حسمت أغلب الأحزاب السياسية مشاركتها في التشريعيات المقبلة، لكن بعيدا عن التحالفات التي عرفتها نظيرتها من التيار الإسلامي، ممثلة في جبهة العدالة والتنمية، النهضة وحركة البناء، أو كما فعلت جبهة التغيير و»حمس». فها هي جبهة المستقبل تعلن مشاركتها في الاستحقاقات المقبلة ببرنامج واقعي، هدفها في ذلك أن تكون قوة سياسية حقيقية في الساحة وفي المعادلة الوطنية، فيما حسم حزب طلائع الحريات قراره بالمقاطعة.
تترجم مواقف الأحزاب التناقضات التي تحملها الساحة السياسية بعد الركود الذي عرفته لسنوات والتي عودتنا التحرك إلا في كل موعد انتخابي مترجمة بذلك الموقف الذي يراد منه تثبيت القدم وبناء تشكيلة قوية تعتمد على قاعدة شعبية، رغم كل العراقيل القانونية وإفرازات ما يوصف بالممارسات الإدارية، ومنها ما يترجم الموقف الرافض لأي مبادرة.
في هذا الإطار، اختارت جبهة المستقبل، بقيادة رئيسها عبد العزيز بلعيد، دخول المعترك الانتخابي التشريعي المقبل بخطاب سياسي يعكس تطلعات وآمال الشعب الجزائري ولن يكون ذلك إلا من داخل قبة البرلمان، رغم انتقاده لتشكيلة اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات، التي كان من الأحزاب المنادية لها منذ تأسيسه في سنة 2012.
ويرى هذا الحزب أن المشكلة بخصوص هذه اللجنة، تكمن في مقاييس تعيين تشكيلتها والمتمثلة في القضاة الذين هم في الحقيقة موظفون لدى الدولة أو بالأحرى الإدارة الجزائرية. إلى جانب تعيين الكناس. في حين يسجل غياب تام للأحزاب السياسية المعنية الأولى بهذا الحدث. ورغم هذه التحفظات، سيشارك الحزب ويسجل حضوره تحت قبة البرلمان بقائمة من مناضليه، مستبعدا بذلك التحالف مع أي تشكيلة سياسية أخرى، كون هذا الطرح ليس من أجندات الحزب.
وثمن الحزب التحالفات التي عرفتها بعض أحزاب التيار الإسلامي، واصفا إياها بالطبيعية وهي تترجم ذكاء سياسيا لبعض التكتلات التي تشترك في رؤية وتتقارب في أفكار ومسار نضالي وتمثل نظرة حقيقية للواقع السياسي المعيش.
في المقابل، حسم حزب طلائع الحريات أمره بالمقاطعة، مبرره في ذلك عدم توفر الظروف وشروط النزاهة في هذا الاستحقاق المصيري، ما يجعله غير مستعد له، خاصة وأن هذا الموعد الانتخابي لن يحمل، بحسب هذا الحزب، أي تغيير في طريقة تسيير شؤون البلاد أو حلا للأزمة متعددة الأوجه التي تواجهها، على اعتبار أن المعارضة لن تنال حقها في البرلمان وستكون قوة صامتة لا فعالة، في ظل حالة الجمود وعدم توفر المعطيات التي لا توحي بتغيير ديمقراطي حقيقي.
وتبدو المفارقة بين الحزبين الحديثين، رغم أن قيادتيهما هي شخصيات مخضرمة وترعرعت في حزب جبهة التحرير الوطني وتقلدا فيها عدة مناصب وتدرجا في المسؤوليات، فالأول يؤكد مشاركته مع الاستمرار في بناء الحزب وتعزيز تواجده وانتشاره قاعديا، والثاني يقاطع وعينه على رئاسيات 2019.