حملت رسالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس، للمشاركين في ملتقى القرآن الكريم، رسائل واضحة المعاني، تؤكد تأسّف صاحبها لواقع عالمنا العربي والإسلامي، حيث تصدّرتها الدعوة إلى مضاعفة المبادرات والمساعي السياسية والدبلوماسية لحل النزاعات، قائلا: «إن دماء المسلمين تزهق في جل ربوع أمتنا العربية الإسلامية» وسفك دماء المسلم من أعظم المحرمات وأكبر الجرائم، محمّلا أبناء الأمة مسؤولية ما يقع من مآسي جراء فهمنا الخاطئ للدين الإسلامي، وهي محطات توقف عندها الرئيس.
مناشدة الرئيس بوتفليقة المشاركين في الطبعة 18 لأسبوع القرآن الكريم، الذي انطلقت أشغاله، أمس، بالعاصمة، هي بمثابة لسان حال قلب المسلم الذي ينفطر لوضع الأمة العربية والإسلامية هذه الأيام ومنذ سنوات خلت، شهد فيها عالمنا إراقة الدماء وإزهاقا للأرواح البريئة، بسبب المفهوم الخاطئ لديننا الحنيف وتحت مسميات طائفية.
اغتنم رئيس الجمهورية فرصة التقاء المشايخ والعلماء وحاملي رسالة الإسلام في هذه التظاهرة الدينية، ليؤكد موقف الجزائر من الواقع الأليم الذي يحصل في الدول الشقيقة، بداية في ليبيا الجارة، قائلا: إن «دماء المسلمين تزهق اليوم في قطر الجارة شقيقتنا ليبيا وفي اليمن وسوريا والعراق وأقطار أخرى من العالم العربي الإسلامي»، مشيرا إلى أنه «أمام هذه المأساة، يجب علينا نحن المسلمين أولا أن نضاعف المبادرات والمساعي السياسية والدبلوماسية لحل هذه النزاعات».
الدين الإسلامي يتعرض للتشويه من أعداء لدودين
كما خاطب الرئيس بوتفليقة المشايخ والعلماء إلى حماية الدين الإسلامي ومحاربة أفكار التطرف والفرقة التي بسببها يتعرض الدين إلى تشويه ممنهج من أعدائه اللدودين، حيث ناشدهم قائلا: «أناشدكم أنتم العلماء وطليعة الأمة الإسلامية، أن تهبّوا للدفاع عن صورة ديننا الحنيف الذي يستهدف اليوم، عمدا وظلما، من طرف أوساط حاقدة وبين مجتمعات لا تعرف عنه الكثير».
الإسلام براء من أشكال العنف والغلو
كما أكد رئيس الجمهورية أن «الوسطية هي أحسن برهان على نبل الإسلام ونبذه لأي شكل كان من أشكال العنف والغلو، فما بالك بإزهاق الأرواح وإراقة الدماء وغير ذلك من جرائم الإرهاب».
رئيس الجمهورية قال إن «الأمة مستوقَفة اليوم أمام هذا الرهان، وهو رهان عظيم للدفاع عن ديننا؛ رهان أساس لحفظ البشرية قاطبة من صراع الديانات والطوائف، وكم هي خطيرة مثل هذه الخصومات والصراعات».
في هذا الصدد جدد الرئيس بوتفليقة التأكيد على أن «رصيد الجزائر الغني بمواقف الاعتدال منذ اختارت الإسلام دينا عن طواعية واقتناع وأخذته من معينه الصافي سليما من دواعي الإفراط وأسباب التفريط، هو الذي يحمي اليوم مجتمعنا من هذه التجاذبات الإقليمية والعالمية».
خطاب رئيس الجمهورية أكد أن الجزائر مرجعيتها تكمن في علمائها الذين نهموا من سنّة النبي عليه السلام الذي يتجذر حكمه في الوسطية والإعتدال أصيلا رفيعا، مشيرا إلى أن ذلك لم يجعل الشعب الجزائري يتردد في الالتفاف حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كما انه لم يتوان في تحقيق مقاصد المشروع والتمكين لمراميه، بل أقدم على التواصل الرصين والتفاعل الإيجابي مع كل مشاريع الدولة الهادفة إلى اجتثاث أسباب التشدد والغلو والتنطع.