ترتفع حمى الانتخابات التشريعية في السر من خلال انتهاج رؤساء الأحزاب مخططات واستراتيجيات تخفف عنهم الضغط وغضب المناضلين الذين سيجدون أنفسهم خارج القوائم وفي أحسن الأحوال سيرتبون في وسط أو آخر القوائم.
حاول الكثير من رؤساء الأحزاب تحضير المقصين من القوائم مسبقا، من خلال تبرير الخيارات بضرورة التشبيب وفتح الباب للكفاءات وتمكين النساء من ثلث القوائم. وهناك من اختار تبرير الخيارات دون الإعلان عنها بالرئيس الشرفي للحزب وهناك من دعا إلى دورة استثنائية للفصل في القوائم حتى يعيطها شرعية الإجماع التشاور.
وكان حزب جبهة التحرير الوطني السبّاق لإقناع القواعد بتجنب التمرد والعصيان، حيث أكد الأمين العام السابق عمار سعداني، أن كل مترشح يجب أن يعود للقسمة ويجلب التأييد والشرعية الشعبية لترشحه. وكان ذلك ردا عنيفا على من كان ينتظره لساعات في المقر المركزي بحيدرة ليسلم على جبهته أو يقوم بإرسال رسائل هاتفية قصيرة حتى يضمن رضا سعداني، الذي تحسّر على مستوى بعض المناضلين ليتبين أن اختيار قوائم المترشحين لتشريعيات 2017 لن يكون بردا وسلاما على الأمين العام الحالي جمال ولد عباس، الذي أكد في عديد المرات أن كل الأمور في الحزب يجب أن تحظى بموافقة الرئيس واستشارته وهو ما من شأنه أن يقلل الضغط عنه، خاصة وأن الحزب العتيد قد شهد تجارب مرة سابقا، بعد أن ترشح مناضلوه تحت عباءة أحزاب أخرى وافتكوا نجاحات باهرة، جعلتهم يعودون لأحضان الحزب بعد الانتخابات، في إطار فرض سياسة الأمر الواقع.
واستبق الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، الجميع وقام بزيارات مكوكية لمختلف الولايات لجس نبض القواعد حول التشريعيات ومنه بناء قواعد معلومات ومعايير لانتقاء الوجوه التي ستمثل الحزب. ويمنح «الأرندي» أهمية قصوى لاختيار الكفاءات اللازمة في سياق عزمه استرجاع الأغلبية في البرلمان وفرض ضغط على الحزب العتيد الذي يوجد في مرحلة صعبة نوعا ما.
وفتحت أحزاب التيار الإسلامي باب الترقب من خلال الإبقاء على استراتيجية التحالفات وإمكانية الدخول بقوائم خاصة بها، وترك المجال للمناضلين لاختيار ما يليق بالحزب تجنبا لردود فعل صادمة من القواعد وغضب من يريد اقتحام السلطة التشريعية.
فصلت «حمس» بالمشاركة في الاستحقاقات لقياس وزنها في الساحة، بعد موجة انتقادات شديدة لخيارات الحركة التي لم تستقر على منهج معين. وسيكون فتح المجال للقواعد بالمشاركة، نوعا من التأكيد على أن الكل معني بالفشل أو النجاح وليس فقط رئيس الحركة عبد الرزاق مقري، الذي يحمله الكثيرون نتائج ما وصلت إليه الحركة الآن.
وتبقى الأحزاب التي تسير بقبضة حديدية، على غرار العمال والجبهة الشعبية الجزائرية والجبهة الوطنية الجزائرية، الأكثر استقرارا والتزاما بخيارات القيادة وحتى الحركات الاحتجاجية والتصحيحية لم تتمكن من زعزعة استمرار الزعماء الذين أنشأوا تلك الأحزاب التي تبحث عن مكان لها وسط الأحزاب التي ألفت حيازة الأغلبية.