طباعة هذه الصفحة

رسالة أمي

عبد القادر رالة

 

 

 

    كان الهدوء يخيم على الأجواء داخل الغرفة، في المطبخ  وفي الرواق...وما ان شرعت في قراءة رسالة أمي حتى بدأت دموعي في الانهمار...
اشتقت إليك يا أمي، اشتقت الى ابتسامتك، الى قبلاتك وحضنك. بل اشتقت الى عقابك بالحذاء البلاستيكي الاحمر أو بعصا المكنسة !
اشتقت الى احاديثك الشيقة والممتعة مع جدتي، أو مع جارتنا رقية التي تبدو بأنها لن تنتهي... أو شكاوي جارتنا الأخرى رحمة؛ شكاوي مليئة بالحب والتفهم بدل التذمر والكراهية!
اشتقت الى شجارك اليومي مع والدي بسبب وبدون سبب! وما أروعها من كلمة كنت تقولينها له: هذا بيتي وبيت أولادي، ولا مكان أخر أذهب إليه!
وبالرغم من أني كنت طفلاَ إلا أني كنت اندهش من خصامكما فهو يحبك وأنت تعشقينه! فقد سمعتك تهمسين لجدي، والدك، وهو يتهدد ويتوعد: - انه زوجي وأنا أحبه!
وأنا الآن زوج ، أتشاجر مع زوجتي لكن لا أضربها، ودائما استرجع صدى خلافاتكما فأبتسم: ما أصغر عقل المرأة وما أسرع غضب الرجل! لو كان عقل المرأة كبير قليلاَ ، وقلب الرجل متسع لما تخربت الكثير من البيوت!
اشتقت الى فرحتك بي لما نجحت في امتحان الابتدائي، وفي امتحان المتوسط، وفي امتحان البكالوريا. كنت  دائما تفاخرين بي بين الجارات والقريبات!
اشتقت الي تململك وأنت تقترحين علي الفتيات ...تذكرين فلانة... وعلانة وتريني صور الشابات الجميلات...وأنا أرفض..أو أتردد... اشتقت الى استياءك لما استجبت لاختيار والدي على اقتراحاتك! خطبت الفتاة التي اختارها والدي....
زوجتي تتعجب من رسائلك في زمن الهاتف!
تعودت ان تذهبِ الى ميمونة لكي تقرأ لك رسائلي، وهي التي تكتب رسائلك! وزوجتي أيضا تتعجب لماذا لا أشارك أحدا في قراءة رسائلك؟!
إنها رسائل الحب، أنا أحببت وتعذبت من بعيد، لكن ما كتبت رسائل حب . فما أكتبه لك اعتبره رسائل حب، وأنك الحبيبة الاولى، أليست الأم هي الحبيبة الأولى؟