فتحت الهيئة القضائية لمحكمة الاستئناف لدى مجلس قضاء وهران، أمس، إحدى أهم ملفات الفساد التي تستهدف الاقتصاد الوطني والمال العام من خلال طرق ملتوية، رسمتها إطارات مخول لهم السهر على حماية المصلحة العامة.
تعلق الأمر بالجريمة التي راحت ضحيتها مؤسسة دعم وتشغيل الشباب «أونساج» بولايات الناحيتين الغربية والشرقية للبلاد، شهر سبتمبر من سنة 2014، أين تلقت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بوهران، بمعية فصيلة الأبحاث للمجموعة الإقليمية للدرك الوطني، معلومات دقيقة تفيد بوجود شبكة معروفة بالاحتيال والتزوير تنشط في الخفاء عن طريق التنسيق مع موظفي وإطارات بلديتي بئر الجير والسانيا وبالضبط على مستوى مصلحتي استخراج البطاقات الرمادية في الفترة المتزامنة مع إطلاق الحكومة مشاريع دعم وتشغيل الشباب.
وبحسب التحريات التي طالت المصلحتين، فقد تم اكتشاف أزيد من 50 ملفا قاعديا مزورا من مختلف الوثائق، بما فيها بطاقات رمادية تعود لحافلات ملك لمؤسسة «أونساج» تم بيعها بطرق غير قانونية عن طريق تشفير الرسومات الدالة على تبعية صاحبها أو مالكها بخضوعه لمديرية الضرائب طيلة الفترة المحددة، ضمن الشرط المنصوص عليه في مثل هذه المؤسسات.
وبحسب محاضر الضبطية القضائية، فقد تمكّن عناصر الأمن من الإطاحة بأفراد هذه الشبكة، عن طريق طرف خيط قادها إلى الإيقاع بأحد باروناتها المنحدر من الشرق الجزائري، بمعية حاشيته من موظفين بالبلديتين سالفتي الذكر، إلى جانب أزيد من 15 متهما آخر شاركوا في تأسيس هذه الإمبراطورية الموازية.
كما أنّ التحريات أثبتت أن المتهم الرئيس نسق مع شركائه، بإنشاء مؤسسة نقل وهمية لضمان استقطاب الشباب المستفيدين من هذه المركبات، على أساس تأجيرها منهم بمبالغ مالية تتراوح مابين 5 إلى 8 ملايين سنتيم شهريا للفرد الواحد، ليتسنّى لهم فيما بعد بيعها عن طريق تزوير الملفات القاعدية لها على أساس أنها ذات ملكية خاصة غير خاضعة للضرائب.
وتبين أن معظم ضحاياهم شباب ينحدرون من ولايات نائية وعن طريق عملاء لهذه العصابة قاموا باستدراجهم لقفص هذه المافيا، بينهم المتهم الماثل في قضية الحال الذي أنكر جملة وتفصيلا التهمة الموجهة له، مصرحا أنّه قام بتأجير حافلته عن طريق أحد أقاربه لهذه العصابة مقابل 5 ملايين سنتيم شهريا، دون علمه بنشاط مؤسسة النقل الوهمية. وهي التصريحات التي استند عليها دفاعه، مطالبا بتبرئته، موضحا أن موكله أمضى على ورقة بيضاء كونه «أميّا»، مطالبا بتبرئته ثانية.
وقد التمس ممثل الحق العام تشديد العقوبة في حق المتهم الرئيس، بعدما سبق وان أدانته بعقوبة سنة سجنا نافذا ومتابعته بتهمة الاحتيال والنصب والتزوير واستعمال المزور في محررات إدارية، متمثلة في تزوير أزيد من 50 ملفا قاعديا لنحو 50 حافلة من نوعي إيزيسي وتويوتا، باستغلال هويات شباب معظمهم عديمو المستوى التعليمي ينحدرون من المناطق الريفية بإقليم التراب الوطني في استخراج هذه المركبات.