شهدت قاعة النادي الأدبي بدار الثقافة الدكتور احمد عروة بالقليعة مساء أول أمس أمسية شعرية رائدة، تألّق فيها العديد من الشّعراء المحسوبين على ولاية العاصمة، والذين نزلوا ضيوفا على شعراء تيبازة في إطار برنامج التنسيق والتبادل الثقافي بين المنطقتين، وهي التظاهرة التي شهد لها جميع الحاضرين بالرفعة والتميّز والمستوى العالي.
كان يوم للبوح وللكلمة الشعرية الهادفة، وقرأ الشعراء كل واحد على منواله الشعري وصدحوا عاليا لكل طريقة فنية متميّزة، قرأ فيها الحاضرون الكثير من التألق في انتقاء الكلمة وتوزيعها وفقا لما يليق المقام لكل شاعر، كما قدّم الشاعر بخوش بالمناسبة قصائد شعرية رائعة قال عنها الناقد أونعيم بأنّها تنافس أجود القصائد العربية التي قيلت وألقيت عبر سنين طويلة. وتميّزت الشّاعرة سليمة مليزي بقصيدة نثرية تتحدّث عن وصايا أحد العارفين بشؤون البلد لإبنه ينصحه فيها بأن لا يقدم على البلوغ ويبقى طفلا في تصرفاته ونظرته للواقع، الذي أصبح القتل وهتك العرض فيه أمرا عاديا، والأدهى من ذلك أنّه ينفّذ باسم الدين.
وبالمقاس ذاته، صاحت حنجرة الدكتور مصطفى بلقاسمي الأستاذ بكلية الأدب لجامعة تيزي وزو لإلقاء قصيدة في منتهى الروعة حول قضية الاسراء والمعراج، مشيرا من خلالها إلى أنّ ما يدور بعالمنا حاليا يدعو لتكرار التاريخ لنفسه، وهي القصيدة التي تفاعل معها الجميع بالنظر إلى دقة الكلمات المنتقاة بها وترابط الأفكار المطروحة بها، وكذلك الأمر مع الشّاعرة مريم معوج التي مثّلت الشّعر النسوي بامتياز من خلال إلقائها لقصيدتين نالت إعجاب المتلقّين، مع الاشارة إلى كونها كانت قد حصلت على المرتبة الثانية لجائزة رئيس الجمهورية علي معاشي في طبعة 2015، وعلى المرتبة الأولى بمهرجان الأدب النسوي بقسنطينة خلال السنة الجارية ولا تزال تتألّق باستمرار، غير أنّ الشاعرة مايسة بوطيش أبدعت كثيرا في إلقاء منتوجها الشّعري باللغة الفرنسية التي تحبّذها، لاسيما وأنّها ألّفت إلى حد الآن 5 دواوين شعر بهذه اللغة مقابل قصة واحدة باللغة العربية وقصة أخرى باللغة الفرنسية، كما ألقت قصيدة أخرى باللغة العربية اعتبرتها من طينة الخواطر من فرط تواضعها، كما أفلح الشّاعر رياض منصور من مدينة الأربعاء بولاية البليدة في إلقاء قصيدة بعنوان «نامت الأبواب»، والتي تتحدث عن العشرية السوداء التي مرّت بالجزائر وقصيدة أخرى بعنوان ‘أكتب» لتثبيت الشهادة على الجرائم والخروقات التي يشهدها عالمنا.
وبالنظر إلى رفعة المقتطفات الشعرية المقدمة من لدن الشعراء الذين تألّقوا فأبهروا، فقد عبّر الشّاعر النّاقد أونعيم عن تفاؤله بالمستوى الراقي الذي بلغه مستوى الشّعر بالعاصمة متمنيا بأن لا يتدحرج هذا المستوى إلى حدود دنيا مستقبلا، لاسيما وأنّ مؤطّري هذا النّمط الفني ينحدرون من فئة الشباب التي قطعت العهد باليقين على أنّها سترقّي الشّعر بكل أطيافه وأنماطه مستقبلا بالشّكل الذي يعيد للأدب هيبته ومكانته في المجتمع والسّاحة الثقافية.