طباعة هذه الصفحة

مؤسس المسرح المحترف بعاصمة الأوراس شعيب بوزيد لـ«الشعب»:

على الدول العربية توسيع التبادل الثقافي

ب.مسعودة

طغيان السياسة والمعيار المادي غيبا الإحساس والذوق الفني
التجربة المسرحية بباتنة لها خصوصيات فرضتها الظروف وتاريخ المنطقة

عندما يكون للإبداع عنوان،  فحتما ستبقى ملامحه التي عرفناها منذ سنوات شاهدة على الجيل الذهبي من الفنانين الذين أسهموا بشكل كبير في ازدهار وتطور المسرح الجزائري، وتقديرا منا لهؤلاء الذين مازال اسمهم خالدا في العالم العربي، حاورت «الشعب» الأستاذ شعيب بوزيد، مؤسس المسرح الباتني حول مساره ورؤيته لواقع «ابو الفنون» والتطلعات.

يعتبر «شعيب بوزيد» أول من بعث مسرح الهواة بباتنة منذ 1977م، بعد 3 سنوات من النشاط بالمسرح الجهوي، التابع لوهران، حيث وظفه المرحوم عبد القادر علولة كممثل محترف في مسرحية الرهان والنحلة. كما يعتبر من أوائل الفنانين الجزائريين الذين زاروا «اوبرا» باريس الوطنية، ثم توجه إلى جامعة فانسان الفرنسية لدراسة الإخراج، إلى أنّه عاد إلى مسقط رأسه بولاية باتنة لعدم حصوله على المنحة الدراسية في الخارج. تفرغ للندوات الفكرية بعد احالته على التقاعد.
مع العلم أنه ولد في 1953 بقرية بويخفاون، التابعة لبلدية سريانة خريج المعهد الوطني للفنون الدرامية ببرج الكيفان بالجزائر العاصمة 1974م، متحصل على دبلوم اختصاصي في التمثيل.
قال  بوزيد  لـ»الشعب»،  أنّ بدايته كانت من دار الثقافة، حيث أسّس ورشة الفنون الدرامية لتقديم دروس ومبادئ أولية فـي العمل الدرامي المعروض فوق الركح، مـن خـلال دورات تكـوين مسّت زهاء 300 فردا من الجامعات والمؤسسات التربوية اختار من بينهم مجموعة من الفنانين،  منهم بن سمع لطفي وجمال طيار وصالح بوبير وسمير أوجيت وفؤاد لبوخ وغيرهم من صنّاع المسرح المحترف، ولهم عدّة مسرحيات، أروعها «عالم البعوش» للمخرج عز الدين مجوبي ومسرحة «الملك هو المالك» للكاتب السوري سعد الله ونوس وبعدها مسرحية «الدبولوماسي» من إخراج فوزية آيت الحاج و»العشيق وعويشة و الحراز» من إخراج وتأليف عمر فطموش  وغيرها من الأعمال التي «أدخلت المسرح الباتني العالمية» على حدّ تعبيره.
أكّد بوزيد أن المسرح الباتني له أصوله وقواعده،  وخصوصياته  نابعة من تصورات فكرية ارتبطت بمراحل تاريخية وبظروف اجتماعية وسياسية معينة،  ويبدو ذلك من خلال الإنتاج المسرحي عند الرواد الأوائل الذين تأثروا إلى حدّ بعيد بالتراث الشعبي مضيفا أن  عاصمة الأوراس باتنة،  أرض الحضارة والتراث العريق، لا تزال تحافظ على مكانتها بصفتها منطقة للفن والإبداع بكل معانيه، معبّرا عن فخره واعتزازه اللامتناهي لانتمائه للمسرح الباتني، الذي يعتبر من أعضائه المؤسسين.
تابع متأسفا: «مرت العشرية السوداء مخلفة واقعا مرا لم تشهد له الحياة المسرحية مثيل، وعلى عكس السنوات الخوالي من الرقي والنجاحات، طغت السياسة والمعيار المادي وتراجع الإحساس والتذوق الفني،  داعيا جميع الدول العربية» إلى العودة للمصدر السابق، الذي ربطة بالوطنية والاحتكاك والتبادل الثقافي على طريقة الأوربيين والآسيويين».
ويشارك «شعيب بوزيد» في الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي في وهران بشهادته على صديقه المرحوم «عز الدين مجوبي» الذي وصفه بـ»الصرح العظيم من قمة المنارة الشاهقة» الذي تحصّل  بفضله المسرح الجهوي لباتنة  على أحسن أداء رجالي بتظاهرة قرطاج المسرحية
قال مسترسلا:  «وبعد عودته إلى أرض الوطن، زفّ إليهم مجوبي خبر تعيينه كمدير للمسرح الوطني بالجزائر العاصمة... حبّه للفن وولعه بالمسرح، جعله يقبل بمهمته الجديدة،  متحدّيا  الواقع المر زمن العشرية الدموية، ليسقط بعد يومين شهيدا، غير أنّ  أن ذكراه مازالت حية بروحه وطاقته الفنية الكبيرة، التي تميّز عن غيره».
رأى  شعيب بوزيد أنّ  الراحل عز الدين مجوبي الذي كان له دورا عظيما في النهضة المسرحية بجميع مجالاتها  «أفضل المسرحيين العالميين في مسيرته،  فقد لقبه بأذكى المخرجين وأكثرهم حنكة،  ورغم الانجازات الهامة التي حققها طيلة مسيرته، كان صاحب مبادئ،  متواضعا بموهبته غير متكبر.