د عبود: الكاتب المسرحي العربي مازال يتعكّز على تقليد التجارب الأخرى
لبوخ: الاعتماد المتنامي على «الاقتباس» سببه غياب «الدراماتورج»
اتفقت نخبة المشاركين في الندوة التاسعة لمهرجان المسرح العربي على أنّ موضوع «النص المسرحي» من المواضيع الشائكة والشاغلة لعقول الباحثين على أعلى المستويات، معبّرين عن حاجتهم المسامة لتركيب هذه النصوص بلغة درامية جديدة، تتلاءم مع روح العصر ويتجدّد من خلالها البحث عن حقيقتنا الإنسانية.
ما استخلصته «الشعب» في لقائها مع عدد من الدكاترة المختصين في المسرح، وعلى رأسهم تحسين يقين، ناقد، أديب وفنان من فلسطين الذي اعتبر أن «النص المسرحي أحد أهم مشاكل المسرح العربي خلال الثلاث عقود الأخيرة، ويقصد به «المضمون الفكري الاجتماعي والسياسي» والذي غاب، حسبه عن الحضور كما كان ينبغي عليه.
قال أنّها «منظومة متكاملة لا تريد أن تغوص في القضايا الراهنة، لطبيعة النظام الاجتماعي والسياسي في أقطارهم، وبالتالي لا يتشجّع المؤلّفين للكتابة للمسرح الذي يحتاج إلى حريّة أكبر، وبحسب نفس المتحدّث، فإنّ «الروايات العربية أكثر تحررا من المسرح، حيث يستطيع السارد أن يتحدث بمضمون قوي، كونها سردية وليست جماهرية».
وهو ما يجعل كتاب المسرح، حسبه دائما، يحسون بالقلق والهيبة والخوف من تناول المشكلات الحقيقية من فوضى فكرية وسياسية ودموية، وبذلك يلجئون إلى الرمز من خلال اقتباسات الأدب العالمي المسرحي، داعيا العرب إلى انتقاء الروايات التي تصلح ـ حسبه ـ أن «تتمسرح» مستشهدا بالرواية الفلسطينية «المتشائل» للكاتب الكبير آمين الحبيبي، التي تمّ تحويلها إلى مونودراما مسرحية عرضت 20 عاما ولا تزال تحقق النجاحات.
بدوره أرجع فؤاد لبوخ، ممثل محترف بالمسرح الجهوي لباتنة «الاعتماد المتنامي» على «الاقتباس» في العمل المسرحي في الجزائر إلى غياب «النصوص الجزائرية»، رابطا السبب بانعدام تخصص «الدراماتورج» في المنظومة التكوينية.
وحسب نفس المتحدّث فإنّ طلبة الفنون المسرحية يدرسون الإخراج والتمثيل والسينغرافيا، في غياب تخصص الكتابة الدرامية، أهم معيار ـ حسبه ـ في البناء المسرحي، داعيا إلى التكثيف من المسابقات الخاصة بالنصوص المسرحية، مشيدا في هذا الإطار بالهيئة العربية للمسرح التي برمجت مسابقتين في تأليف النص المسرحي الموجه للكبار والصغار، وهذا في إطار مهرجان المسرح العربي الذي تتواصل فعالياته بوهران إلى 19 جافي الجاري.
وفي السياق ذاته، قال إنّ الساحة الجزائرية والعربية أنجبت شخصيات روائية هامة، لكن محاولاتهم في كتابة النصّ المسرحي قليلة، لأن الروائيين في حدّ ذاتهم ليسوا متابعين للفن المسرحي، يضيف نفس المتحدّث مستدلا بالأديب الراحل «الطاهر وطار» الذي كتب النص المسرحي «الهارب» لكن لم يستطع إسقاطها على الخشبة.
أوضح الدكتور العراقي عبد الكريم عبود عودة أنّ «الكاتب المسرحي العربي، مزال يتعكّز على تقليد التجارب المسرحية الأخرى، وهذا التعكّز يؤدي بالنتيجة إلى التقليد الذي لا يرتبط بفعل التجدد والتجديد.
وقال عبود عودة ممثل ومخرج مسرحي، عميد سابق لجامعة البصرة كلية الفنون الجميلة، أنّ «المسرح العربي اعتمد على النقل ويحاول بشكل أو بآخر أن يحدد طبيعة المسرحية بالإنتاج الأدبي ولا يقترب من الإنتاج الدرامي الحقيقي، الذي هو عنصر أساسي من عناصر تواجد المسرح وحقيقة هذا المسرح».
كما أكّد نفس المتحدّث في تصريح لـ «الشعب» على ضرورة وجود المؤلف المسرحي، باعتباره الطاقة الأولى الباعثة لإنتاج العرض المسرحي والقيمة التي ينطلق منها العرض «وبالتالي ينبغي علينا أن نساير هذه العملية، كما سايرها المسرح العالمي في استخلاص تجارب في الكتابة المسرحية والركحية على مستوى الوعي والفكر والتحضر والعصر» وفق نفس المتحدّث.
عروض مسرحية فرجوية قادرة
على استنباط حقيقة دواخلنا
ويعتقد أنّه آن الأوان للمساهمة جميعا في إنتاج عروض مسرحية فرجوية قادرة على أن تستنبط حقيقة دواخلنا وكتابة هذه الحقائق بلغة مسرحية قادرة على الوضوح والشمول والتأثير التواصلي، مستدلا في هذا الإطار بـ»أرسطو»، ربان قائد سفينة المعرفة المسرحية الأول، الذي لم يفرق في كتاباته حسبه دائما بين فكرة النص وفكرة العرض، كونها تشكل القاعدة الأساسية لمفهوم الدراما.