في هذا المجال مسرحية «مصرع الطغاة» لعبد الله الركيبي.
كما اعتبر أنّ أهم شخصية ساندت الثورة الجزائرية واستطاعت فعلا التأثير في مسارها الأديب الجزائري كاتب ياسين، الذي حمل حقيبته وذهب إلى فرنسا وأسّس فرقة مع الأستاذ جون ماري سيرو، وكتب أول مسرحية جزائرية ثورية بعنوان «الجثّة المطوّقة» التي سبّبت جرحا عميقا للرأي العام الأوربي، لأنّها فضحت الأساليب الاستعمارية الفرنسية أو ما يسمّيها كاتب ياسين بـ «المأساة الخرساء».