التّواجد في الطّريق الصّحيح لضخ المنتوج الوطني نحو الأسواق الخارجية
التّصدير نحو إفريقيا مع نهاية عام 2017 سيكون برّا
سلّط محند السعيد نايت عبد العزيز رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الضوء، على واقع التصدير في الجزائر، وعكف على تشريح العوامل التي من شأنها أن تساعد على بلوغ هدف التصدير، وتحدّث عن التحضيرات الجارية للمنتدى الجزائري الإفريقي المقرر عقده خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر الداخل، وأكّد أنّ الاقتصاد الوطني يوجد في منعرج حقيقي للتحول نحو آفاق متطوّرة، في ظل إرساء العديد من الإجراءات التسهيلية، ووجود الإرادة السياسية، وتوفّر الاستعداد لدى الشّركاء الاقتصاديّين والاجتماعيّين، ويعتقد في سياق متّصل أنّ جميع الفاعلين يتقاطعون حول رؤية واحدة، من أجل إيجاد الحلول الفعلية، لتنويع الاقتصاد وتسريع وتيرة التصدير نحو الأسواق الخارجية. وآثار بالموازاة مع ذلك التحديات التي تواجهها المؤسّسة الصّغيرة المتوسطة، من بينها النّقص الكبير في عملية تمويلها إلى جانب الكشف عن رأيه في مشروع القانون التوجيهي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذي ينتظر أن يطرح في الأيام القليلة المقبلة على المناقشة والمصادقة.
❊ الشعب: يتوقّع أن يكون عام 2017 منعرجا حقيقيا لتثبت المؤسّسة الإنتاجية الجزائرية أدائها على صعيد إرساء ديمومة في عملية التصدير..هل الآلة الإنتاجية في مستوى التّحدي الرّاهن؟
❊❊ رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريّين محند السعيد نايت عبد العزيز: يمكن القول أنّ الاقتصاد الوطني يوجد في منعرج حقيقي للتحول نحو آفاق متطورة، في ظل إرساء العديد من الإجراءات التسهيلية، ووجود الإرادة السياسية، وتوفّر الاستعداد لدى الشركاء الاقتصاديّين والاجتماعيّين، وللعلم أن كل الفاعلين يتقاطعون حول رؤية واحدة، من أجل إيجاد الحلول لتنويع الاقتصاد وتسريع وتيرة التصدير نحو الأسواق الخارجية، عقب تراجع أسعار البترول منذ نحو سنتين. والأكيد في كل هذا أنّ الجزائر تسير في طريق النمو بخطوات ثابتة، بفضل النظرة الموحدة لمختلف الفاعلين، حيث سعت الحكومة لتقديم مصلحة الاقتصاد الوطني، وبالمقابل وضع المؤسسات العمومية والخاصة بعين الاعتبار، من خلال إطلاق إجراءات ملموسة على أرض الواقع لتحسين مناخ الأعمال، هذا ما جعل الترتيب العالمي للجزائر على صعيد مناخ الأعمال يتحسّن كثيرا، أي بعد قفزها بنحو 30 مرتبة، وكل الجهود المبذولة دون شك سوف تنهي العراقيل، التي كانت تخيم على مناخ الأعمال. ولا ننسى أنه في آخر قمة ثلاثية اتّسمت بالحوار المعمّق، كان الوزير الأول عبد المالك سلال قد فتح أبواب الاتصال المباشر مع منظّمات أرباب العمل، وأكد امكانية رفع إليه جميع الانشغالات ليحسم فيها، أما فيما يتعلق بترقية التصدير فالمشكل يمكن وصفه بالآني والحسّاس، ولقد انتعش التصدير في الآونة الأخيرة، على اعتبار أنه قبل عشر سنوات لم نكن في الميدان، أما اليوم الأمر اختلف كثيرا، ومسار التصدير بدا أكثر وضوحا، كون التصدير يقوم ويتحقّق بتوفّر عاملين جوهريين، ويتعلق الأمر بوجود مؤسسات إنتاجية عمومية وخاصة، لكن تحتاج هذه الأخيرة إلى إرساء ظروف ملائمة للتصدير، وعقب تكريس السلطات العمومية للإجراءات الموجّهة لتسهيل وتشجيع عملية التصدير الضرورية. نخلص إلى القول في هذا المقام، أنّنا في الطّريق الصّحيح لضخ المنتوج الوطني نحو الأسواق الخارجية، حيث كان محافظ بنك الجزائر قد تطرّق إلى مسألة وضع تنظيم لفائدة المؤسسات الراغبة في التصدير، أي توجد مقاييس وإجراءات للمؤسسة الراغبة في التصدير، ولم يبق الكثير لتذليل الصّعاب الموجودة. ويأتي المنتدى الجزائري الإفريقي المقرّر انعقاده خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر الداخل، كخطوة حقيقة للتواجد في الأسواق الإفريقية، التي تأخّرنا بالفعل في اقتحامها والتواجد في قلبها، واستغلال في كل ذلك رصيد الجزائر ومكانتها في إفريقيا على الصعيد السياسي والدبلوماسي والجيو استراتيجي.
إذا حان الوقت من أجل تأطير التصدير والذهاب بثقة وفعالية نحو الأسواق الإفريقية، كون البضائع الأوروبية تعبّر من الجزائر لتتدفّق في إفريقيا، لذا استغلال الإمكانيات المتوفّرة والإرادة السياسية القوية، والتّشمير على السواعد وتغيير الذهنيات، بات ضروريا لتنطلق الآلة الاقتصادية وتلعب دورها، ويتوقّع أن تصبح الجزائر في آفاق 2019 قوة اقتصادية إقليمية.
نقص في تمويل المؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة
❊ تبذل جهود كبيرة، وأطلقت إجراءات تسهيلية ملموسة لفائدة التّصدير، لماذا لا يزال المستوى أقل مما يجب أن يكون من أجل تحقيق الإقلاع الحقيقي؟
❊❊ في آخر قمّة ثلاثية، تحدّث الشّركاء المجتمعين عن تحدي البيروقراطية التي يواجهها الاقتصاد، في ظل الرهان على إنتاج المؤسسات الخاص، وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد أبدى استعداده لرفع إليه جميع الانشغالات العويصة التي صعب حلها، لكن في الميدان توجد العديد من العراقيل، خاصة على مستوى بعض الإدارات المحلية، بسب تعوّدها على منحى وروتين تعمل به، ويضطر المتعامل والمستثمر في كل مرة على التردد لإحضار وثائق تنقصه وتجديد أخرى، يتطلب منه وقتا أكبر لاستخراجها أو الحصول عليها، بالرغم من وجود جسور مباشرة بين الشركاء الاقتصاديين ووزارتي الصناعة والتجارة، حيث بواسطة الهاتف تمّ معالجة العديد من المشاكل، لكن على أرض الواقع مازالت العراقيل ماثلة. ونقترح الصّرامة وعقاب كل من يعرقل مناخ الأعمال، وبذلك تحاسب الإدارة على المردودية، وهذا ما هو مطلوب في الوقت الحالي، حتى تختفي البيروقراطية بشكل فعلي.
حوكمة الاقتصاد وإضفاء الشّفافية
❊ ما هي العناصر التي تساعد على بلوغ هدف التّصدير..وما هي الجوانب التي تعتبرونها معرقلة له؟
❊❊ لا ننكر أنّ الوضع تحسّن كثيرا، في ظل قانون الاستثمار المعدل، حيث يمنح الأولوية للمؤسسة الوطنية وكذا الإنتاج الوطني، لذا نثمّن كثيرا هذا التغيير الايجابي لفائدة الاقتصاد الجزائري، ويضاف إلى ذلك أنّه في مجال التجارة الخارجية، تمّ كبح الاستيراد بنسب متفاوتة. ومن العوامل الرئيسية التي ساهمت في تحسين محيط الاستثمار، انفتاح مصالح الضرائب بآذان صاغية على المؤسسات، وتقوم بمعالجة جميع المشاكل في ظرف قياسي لا يتعدى الـ 48 ساعة، لكن المشكل الذي مازال يعرقل، نذكر النقص في تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في ظل حاجة الجزائر الماسة إلى استحداث نسيج مكثّف من المؤسّسات الصّغيرة والمتوسطة، للوصول إلى تحقيق شبكة معتبرة، في ظل وجود إرادة سياسية قوية، وعلى اعتبار أن الجزائر في حاجة ماسة إلى خلق ما لا يقل عن ٥ . ١ مليون مؤسسة مصغرة ومتوسطة عبر كامل التراب الوطني، حتى تكون التغطية شاملة على مستوى جميع الولايات، وحتى يخلق في جميع المناطق مناصب الشغل والثروة. وهذا ما نركّز عليه في الوقت الرّاهن، وما ينقص سوى التمويل بالشّكل المطلوب، ونذكر أن رئيس الجمهورية في عام 2009 أمر برصد 5 . 5 ملايير دينار لتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومنحها أهمية كبيرة، لكن بعد ذلك واجهت هذه المؤسسات البيروقراطية. لذا تمويل المؤسسة بات من الضروريات، فعلى سبيل المثال عندما تحتاج المؤسسة إلى تغيير بعض الآلات، يفترض أن تمنح قروضا من أجل تحسين إنتاجها والرفع من قدرات أدائها.
❊ ماذا عن تنافسية الأسعار ومدى توفّر الخبرة حول الأسواق الخارجية لدى المتعامل الاقتصادي الجزائري؟
❊❊ صحيح هناك بعض المؤسسات مازالت تنتظر ما تمنحه لها الدولة، لكن لبلوغ سقف عال من التنافسية يحتاج الأمر مواصلة السير نحو حوكمة الاقتصاد وإضفاء الكثير من الشفافية، ويتطلب أن يكون لكل مؤسسة نظام معين للتّصدير، لكن هذا لا يمنع وجود مؤسسات خاصة لها القدرات الكافية لاقتحام الأسواق الخارجية، لذا نحن اليوم مطالبون بتطهير جذري لمناخ الأعمال، مع تكريس الحوكمة من أجل كسب جميع رهانات التصدير التي تتطلّع إليها الجزائر، واستغلال الإجماع الموجود بين جميع الفاعلين، ولا ننكر وجود جيل من المؤسسات الخاصة، لديها القدرات والرؤية الإستراتيجية الواعدة، ويمكنها التفاوض على الأسواق واقتحامها من دون أي عقدة، والمطلوب في الوقت الحالي من رؤساء وأصحاب المؤسسات المشاركة في خلق الثروة وتسديد الرسوم الجبائية ودفع أجور العمال، ويجب القضاء النهائي على السوق الموازية، والحسم في هذا المشكل الذي يعيق الإنتاج الوطني.
مشروع القانون توجيهي للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة يحرّر المبادرة
❊ تعتبر الشّراكة الجزائرية بين المؤسّسات الخاصة والعمومية حتمية لاقتحام الأسواق الخارجية بقوة..لكن مازالت مشاريع الشّراكة شبه غائبة في هذا المجال؟
❊❊ يمكن استغلال الشراكة الجزائرية أي من خلال المؤسسات العمومية والخاصة، خاصة أنّ الحكومة خلال العام الماضي، كانت قد فتحت رأس مال القطاع العمومي لمشاركة القطاع الخاص، وفعلا ضيّعنا الكثير من الوقت في السابق، لكن يمكن استدراكه حاليا، على اعتبار أن كل شيء بات جاهزا، ويمكن إلى جانب ذلك البحث عن شركاء ومستثمرين أجانب لجلب خبرتهم في إطار القاعدة الاستثمارية 49 و51، علما أنه يوجد الضوء الأخضر لاقتحام الأسواق الإفريقية بقوة وثقة كبيرة.
❊ ماذا حضّرتم كورقة طريق خلال المشاركة في المنتدى الجزائري الإفريقي، المقرّر عقده خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر الداخل؟
❊❊ بالفعل يعد لقاءً هاما جدا، حيث سوف يحضر فيه ما لا يقل عن 1500 مشارك، بل يمكن وصفه باللقاء الاستراتيجي، من أجل الوصول في إطار الشراكة مع الأفارقة، لافتكاك امتيازات في أسواقها الواعدة بالنسبة للجزائر. ودون شك قد تمّ تحضير لهذا المنتدى ملف مهني من أجل الشرح والتعريف بالقدرات الإنتاجية، إلى جانب وجود عيّنات سوف يكشف عنها العديد من العارضين، للتعريف بالمنتوج الوطني، وبالتالي السماح للإنتاج الوطني كي يصدّر نحو إفريقيا، أي تمّ إعداد أرضية من أجل اقتحام السوق الإفريقية، وينبغي في كل ذلك استغلال موقع الجزائر الجيواستراتيجي الرابط بين الجنوب والشمال. ومن المقرر أن تتمكّن الجزائر من التصدير إلى إفريقيا مع نهاية عام 2017 برا أي عبر الطريق، ويندرج هذا المنتدى في إطار التطلع لاحتلال الجزائر لمكانتها التي تستحقّها وكسر «طابو» التخوف من هاجس التصدير، لأن التصدير صار حتمية لا يمكن الاستغناء عنها في إطار السهر المتواصل لتنويع الاقتصاد والتصدير بقوة خارج قطاع المحروقات.
❊ هناك مشروع قانون توجيهي للمؤسّسات الصّغيرة والمتوسطة..هل اطّلعتم عليه وما رأيكم كمنظّمات أرباب عمل؟
❊❊ نثمّن جهود وزير الصناعة في وضع إطار قانوني من أجل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حتى تنخرط المؤسسة الإنتاجية في خضم الدينامكية الاقتصادية الراهنة، في وقت تعيش فيه الصناعة تحوّلا مهمّا وخطوات تقدّم ملموسة، وحتى يتسنّى للمؤسسة من القفز إلى مرحلة التنوع المطلوب ورفع تنافسية منتوجها. ولعل أهم ما جاء في مشروع القانون الجديد، من شأنه أن يحرّر المبادرة للآلة الانتاجية، ويدعّم على أرض الواقع المؤسسة من خلال تسهيل نشاطها، ومنحها هامشا مهما لتطوير قدراتها وتوسيع نشاطها ومضاعفة إنتاجها، والعناية كذلك بالجودة المطلوبة بل والمشترطة في المنتوج، سواء ذلك الذي يسوّق محليا أو المصدر نحو الخارج، ولعل هذا القانون من زاوية أخرى، يفتح مرحلة جديدة للمؤسسة لتقدم أكثر وتساهم في رهان التّصدير كما ينبغي.